حاجة الإنسان إلى الماء دفعته منذ القدم إلى الاهتمام بمصادر المياه، والحفاظ عليها، وتشييد المنشآت المائية من سدود وقناطر وترع وخزانات وأسبلة وشبكات للمياه. ولهذا ارتبطت بمياه الشرب مجموعة من المهن القديمة، التي ظلت سائدة في المجتمع حتى عهد قريب، ثم اختفى بعضها أو انقرض لتطور الحياة واستغناء الناس عن هذه المهن.
ومن أهم هذه المهن القديمة؛ مهنة السقا,تلك المهنة التي كانت مطلوبة وسائدة في المجتمع المصري والعربي في فترات سابقة قبل إنشاء محطات وشبكات المياه الداخلية في المدن الكبيرة، ودخول المياه إلى البيوت.وانتشرت مهنة السقاية في المجتمع المصري خلال العهود السابقة، وكانت معروفة لدى الجميع، وتعتبر من المهن والوظائف المهمة في عصر الخلفاء والولاة المسلمين في مصر منذ الفتح الإسلامي، وكان للسقائين شيخ طائفة وأماكن للتجمعات وأخرى للسكن.ومما يذكر أن دار (عبدالعزيز بن مروان) الوالي على مصر في العهد الأموي، كان يحمل إليها نحو أربعمائة رواية ماء في كل يوم.
من هو السقا؟
السقا وفق تعريف المؤرخين المصريين، هو الشخص المسؤول عن نقل المياه من الخزانات ونهر النيل إلى المساجد والمدارس والمنازل، وأسبلة الشرب العامة، وذلك لعدم وصول المياه إلى هذه الأماكن لخدمة الأهالي. وكان يتحمل الكثير من الصعاب من أجل توفير الماء للمحتاجين إليه، وكانت الأخلاق والأمانة هما رأس ماله.
ففي الماضي كانت بيوت القاهرة تعتمد على السقا تماماً، إذ لم تكن قد ظهرت صهاريج المياه أو الصنابير التي لم نكن نجدها إلا في القصور الملكية، مثل قصر الأمير محمد علي باشا، والمساجد الفخمة، فكان السقا هو مصدر المياه الوحيد في كل بيت، يجلب الماء من الآبار أو الخليج المصري الذي كان يصب في ترعة الإسماعيلية، وهو يبدأ من شارع بور سعيد ثم يتفرع ليصب في حارة السقائين.أما وسيلته لنقل المياه فكانت القرب المصنوعة من جلد الماعز، والمملوءة بالماء العذب، والتي يحملها السقاؤون على ظهورهم،وقد تكون الوسيلة برميلاً كبيراً مملوءاً بالمياه، ركبت فيه حنفيات من الخلف، وتجره الدواب كالحصان والحمار.
اختيار السقا واشتراطات المهنة
كان هناك اختبار مبدئي يلزم للمتقدم للعمل في مهنة السقا اجتيازه، لكي يلتحق بطائفة السقايين، وهو أن المتقدم لابد أن يحمل قربة وكيساً مليئاً بالرمل يزن حوالي 67 رطلاً لمدة ثلاثة أيام وثلاثة ليالي، دون أن يسمح له بالاتكاء أو الجلوس أو النوم.
كما كان يلزم أن يتصف السقا ببعض المواصفات، أهمها: أن يكون أميناً، وحريصاً على عدم تلوث المياه أثناء نقلها من النيل إلى المنازل وأسبلة الشرب العامة، وأن تكون القربة غير مصبوغة لكي لا تتلوث المياه باللون، ولا تكون بها أي ثقوب تنقص من كمية المياه.
إخماد الحرائق
اللافت للنظر أن السقائين لم يكن يقتصر دورهم على حمل المياه وتوصيلها للمنازل، بل لعبوا دوراً كبيراً في إخماد الحرائق، إذ كانت تؤخذ عليهم التعهدات باستعدادهم للحضور كلما دعت الحاجة إليهم ليلاً أو نهاراً. فكان هؤلاء السقاة يهرعون إلى إخماد نيران الحرائق، فإذا شب حريق في مكان ما، أسرعوا بقربهم وبراميلهم، وأعانهم في ذلك كل من كان عنده وعاء يستحق الذكر,كما كان (السقا) يقوم بعملية رش الأسواق والأزقة الترابية، بغية تبريدها في فصل الصيف، ويعمل على توزيع الماء للعطشى من المارة مجاناً.إلى جانب حرفته التي تدر عليه ربحاً زهيداً. وكان دور السقا الحقيقي يبرز في المناسبات كشهر رمضان والعيدين، وفي الموالد والأفراح والطهور (الختان)، فكان أهل الخير يمنحونه كسوة جديدة في الأفراح، ويقدمون له اللحوم في الأعياد.
طوائف السقائين
تمركز السقاؤون بالقاهرة القديمة، في حي يسمى (باب البحر)، وهو يقع بجانب باب زويلة، وسمي بهذا الاسم عندما قام السلطان صلاح الدين الأيوبي بتشييد باب يطل على النيل سنة (569هـ/1174م) في نهاية السور الشمالي الغربي للقاهرة، حيث حرص السقاؤون على التواجد بالقرب من مصادر المياه والمتمثلة في نهر النيل.وكانت هناك خمس طوائف للسقائين، ولكل منها شيخ طائفة يتولى شؤونها وينظم عملها، منها: طائفتان في باب اللوق، الأولى تقوم بنقل الماء على ظهور الجمال،والثانية تنقل الماء على ظهور الحمير،مع طائفة باب البحر، ثم طائفة حارة السقائين، وطائفة قناطر السباع. وكانت هناك طائفة سادسة تعرف باسم الكيزان، كانوا يطوفون الشوارع والأسواق ويحملون قرب الماء على ظهورهم، ومعهم مجموعة من الكيزان لكي يقدموا المياه للأهالي.
احتضار المهنة
أخذت مهنة السقا في الاحتضار بالقاهرة عام 1865م، حينما أنشئت شركة المياه وبدأت في إنشاء آلات الضخ والأنابيب التي توزع المياه داخل مدينة القاهرة، ولكن مازال السقا موجوداً بصورته ولم يختف نهائياً، وإن كانت قد تطورت وسائل السقاية، فلم تعد القربة القديمة المصنوعة من جلد الماعز، بل أصبحت فناطيس معدنية ومكعبات بلاستيكية وجراكن، محمولة على أكتافهم أوبراميل على عربات الكارو التي تجرها الخيول والحمير، يملؤها السقا الحديث من حنفيات المياه، لكي يوزعها في المناطق العشوائية المحرومة من المياه بأطراف القاهرة وقرى مصر.
وعلى الرغم من أن مهنة السقا بصورته القديمة، شارفت على الاندثار، خاصة في حارة السقائين، فإنه وبمجرد دلوف الزائر إلى هذا المكان سيشعر أنه دخل في حضرة مملكة السقاية في مصر، فلا تخلو الأمتار القليلة التي تشكل أركان الحارة من المياه الرطبة، أمام المقاهي وورش النجارة ومصنع الطوب الأحمر أو دكاكين البقالة.
ويلاحظ أن هناك تطورات كثيرة حدثت لهذه الحرفة، ليس على صعيد ندرتها، بل وأدواتها أيضاً، فالقربة اليوم لم تعد من جلد الماعز، كما هو متعارف عليها، بل أصبحت من الألمنيوم، حتى يتقبل الناس الشرب منها.
فى حوارى مصر المحروسة تجد السقا منحنى الظهر تظهر عليه علامات الزمن حافى القدمين تأخذ ملامحه البساطة ولون الشمس الذى اكسبه لون القمح على ظهره قربة يحمل بها الماء من النهرالى الديار دون كلل او ملل السقا عاش ومات ولكن مهنة السقايا باقية تتنوع باختلاف العصور فمن هو السقا؟ كان الأوائل من البشر قديما يعيشون على البساطة دون تكلف ودون ان يفكروا بشئ يقلق حياتهم فالشعوب والمجتمعات تستسقى حاجاتها الاساسية والضرورية من الطبيعة ..لكنها فى نفس الوقت تجد البدائل والوسائل لتحسينها وتطويرها والانتفاع منها بشكل افضل ..
فكان الناس يشربون الماء من النهر مباشرة او الجداول او الابيار وكان يتطلب ذلك جهدا ذهابا وايابا فاتجهوا الى ابتكار الاوانى الفخارية لحفظ الماء وتصفيته وتبريده
ومن هنا يأتى دور” السقا” الذى بدأ بنقل المياة ” بالقربة ” المصنوعة من جلود الماشية المدبوغة ..يحملها على ظهره أو ظهر دابة فينزل الى النهر ويملأها ويشد رقبتها بالحبل ويعود بها لبيع الماء الى الزبائن فى الاوانى الفخارية الكبيرة وحينما يمر السقا يرسم خطا على الجدار خلف باب الدار ليحاسب الزبون على مجموع الخطوط التى ترمز على عدد ” القرب ” التى افرغها فى نهاية كل اسبوع أوشهر حسب الاتفاق
رخصة السقا
كل مهنة قديمة كانت تحتاج الي رخصة لحاملها لكي يمتهن هذه المهنة بعد عمل الكشف الصحي عليه والتوقيع الطبي ومدي لياقته في هذه المهنة ولان مهنة السقا مهنة صعبة,فكانت تمنح له رخصه ورقيه صادرة من نظارة الداخليه باسم السقا وطوله ولون عيونه وجنسيته ومكانه ليتنقل بين شوارع القاهرة سنة 1877 ميلادية ومرسوم عليها صور للسقا حامل قربة المياه
وهذه هي اشكال الرخص الخاصه بالسقا ..ومجموعة من الرخص بأسماء مختلفة
رخصة السقا المعدنية
كانت تمنح لكل سقا يحمل قربة علي ظهره لنقل المياه من النيل الي الديار وهي رخصة عليها اسم المدينة والرقم بالعربي والانجليزي والسقا بالعربي والانجليزي كانت توضع علي كتفه برباط من الجلد لمعرفة كل صاحب مهنة من خلال شوارع المحروسة في نظام دقيق لكل اصحاب الحرف القديمة في الزمن الجميل
عمل السقا
كان ” السقا ” يقوم بعملية رش الاسواق والازقة والشوارع الترابية بغية تبريدها فى فصل الصيف واخماد الاتربة بالجو كما يعمل على توزيع الماء للعطشي من المارة مجانا ..والى جانب حرفته التى تدر عليه ربحا وفيرا يقوم بتسليف المال الى المحتاجين من معارفه واقاربه وزبائنه فى حالات الزواج والختان والافراح والمرض ..كما كان يتدخل فى شئون محلته لحسم الخلافات والمشكلات التى تقع بين الاهالى فى غياب المختار وذلك من خلال صلته بالجميع ومعرفته بهم .
مهنة السقا فى مصر المحروسة قديما برغم انها شارفت على الاندثار الا ان السقا له دور مهم فى الحياة المصرية القديمة لاعتماد البيوت والديار قديما على السقا اعتمادا كاملا اذ كانت لم تظهر صهاريج المياه أو الصنابير أو الثلاجات فكان السقا هو مصدر المياه الوحيد فى كل بيت يحمله من الابار أو الانهار أو الخليج يحمل ” الروايا ” ( وعاء خاص لنقل الماء) من ماء النيل الى المنازل .
صور توضح نقل مياه النيل بقرب السقا
شكل وصناعة القربة
قربة السقا التي يحملها علي ظهره مصنوعة من جلد الماعز وتغلق بسدادة خشبية ويعطرها بالمستكة ثم يضع فيها ماء الورد وأحياناً يضيف إليها النعناع ،وكان يتم وضع مادة الشبة لتنقية المياه من رواسب طمي النيل والشوائب وهي مفروضة فرض العين علي كل سقا لنقل الماء نظيفا الي كل بيت,ولم يقتصر دور السقايين في حمل الماء إلي المنازل أو بيعه بالأسواق ولكن كان لهم دور أساسي في إخماد الحرائق إذ كانت تؤخذ عليهم التعهدات بإستعدادهم للحضور كلما دعت الحاجة إليهم ليلاً أو نهاراً ، وكان دور السقا الحقيقي يبرز في المناسبات الخاصة كشهر رمضان والعيدين وفي الموالد والأفراح والطهور والختان فكان أهل الخير يمنحون السقا كسوة جديدة في الأفراح وفي الأعياد تطعم اللحوم .
بين زمانين في الماضي
في الماضي كان يمكنك رؤية السقا منحني الظهر يجول في بلاد الله تحت شمسه وسماءه ، بين المجاذيب وأصحاب الوظائف الخفية فيصطبغ وجهه بالسواد القمحي ، وتتخذ قدمه شكلاً مفلطحاً من فرط الوقوف والمشي ليلاً ونهاراً ، سيظهر لك قديماً قدم الدهر والدروب التي تحتويه ساعياً بين الحسين وبيت القاضي وبوابة المتولي وحارة السقايين والسيدة زينب والسيدة عائشة ، فمهنة السقاية كانت معروفة لدي الجميع وكان للسقايين شيخ طائفة وأماكن للتجمعات وأخري للسكن ، أما الآن فهم عملة نادرة تكاد أن تكون في عالم الإندثار .
اسعار المياه قديما
رغم إنتشار تلك الحرفة وتعظيم أجرها وثوابها عند الله فإن بريقها كان أقل من غيرها من الحرف مثل النجارة والحدادة والتجارة ، وقد إختلف ثمن المياه تبعاً لوفرتها أو قلتها فكان السقا سنة 1830 يتقاضي ثمن قربة المياه التي يحملها مسافة ثلاثة كيلومترات من 10 إلي 30 فضة ( أقل تعريفات العملة المصرية )
كان السقا يصل بالماء إلي الأسبلة مرة كل عام وهي مباني فكر في إنشائها أهل الخير بغرض توفير المياه اللازمة للشرب وتسبيلها للناس في الأحياء ، أشهر هذه الأسبلة سبيل ( الكتاب ) أو سبيل ( أم عباس ) وهو الأكثر شيوعاً وكان السقا يتقاضي عن خدمته في وقتها … أما المنازل فيحصل علي ثمن خدمته عن طريق علامة أو شرطة يضعها علي باب المنزل كلما أتي ببرميل ثم يكرر العلامات .. ولكن هذه الطريقة عرضة للمسح فلجأ إلي طريقة أخري بإعطاء صاحب المنزل مجموعة من الخرز ( علي سبيل المثال عشرون خرزة ) وكل مرة يأتي بالماء يأخذ واحدة وعندما ينتهي الخرز يكون السقا بذلك قد أتم عشرين برميلاً ووقتها يتقاضي أجرتة كاملة من صاحب البيت .
السقا رسول الحريم
ربما كان هذا سبباً مباشراً في تسمية كتاب وصف مصر تلك الفئة بالخدم حيث يقول ” أما السقا فهم علي نحو ما رسل الحريم ( أي النساء ) وينتهي بهم الأمر بأن يكونوا أموالاً من الحريم والنساء وهن اللائي يخترنهم ويتبادلنهم فيما بينهن ويتمتع هؤلاء الخدم عامة بحظ أوفر من الآخرين ويوليهم أرباب البيوت أكبر قدر من الرعاية وتبسط النساء عليهم حماتيهن ويحرصن علي اراحتهم .. وبلغ إهتمام عامة الناس وخاصتهم بالسقا أن البعض طلب من المحتسب أن يأمر سقاة الماء “” بالكيزان ” وهو الوعاء الذي ( يحمل فيه الماء ) وأصحاب القرب بنظافة أزيارهم وصيانتها بالأغطية وكذلك تغطية قربهم التي يسقون منها في الأسواق وبجلاء الكيزان النحاس كل ليلة وتطييب شبابيكها بشمع المسك واللادن والطيب العنبري .
مهنة وحرفة رائجة المشاع
مع مهنة وحرفة السقا .. راجت في مصر المحروسة الصناعات ومنها صناعة الجلود علي يد السقايين وكانت حرفة السقاية من الحرف الشائعة في الفسطاط وفي غيرها من المدن المصرية منذ الفتح الإسلامي وكان هؤلاء الحمالون أو السقاءون يحملون الروايا ( وعاء خاص لنقل المياه ) من ماء النيل إلي المنازل ويصعدون الدور ( البنايات ) كل طبقة بمقدار نصف دانق ومما يذكر أن( دار عبد العزيز بن مروان )، الوالي علي مصر كان يحمل إليها نحو أربعمائة روايا ماء في كل يوم وظلت حرفة السقايا في مصر حتي العصر الفاطمي .بعض الكروت المعروضة لذات المنظر ليست تكرارا ولكنها اختلاف الشركة واختلاف الطباعه والالوان سواء في الوجه او الظهر
هل السقا مااااااات ؟
كان يقولون دائماً علي لسان الببغاء أبوك السقا ماااات حتي أن رواية الأديب الراحل يوسف السباعي السقا مات جسدت الحياة المصرية في ذلك الوقت عن طريق مهنة وحرفة السقا فوفق تعبير المؤرخين تعبير السقا هو الشخص المسئول عن نقل المياه من الخزانات والأنهار ونهر النيل إلي المساجد والمدارس والمنازل وأسبله ( وهي جمع سبيل ) الشرب العام في الشوارع … نجد أن هناك طائفة من السقائين غير السابق ذكرها تعرف بإسم ( سقايين الكيزان ),وكانوا يطوفون في الشوارع والأسواق حاملون قرب الماء علي ظهورهم ومعهم مجموعة من الكيزان لكي يقدموه للاهالي .
ولعل مهنة السقا قديمة عمرها أكثر من 1000 عام ولم تكن في مصر وحدها وأشهر هؤلاء السقائين عيدان السقاء الذين ينسب إليه البعض أبوته للمتنبي الشاعر العربي القديم وحينما كنا صغاراً كنا نشاغب الببغاوات في حديقة الحيوان بعبارة ” أبوك السقا ماااات ” فكان ينطقها كما هي التي إستلمها كما قلنا الأديب المصري ” يوسف السباعي ” في كتابة رائعته ” السقا مات ” التي يصور فيها التلاحم بين الموت والحياة وخوف السقا من الموت رغم أنه يحمل علي ظهره سر الحياة وهو الماء .
سقاء الماء مهنة قديمة
كان السقاء يدخل الى المنازل والمقاهي والمحلات حاله كحال اهلها وذلك لتكرار وجوده في تلك الاماكن فلا حيلة بدون الماء فهو الاول وهو الاخر وهو سر وجود الانسان. فبالرغم من بساطة هذه المهنة الا انها في الوقت نفسه كانت تحتاج الى جهد عضلي كبير من قبل صاحبها حيث نزول السقاء الى الشواطىء وملىء الاواني او القرب الكبيرة ومن ثم حملها يحتاج الىقوة عضلية كبيرة
ولهذا ترى اغلب السقائين يتمتعون بقوة عضلية مميزة وبصحة جيدة انعملية تفريغ الماء في البيوت والمحلات والمقاهي والمساجد يحتاج الى توقيتات معينةفكانت غالبا ما تكون على ثلاث وجبات في الصباح وعند الظهر وفي المساء هذا ما يكونعادة في فصل الصيف اما في فصل الشتاء فيكون الامر اقل من ذلك فيتفق صاحب المحل اوالمنزل مع السقاء على الوقت المعين ومن ثم على الكمية ويعطيه الاجور على ذلك امايوميا او اسبوعيا وهي عادة ما تكون اجور بسيطة
فيقوم السقاء بتفريغ جوده او قربتهفي الاماكن المعدنية (كالحبوب والكيزان والخلانات) وفي بعض الاحيان يكلف السقاء برشالاـــ والمقاهي بالماء في اوقات الحر الشديد او اثناء تنظيفها لقاء اجور بسيطةيستحصلها من اهل المحلة. ان عملية نقل الماء من الشواطىء الى اماكن استهلاكها يكون غالبا بواسطة الحمير والبغال حيث تربط القرب او الكيزان على ظهرها بصورة تجعلهامحمية من السقوط او الانسكاب.
وبعد تنزيلها يقوم السقاء بحملها على كتفه حيثيلبس لذلك لباس خاص وهو عبارة عن جلد يضعه على ظهره وحزام عريض لربطه وبذلك يتجنب ويحمي من سقوط الماء على ملابسه. ان اغلب الناس يشعرون بوجود السقاء من خلال صوته المرتفع مناديا سقه الماء… سقه الماء ان بساطة مهنة السقاية وقلة اجورها جعلالناس ايام زمان يعطفون على السقاء ويكرمونه ويعتبرونه واحد من افراد عائلتهم فعندما يقبل العيد او تحل مناسبة او فرح تقوم العائلة بتحضير الهدية المناسبة له ولاولاده وغالبا ما تكون من الملابس والاحذية والاحتياجات البيتية وذلك لمساعدته على العيش.
الـسقاؤون
وظيفة السقَّائين قديمًا كانت تخضع للرقابة الحكومية والشرعية من المحتسب؛ حفاظًا على الصحة العامة؛ باعتبارها الوسيلةَ الأكثر شيوعًا لإمداد منشآت القاهرة بالمياه العذبة، وظلت متبَعةً مع فترات القاهرة التاريخية حتى عصر الخديو إسماعيل الذي قام بتزويد القاهرة بالمياه المرشحة عن طريق شركة مياه القاهرة، والسقَّاء هو متعهِّد نقل الماء من مصادره بالأنهار والخلجان وتوصيله إلى مستهلكيه في المنشآت بأنواعها المختلفة، كما كان عليهم إمداد الحوانيت (الدكاكين) الخاصة ببيع المياه في الشوارع بما يحتاجونه
فتذكر وثائق الوقف المملوكية عدة حوانيت منتشرة بالقاهرة لبيع المياه، فتذكر مثلاً وثيقة بدر الدين الونائي اسمًا لحانوت تم فتحُه في شارع باب البحر لبيع المياه، كما كان بسويقة الرملة المجاورة لجامع الـ”ملك الجوكندار” بمنطقة الحسين حاليًّا عدة حوانيت مملوءة بأصناف الماء، وأطلقت كتب الحسبة على العاملين بهذه الحوانيت اسم “سقايين الكيزان”.
كما كان السقَّاء يروي ويسقي ظمأ المارَّة في شوارع القاهرة، ولذلك عرف بالسقَّاء شربة؛ حيث تكون قربته مزودة ببزباز نحاس طويل، ويصب من خلاله الماء في قدح نحاس أو قُلة خزفية للراغب في شربة ماء، وكان المحتسب يباشر هذه الطائفة ويأمرهم بنظافة قربهم والكيزان التي يسقون بها الناس، ونظافة أزيارهم وتغطيتها، وعدم استخدام كيزان المجذوم والأبرص وأصحاب الأمراض المُعدية، وكذلك بجلي الكيزان النحاسية وتطييب رائحتها بالمسك والبخور.
وكانت مهنة السقَّاء لها قواعد دقيقة، فكان المحتسب ومساعدوه يُولُونها اهتمامًا كبيرًا؛ نظرًا لتأثيرها على الصحة العامة، لذلك فقد أمدتنا كتب الفقه والحسبة بالشروط العديدة التي يجب أن تتوافر فيهم لضمان نظافة المياه المجلوبة، والتي كان يحددها المحتسب ويطالبهم بها ويحاسبهم عليها،
ومن هذه الشروط ما هو خاصٌّ بنظافة المياه، فكان على السقائين تجنُّب المواضع التي يُتبول فيها ويُلقى فيها بالفضلات حتى لا تتنجس المياه بالراوية أو القربة، فتتنجس ثياب وأجساد وأقوات المسلمين.
كما كان عليه ألا يملأ من الماء القريب من الشاطئ؛ لأنه يغلب عليه عكر التراب، فكان يتعين على السقاء أن يحترز من ذلك كله بأن يدخل في النهر حتى إذا رأى أنه قد سلم مما تقدَّم ذكره حينئذ عليه أن يغرف الماء ويملأ قربته، وإن كان في ذلك مشقة عليه فإنها هنا واجبة، وكان عليه ألا يملأ بالليل لتعذُّر الاحتراز فيه، فإن فعل فيتعيَّن عليه أن يزيد من الاحتياط، فيدخل في النهر بحيث يأمن من وقوع شيء من النجاسات أو الفضلات
اسلوب سير السقا في شوارع المحروسة
وعن أسلوب سيره في شوارع القاهرة فقد اشترطت كتب الحسبة أن يمشي بالجمل مشيًا متوسطًا لا يسرع فيه فيضر بالجمل ولا يبطئ فيضر به، وأن يُعلق حول أعناق الحيوانات الحاملة لقرب الماء أجراس أو أطواق مصنوعة من الحديد أو صفائح نحاسية؛ بحيث تنبِّه الضرير والسرْحان والصغار عند اقترابها.
وعن صفات السقَّاء وأخلاقه اشترطت كتب الحسبة أيضًا أن يكون أمينًا عفيفًا ديِّنًا، فلا يترك الصلاة، وأن يحترم حرمة البيوت، لذلك يتعيَّن عليه إذا دخل البيت لسكب الماء أن يطرق برأسه إلى الأرض ولا ينظر في موضع من البيت إلا في موضع قدمه وفي موضع سكب الماء؛ لأنه قد أُمر بغض النظر في الطرقات، فما بالك به في البيوت وبها الناس غير مستترات خاصةً في الصيف
ويذكر المقريزي أن عليهم أن يلبسوا السراويل القصيرة الضابطة لعوراتهم، وعليه ألا يسكب الماء في بيت فيه امرأة واحدة وإن كانت لا تظهر عليه، أو بيت فيه متبرِّجات خوفًا من الفتنة، كما يجب عليه أن يحيط المشتري بنوعية الماء.. هل هو طاهر أم نجس أم متغير بطاهر؟
وكذلك يجب أن يكون رجلاً أمينًا لا يخلط ماء النهر بغيره من المياه المالحة أو بمياه الآبار، وعليه ألا ينتقص من القربة ثم يبيعها على أنها كاملةٌ، وكان المحتسب يختار للسقائين عريفًا عليهم، وهذا العريف بدوره يلزمهم باتباع التعليمات السابق ذكرها.
صغار السقايين
وهم اولاد السقائين الكبار يتعلمون الحرفة علي اصولها ويساعدون الاباء في حمل المياه بقرب صغيره ويطوفون الشوارع ايضا لتوزيع الماء كي يترسخ في اذهانهم طبيعه العمل والشقاء وايضا كانوا حفاة الارجل رغم طبيعه الارض الا انهم كانوا علي استعداد تام للتفاني في العمل
موارد المياه للسقا
كما تم شرحه سابقا ان هم موارد المياه الطبيعية هي النيل وروافده التي تغذي محافظات مصر المتخلفه ولكن لان النيل شريان حيوي في تاريخ مصر المحروسة فان منابع الفيضان والابار كانت ايضا منبع لاستخراج المياه ولكن هناك مصادر اخري هامة للمياه وهي حنفيات الصدقة وكانت عبارة عن صنابير مياه وحنفيات ذات فوهات كبيره توضع في الاحياء والامكان المختلفه في مصر المحروسة تبعد عن الديار والبيوت وكان معظم النساء والرجال يسعون بالمشي قدما الي هذه الحنفيات لاخذ كفايتهم واحتياجتهم من ماء الصدقة للشرب واعداد الطعام وتخزينه لدواعي الاستعمال الاخري المنزليه وكانت هذه الحنفيات مصدر حيوي ايضا لجموع السقايين لتوصيل المياه عن طريق القرب الي الديار نظرا لعدم قدرة الكثيرين من الخروج وحمل الماء وانتشرت بصورة يكون فيها الزحام اشبه بسوق لاينفض ليل نهار وهذه هي نماذج من حنفيات الصدقة,وكما أن هناك حنفيات للصدقة يملأ منها السقايين قربهم وأوعيتهم . هناك أيضا أزياى وحنفيات لسقيا المارة كسبيل للعطشان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق