05‏/03‏/2015

دراسة تكشف تاريخ اللغة القبطية وأهميتها


علاء الدين ظاهر


كشف الباحث أحمد مصطفي عبد العزيز مفتش آثار بمنطقة تل العمارنة بالمنيا عن تاريخ وأهمية اللغة القبطية وذلك في دراسته التي أجراها بعنوان"مجموعة شواهد قبور قبطية من أنصنا ومنقباد في الفترة من القرن الثالث إلي القرن السابع الميلادي..دراسة تحليلية لغوية وحضارية مقارنة",حيث أكد اللغة القبطية هي آخر مرحلة من مراحل تطور اللغة المصرية القديمة وقد تم التعرف على تاريخ اللغة وسماتها من خلال آلاف الكتابات التي خلفها لنا المصريون القدماء والتي أمكن قراؤتها ودراستها منذ اللحظة التاريخية لاكتشاف حجر رشيد وفك شفرة الكتابة الهيروغليفية والهيراطيقية والديموطيقية وحتى إحلال الخط القبطي محلها جميعا في ما عرف باللغة القبطية فالقبطية هي نتاج فكر الإنسان المصري القديم في مجال اللغة والكتابة وهى تمثل الخلاصة المستخرجة من رحلة طويلة من التطوير والتحديث الذي قام به المصري القديم بداية من استخدام خطه الهيروغليفي لما أعقبه بالخط الهيراطيقي الذي تزامن مع الخط الهيروغليفي طوال عصور الحضارة المصرية ثم ولادة الخط الديموطيقى في القرن السابع قبل الميلاد

وتابع:ينبغي أن نذكر أن كلمة قبطي تعنى من حيث الأصل "مصري" وذلك انطلاقا من المصرية الفرعونيةhet  ka ptah   وتعنى حرفيا "حوت كا بتاح" أي منفيس والتي أصبحت بالعربية قبطي وقد استعملت هذه الكتابة ابتداء من القرن الثالث لميلاد المسيح عليه السلام حتى القرن العاشر الميلادي ومازالت تستعمل حتى الآن في كنائس المسيحيين المصريين .  أما عن اللهجات القبطية فإنه يمكن تقسيمها إلى ثلاث مجموعات كل مجموعة تحتوى على لهجة رئيسية، ومجموعة لهجات أقل أهمية ولهجات أخرى يمكن أن يطلق عليها لهجات فرعية وهذه المجموعات هي:مجموعة اللهجات الصعيدية (Sahidic).مجموعة اللهجات البحيرية (Bohairic).مجموعة لهجات مصر الوسطى

وقد أشار الباحث إلي الأماكن الخاصة بشواهد القبور والتي كانت محل الدراسة وهي أنصــنا وتكتب في القبطية باللهجة الصعيدية (S) antnoou وفى اليونانية ’Aντίνοου ),أما في العربية تكتب بفتح الألف وسكون النون وكسر الصاد المهملة ثم نون ثانية وألف، وهى بلدة بالصعيد الأوسط وبها آثار عظيمة وهى على شط النيل من البر الشرقي قبالة الأشمونين ولها مزدرع كثير،أنصنا مدينة قديمة البناء كثيرة الثمار غزيرة الخصب وهى المدينة المشهورة بمدينة السحرة ومنها جلبهم فرعون،وكانت تسمى قديما انتويت ويستفاد من كلام المؤرخين أن قيصر الروم هدريان هو الذي أمر ببناها ثم أصبحت مركزا للأقاليم القبلية عوضا عن مدينة الأشمونين وهى القرية المعروفة الآن بالشيخ عباده

ومنقباد وتعنى "منقباض أو موضع الكاسات" وسميت بموضع الكاسات نظرا لشهرتها بصناعة الأوانى الفخارية وتكتب فى القبطية باللهجة الصعيدية (S) بعدة أشكال منها mankapwt ، mankapot ، mankapat بينما تكتب في اللهجة البحيرية (B) man[apwt ,وهى من القرى القديمة، ذكرها جوتيه في قاموسه: قرية باسم Magabi أو Magoubt وقال إنها واقعة بين القوصية شمالا وكوم أسفحت جنوبا ولعلها تكون منقباد، التي اسمها القبطي Mankabout، وبالعربي منقباض أو منقباط.,وذكرها إميلينو في جغرافيته فقال: إن اسمها القبطي Mankapot وبالعربي منقباض. وردت في معجم البلدان منقباط، قرية على غربي النيل بصعيد مصر قرب مدينة أسيوط ,حيث ترجع أهمية تلك المدن للجوء عدد كبير من القديسين والرهبان للعيش بهما حيث كانت إنصنا يحكمها والى يدعى إريانوس والذى إشتهر بتعذيب المسحيين الأوائل وقتلهم إلى أن إعتنق المسيحيه فيما بعد لذا فالمدينة يوجد بها جبانة ضخمة للعديد من الشهداء من المسيحيين الأوائل أيضا تحتوى المدينة على عدد كبير من الكهوف فى جبالها كانت عباره عن سكن للمسيحيين فى فترات الإضطهاد أو أماكن تعبد للرهبان، أما عن منقباد فكان يوجد بها مدينة قبطية كاملة مازالت أطلالها بقاية حتى اليوم.

وأوضح الباحث أنه على الرغم من الأهمية البالغة لدراسة شواهد القبور القبطية إلا أنها لم تحظى بإهتمام العديد من الباحثين والدراسين لعلم الآثار المصرية وذلك لإعتبارين,أولهما صعوبة دراسة شواهد القبور القبطية من الناحية اللغوية والحضارية لما تحتويه من عبارات وصيغ  وكلمات بالخط القبطى يصعب على الكثيرين قرائتها وترجمتها وتحليل مافيها من كلمات وصيغ,وثانيا ندرة هذه الشواهد آن ذاك وصعوبة الوصول إلى أماكنها سواء المناطق المكتشفة بها أو الأماكن المحفوظه فيها (المخازن المتحفية - المتاحف العامة ) بما لايسمح بالكتابة عنها أو ما تحتويه من نصوص غير ذات أهمية لكثير من الباحثين أو لأنها ربما اكتشفت فى فترات حديثة عن معظم الكتابات القبطية الأخرى بالإضافة إلى أنها غير منشورة على الرغم من كونها مسجلة فى سجلات المخازن والمتاحف المصرية. 

وحول أهمية الدراسة قال أنه تعتبر شواهد القبور تخليدا لذكرى أصحابها وسجل شامل لأعمالهم، وذلك لما لها من أهمية بالغة حيث انها سجلا للوفيات فى المناطق التى توجد بها بالإضافة إلى أنها تؤرخ لفترات حياتهم وأعمالهم كما أنها لها أهمية خاصة فى التأريخ لبعض الأحداث التاريخية الهامة والتى عاصرها هؤلاء الأشخاص وربما شاركوا فيها,وتمدنا الشواهد فى كثير من الأحيان بتواريخ محددة لفترات حكم الأباطرة والملوك والولاة وأسمائهم وألقابهم وأهم الأحداث فى سنوات حكمهم فهى تعتبر وثيقة هامة وسجل تاريخى وحضارى لهذه الأحداث,ومن الناحية اللغوية لا تقل الدراسة أهمية حيث أننا من خلال دراستنا للكتابات الموجودة على شواهد قبور موضع البحث يمكننا التعرف على شكل الكتابة على تلك اللوحات وأهم اللهجات المستخدمة فى كتابتها وأيضا الصيغ العبارات التي تكون منها شاهد القبر القبطي. 

وحول أهم النتائج التى توصل إليها الباحث من خلال الدراسة,فإنه أولا نشر 30 شاهد قبر تنشر لأول مرة فى البحث موضع الدراسة، مع ترجمة ووصف وتحليل لهذه الشواهد,كما إستطاع الباحث من خلال دراسة مجموعة الشواهد سابقة الذكر التعرف على سمات وخصائص شواهد القبور فى كل من أنصنا ومنقباد. ويتكون شاهد القبر من عدة صيغ كتابية متباينة ومختلفة ومتكررة وكل صيغة من هذه الصيغ متعددة ومتنوعة,كذلك قدم الباحث من خلال دراسة الشواهد قراءة لغوية أثرية حضارية إجتماعية من خلال شواهد القبور محل الدراسة,وتمكن الباحث من خلال دراسة الصيغ المكونة لشواهد قبور المنطقتين ومقارنتها  بعضها البعض من تأريخ العديد من الشواهد الغير مؤرخة إعتمادا على شواهد مؤرخة

كما توصل الباحث من خلال دراسة شواهد قبور أنصنا منقباد إلى صيغ ومضامين تذكر لأول مرة ومن أمثلة ذلك الصيغة اليونانية ANAPAUCoN بمعنى "راحة أو بقية",كذلك توصل الباحث من خلال شواهد قبور موضع الدراسة إلى قراءة حضارية وإجتماعية لكل من أنصنا ومنقباد وتمثل ذلك في التعرف على العديد من الوظائف التي كانت سائدة فى ذلك العصر إضافة إلى الألقاب التي ارتبط أغلبها بكبار رجال الدين والكهنة والأباء أيضا التعرف على أسماء العديد من الشهداء والقديسين والرهبان الذين دفنوا فى كل من منطقتي أنصنا ومنقباد وذلك من خلال ورود أسمائهم على شواهد قبور محل الدراسة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق