16‏/11‏/2013

النقابات المهنية والحرفية فى مصر تحت حكم الرومان



 بقلم الباحثة
نسمة جابر
الباحثة فى الحضارة الرومانية بجامعة القاهرة


كان التجار والحرفيون ينتظمون فى جماعات أشبه بالنقابات المهنية والحرفية والعمالية،إذ نعلم من الوثائق البردية وجود نقابات للمكارية،والاسكافية،وللقصارين،والصباغين،والنساجين،والفخرانية،ولصانعى الزجاج،وللبحارة،وربانية السفن ،وتجار الملح،ونحاتى الكتابة الهيروغليفية،وللجزارين،والحدادين،والخبازين،والترزية،ومرممى الثياب،والبنائين،والنجارين،وغيرهم من أصحاب الصناعات والمهن الحرفية. كما تحدثت وثائق القرن الرابع الميلادى وما تلاه عن قيام نقابات للخبازين،والنحاسين،وصناع الجعة،والزياتين،بعد إصلاحات دقلديانوس الشهيرة التى سمح فيها بقيام مثل هذه النقابات :بعضها كان قديم قدم التاريخ مثل :الفخرانية وجدالى السلال

والبعض الاخر إستحدث نتيجة للتطور الصناعى وتلبية للسياسة الإجتماعية والإقتصادية للإمبراطورية الرومانية مثل الزجاجين .ولدينا بضع وثائق ترجع للقرن الاول الميلادى فى صدر الحكم الرومانى تكشف لنا عن بعض جوانب هذه التجمعات المهنية ،فقد كان لكل جماعة من هذه الجماعات المهنية والحرافية لوائحها الداخلية التى يلتزم بها اعضاؤها ويقسمون يمين الشرف على احترامها ،وعدم مخالفتها أو الخروج عليها ،بل كانت هذه النقابات تتولى تحديد أسعار وأجور خدمتها ،وتعيين أيام الأجازات والعطلات،ونوعية الجزاءت التى تفرض على الاعضاء الذين لا يلتزمون بتقاليد وأصول المهنة،وفرض الغرامات على الذين يتغيبون عن حضور إجتماعتها

هذا من ناحية المسؤليات أما من ناحية الحقوقفقد كانت النقابات تقف الى جانب اعضائها وتقدم لهم المساعدات فى الملمات والمحن والمرض والعجز وحالات الوفاة ،اذ كانت النقابة تتكفل بنفقات جنازة العضو او من يعولهم ،وتقوم بتعويضهم عن الإصابة والعجز ففى حالة وفاة عضو من اعضاءالنقابة كان على زملائهم ان يحلقوا رؤسهم ويقيموا مأتم ليوم واحد وان يدفع كل واحد منهم دراخمة واحدة ورغيفين خبز لعائلة المتوفى ،أما فى حالة وفاة قريب من أقارب الاعضاء فيقام مأتم ليوم واحد ومن يتخلف عن ذلك يدفع غرامة مثلما فى حالة التخلف عن حضور الجنازة او وضع إكليل على القبر . وفى المناسبات السعيدة كالزواج أو الإنجاب كانت النقابات تقدم لهم مساهمات مالية


كما كانت تتولى دفع الضرائب عن الاعضاء وكذلك ضرائب الهاربين والمتوفين وغير القادرين بحكم تضامن الاعضاء فى المسؤلية،والابلاغ عن من يظهر من الفارين . ومن مظاهر النشاط النقابى الوليمة الشهرية التى كانت من أهم ملامح الحياة النقابية فى مصر ،حيث يجتمعون مع نقيبهم لتناول الطعام والشراب ،غير ان هذه النقابات التى ساعد الرومان على قيامها لم يكن الهدف منها حماية مصالح اعضائها إنما الغرض منها أولا وأخيرا الحفاظ على مصالحهم هم وتلبية إحتياجتهم ،وكل مايخدم السلطة فى مصر ووضع اصحاب المهن والحرف والصناعات تحت رقابة السلطة ،ومنع الإضربات وحركات الاعتصام او رفع الاجور مما يثير غضب الناس ويشكك فى قوة الإمبراطورية على الإمساك بزمام الأمور فمثلا عندما تطالب الجيوش الرومانية بحاجتها الى اغطية وملابس لجنودها،تسارع ادارة السلطة بالاتصال نبقيب النساحين فى الاقليم المطلوب لجنوده الملابس،بدلا من الاتصال بمئات النساجين كل على حدة،كما أن ادارة السلطة فى هذه الحالة تشرك كل اصحاب المهنة فى المسؤلية وتحملهم عاقبة التكاسل فى حالة عدم تنفيذ الطالب فى الوقت المحدد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق