16‏/12‏/2014

ماهر محمد وجدي يكتب لنا..المصري القديم والألوان




ماهر محمد وجدى
المنسق العام للحملة القومية للوعى الاثرى والباحث في المصريات

عرف المصرى القديم الالوان،وكيفية الحصول عليها،ففى اوائل الاسره الثامنة عشرة كانت خلفية الصورة تُطلى بالطلاء الذى يُسمى حالياً"رمادى فرنسي".وفى الحالات الاستثنائيه كان هذا الطلاء اصفر اللون كما فى مقبرة "توت عنخ امون".وفيما بعد فضلوا اللون الابيض للخلفيات،ولكن اللون الاصفر كان منتشراً جداً فى عهد الرعامسه.

كانت الالوان تُحضر على لوحة الوان صغيره،اما اكاسيد الحديد ذات اللون الاصفر والاحمر والاحمر الطوبى فكانت من الصبغات الارضيه"الصبغات الموجوده فى التربه"،ولم تكن تتغير كثيراً على مر السنيين.واما اللون الابيض الجيرى فكان يقوم فى ذلك الوقت بنفس الدور الذى يقوم به فى عصرنا الحاضر اللون الابيض الصينى فى الرسم؛اى انه كان يُستخدم اما منفرداً او بعد خلطه بالالوان الاخرى لتخفيف حدتها وجعلها فاتحه اكثر.

اما اللون الاخضر فكان يُحضر بمزج اللون الازرق باكسيد حديد اصفر او الرهج الاصفر،او يُحضر احياناً من املاح النحاس،الا ان املاح النحاس لم تكن ثابته لذلك كان اللون الاخضر المستمد منها يتحول الى لون الصدأ.وكان من الصعب دائماً تحضير اللون الازرق،الذى كان يُصنع من المواد المُتكلسه النحاسيه فتُطحن جيداً حتى تصير مسحوقاً ناعماً ودائماً يشوبها الخضار.

وامكن الحصول على نتائج افضل بسحق ماده صناعيه اخرى هى الازرق المصرى"النيله" التى تتركب من رباعى ساليسلات النحاس والكالسيوم،وهذا اللون يُعطى ظلاً فيروزياً قريباً من الازرق .اما وسيط الاذابه  فكان دائماً الصمغ المُذاب فى الماء ،ولذلك يُعتبر التلوين المصرى من انواع التلوين الغروى.وكانوا يخصلون على اللون الاسود من السناج"الهباب" او من "البلامباجو"الذى لم يكن يتدمج مع الوسيط فيتساقط من الحوائط مُخلفاً وراءه صبغه خفيفه للغايه.وقد كان فقط اللون الاسود اكثر ظهوراً فى العصور الملونه للشعور،وتتخذ الشعور المستعاره التى نجدها احياناً لون القش الباهت لا اللون الاسود الكثيف.

وكان تنغيم اللون على الحوائط عريضاً،مما يؤثر على الخامه المصوره فى بعض الاحيان ويكون سبباً فى تشويه او خشونة الاسطح الجصيه؛وعدم نقاء اللون او ظهور اثار حدة الفرشاه فى حالة عدم تشبعها باللون بدرجه كافيه.وكان التظليل قليل الاستخدام جدا،ولكنه كان موجودا فى بعض صور عصر الرعامسه المتقدم.وعلى العموم فقد كان التلوين يحاول بقدر الامكان محاكاة لون الشئ الاصلى المُمثل فى الصوره.فقد كانت المراعى تُعطى لوناً اخضر،والطين اللون الاسود،والماء لونا ازرق والملابس الكتانيه لونا ابيض كذلك الفضه ،اما الذهب فكان يُعطى اللون الاصفر.اما لون البشره فكان تلوينه يجرى حسب تقاليد معينه،فكانت بشرة الرجال تُعطى لوناً بنيا مائلا للاحمرار،وبشرة النساء تلون بلون شاحب صلصالى مائل للاصفرار،وكان النوبيون والاجناس السمراء تُعطى اللون الاسود فى العاده،والاسيويون يُلونون بلون بنى مائل للاحمرار،وعند وجود مجموعه من الرجال فى خطوط متداخله كانوا يستخدمون فكرة التلوين المتبادل للون الفاتح فالداكن وهكذا تبادليا.

كان المصور لا يلجأ للخداع اللونى الا عند تلوين فراء الحيوانات وريش الطيوروقشور السمك،ولاظهار بعض الملامح المعماريه امكن للمصور ان يحاكى بنجاح ومهاره تحببات الخشب المحتوى على العقد وكذلك حبيبات الجرانيت الاحمر.كما كان يمكنه ايضاح التعريقات والسطوح المغطاه بالحصى فى الاوانى المصنوعه من صخر البريشه او الرخام المعروق او الاطواق العريضه على الاوعيه الرخاميه متعددة الالوان.

فى مقبرة "تى"بسقاره نجد المصور قد حاول اظهار ارجل الماشيه والكلافين تحت مياه احدى المخاضات وكل هذه الجهود؛لاظهار الاشياء بطريقه حيه بواسطة التلوين،لم تكن فى الواقع خروجا عن رؤية الفنان المصرى اللامنظوريه للحقيقه ولكنها فى الوواقع حاله من حالات النشاط الفنى واهتمام الفنان وسعادته بابراز فنه فى اظهار التفاصيل الدقيقه للاشياء،كذلك التى قام به المثالون فى لوحات"حسى"عندما اهتموا عند نقش صوره باظهارعضلات الجذع والاطراف وعظام الترقوه وتموجات الشعر .ومع ذلك فان اساسيات التصوير لم تتغير،فهى ثابته حيث تُظهر موضوعالعمل الفنى كما يتمثل فى ذهن الفنان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق