علاء الدين ظاهر
علي مدار تاريخها اشتهرت القاهرة بعشرات الشوارع فيها،وان كان أشهرها هو شارع المعز،فهناك أيضاً شارع الركبية الذى يُعد واحداً من أهم شوارع القاهرة القديمة وأكثرها عراقة وأهمية تاريخية،وهذا الشارع كان محور الرسالة التي أعدها ناجى حنفى مدير عام الادارة العامة لآثار جنوب القاهرة،وحصل بها على ماجستير من كلية آداب جامعة طنطا بتقدير إمتياز والتوصية بالطبع وتداول الرسالة بين الجامعات.
وطبقا لما جاء في الرسالة،كان هذا الشارع امتداداً طبيعياً وهندسياً لشارع القصبة العظمى والذى يمثل محور النشاط السكنى والاقتصادى والتجارى والحرفى وكان أهم شرايين المدينة والذى امتد بعد ازدحام القاهرة بالسكان وزيادة النشاط التجارى والحاجة إلى وجود مناطق وامتدادات عمرانية جديدة لاستيعاب الأعداد المتزايدة من البشر والأنشطة الاقتصادية المتنامية ناحية الجنوب مخترقاً ظواهر القاهرة الجنوبية وحواريها.
وتمثلت امتدادته فى شوارع الخيامية والمغربلين والسيوفية حتى الصليبة،وكان بديهياً مع عدم وجود عوائق طبيعية من جبل أو نهر يعترضه أن يمتد على نفس المحور ، وقد ساعد على ذلك أيضاً وجود مجموعة من البرك مثل بركة الفيل وبركة قارون وغيرها الممتلئة بالمياه غرب الطريق ووجود جبل المقطم إلى الشرق منه وهى عوائق حتمت الامتداد ناحية الجنوب ، علاوة على ذلك ان الامتداد الجنوبى كان يؤدى إلى مدينة الفسطاط العامرة والميناء والمأهولة بالسكان
والركبية هم الذين تخصصوا فى صناعة ركاب الخيل،وهى الحديدة التى توضع أسفل السرج ويضع الفارس عليها قدمه ، ونظراً لما كان عليه خط الركبية من اتساع ومن شهرة واسعة، فقد تركز عدد كيبر من الحوانيت المتخصصة فى صناع الركاب فيه بل وقامت أسواق رائجة متخصصة فى الركبية، كما أن مهنة الركبية احترفها عدد كبير من المصريين وعملوا بها وعمل بها السادة الأشراف أيضاً بل واشتغل بها بعض المغاربة.
فلم يقتصر خط الركبيين على سكنى أهل الحرفة والمعلمين منهم،وإنما كان موطناً وسكناً لكثير من الأمراء والأعيان والقضاة الذين انتشرت بيوتهم وقصورهم بهذا الخط علاوة على الكثير من أهل العلم والشيوخ فأصبحت الركبية منطقة جذب وازدحام بالسكان .
هذا وتزخر المنطقة بالعديد من الآثار الهامة والتى تمثل المراحل التاريخية المختلفة ، تلك المراحل والعصور التى تبدأ من العصر الفاطمى وحتى عصر أسرة محمد على،فهى فترة ليست بالقصيرة تمتد حوالى ما يقرب العشرة قرون من الزمان تمثل عمر الحضارة الاسلامية بمصر ، فهذا الاستمرار والوجود للشارع طيلة هذة الفترة يدل بلا شك على أهمية ومكانة هذا الشارع وما يحتويه من آثار، كما أن العوامل السياسية والاجتماعية والدينية والطبوغرافية تركت أثراً كبيراً فى عمران وتطور هذا الشارع العريق.
قال ناجي:لقد اخترت دراسة موضوع تطور مظاهر العمران بشارع الركبية، نظراً لأهمية هذا الشارع من الناحية الدينية والسياسية والاجتماعية إضافة إلى ما يحتويه هذا الشارع من آثار تمثل المراحل التاريخية المختلفة للحضارة الاسلامية بمصر ، والتى توضح مدى الاهتمام من قبل الحكام والسلاطين بهذه المنطقة .
كما أنه نظراً لعملى بالمنطقة ذاتها وتقلدى فيها العديد من المناصب تركت أثراً كبيراً فى اختيارى لهذا الموضوع، فيكفينى فخراً أن الله قدر لى المسئولية كاملة عن هذه المنطقة أمام الناس والجهات المختصة،الأمر الذى لفت انتباهى إلى أهمية هذا الشارع وآثاره الباقية التى تشهد بحق على مدى العمران والتطور الحضارى بالمنطقة، إضافة إلى مشاركتى فى أعمال الترميم التى أجريت لبعض الآثار بالمنطقة وتم الكشف فيها عن زخارف جديدة.
يذكر أن الرسالة جاءت تحت إشراف أ.د.حجاجي إبراهيم محمد أستاذ الآثار والفنون الإسلامية ورئيس قسم الآثار الإسلامية السابق بكلية الآداب جامعة طنطا وعميد المعهد العالى للسياحة والفنادق بالغردقة (مشرفاً مشاركاً)، وأ.د.جمال عبدالعاطى خيرالله أستاذ الآثار والفنون الإسلامية بكلية الآداب جامعة طنطا(مشرفاً رئيسياً)،ود.مروة عادل موسى مدرس الآثار والفنون الإسلامية بكلية الاداب جامعة طنطا(مشرفاً مشاركاً)
وضمت لجنة الحكم و المناقشة أ.د.تفيدة محمد عبدالجواد أستاذ الآثار والعمارة الإسلامية بكلية الآداب جامعة طنطا،وأ.د.محمد على حامد بيومى أستاذ الآثار والحضارة الإسلامية،ووكيل كلية السياحة والفنادق بجامعة المنيا (سابقاً)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق