08‏/10‏/2020

سر عبقرية المصري القديم في صناعة السفن والمراكب بلا مسمار ..بحار في التاريخ 4

علاء الدين ظاهر


كما يصل أي مركب الي محطته النهائية،وصلنا إلي نهاية سلسلة"بحار في التاريخ"التي نشرناها علي مدار 3 حلقات،واليوم ننشر الحلقة الرابعة والأخيرة.


حيث رصدنا في هذه الحلقات تاريخ مصر عبر العصور فيما يتعلق بالملاحة وركوب البحر،وذلك بالتعاون مع الإدارة المركزية للشئون العلمية والتدريب والجرافيك في الآثار.


وقد تضمنت الحلقات مادة علمية متميزة تمت تحت إشراف راندا روفائيل وإعداد أماني قرني وأميرة عرابي،وتصميم عبير أحمد.


وخلال عصر ما قبل الأسرات شيد النجارون القوارب والمراكب من جذوع الأشجار، عن طريق ربطها بأحبال من ألياف نباتية وبطنوا سطحها العلوي بسيقان من نبات البردي.


 ثم تطور الأمر إلى صناعتها من أشجار ضخمة تم تجويف أجزائها الوسطى بالبلطة والقدوم ثم صنعوها من ثلاث أجزاء القاع والجانبين، واستخدموا الألياف النباتية في عملية ربط الألواح.


وفي عصر الدولة القديمة صنع النجارون مراكب تسير بالمجاديف أو بالشراع،وقد انتقلت هذه الصناعة إلى مناطق نمو أشجار السنط الصالحة لتشييد المراكب على الحدود الجنوبية لمصر.


وقد صمموا مراكب ذات مقدمة على هيئة رؤوس حيوانية أو شكل أحزمة البردي أو بهيئة نعل الحذاء، وكان للمركب دفة واحدة وكان الشراع من الكتان أو البردي ويثبت على الصاري المصنوع من خشب السنط.


وقد ظهرت المجاديف في المراكب الكبيرة وصورت على جدران المقابر فنرى من خلال المناظر عدداً كبيراً من الرجال الأقوياء يقومون بعملية التجديف، وصنع المصري القديم سفناً عملاقة تحمل أشياء ثقيلة جداً.


فيذكر لنا الحاكم "وني" وهو حاكم الوجه القبلي في عصر الملك "مر-ان-رع" من الأسرة السادسة:"لقد ارسلني جلالته إلى حتنوب لإحضار مائدة قرابين من المرمر، وقد سرت في النهر شمالاً من أجل الملك لإستخراج هذه المائدة من محاجر حتنوب في ١٧ يوما، وسبحت شملا في سفينة نقالة... "


أما في الدولة الوسطى، فقد تميزت المراكب بمقدمة مرتفعة نحيفة وطويلة بينما تفوقها المؤخرة إرتفاعاً وتنحني من ناحية الداخل.


وتطورت صناعة السفن في عصر الدولة الحديثة بشكل كبير جداً، فأصبح حجم السفينة أكبر وصنعت من أخشاب غير محلية مثل خشب الأرز الوارد من لبنان، وكان يتم تعشيق الألواح الخشبية بعضها ببعض مع جذوع أشجار الجميز والسنط.


وفي العصر المتأخر، أهملت هذه الصناعة إلا في فترات متفاوتة كان يتم الإهتمام بصناعة السفن الحربية مثل عصر "نخاو" والذي اهتم بالأسطول وصناعة السفن، ومن بعده تدهورت الأحوال في مصر كلها.


وفي العصر اليوناني الروماني، تطورت هذه الصناعة تطوراً كبيراً، واصبحت مقدمة السفينة تنحت بهيئة إله البحار والمحيطات عند اليونانيين "بوسيدون".


واستخدموا في صناعة السفن خشب الأرز من لبنان والذي يتميز بقلة عيوبه وأنه مقاوم جيد للماء وخفيف الوزن وله رائحة طيبة، واستخدموا المسامير المصنوعة من النحاس لأنه مقاوم للصدأ.


واستخدموا الرصاص وصبوه على رؤؤس المسامير الحديد لكي لا تصدأ، واستخدموا ايضا خشب الساج لبناء هياكل السفن والذي يمتاز بالقوة والمتانة ومقاومة الماء.


وفي العصر الإسلامي، كانت السفن تبنى على شكل الهراب أو سيف السفينة على الأرض، وتربط إليه ألواح أفقية على كلا الجانبين بحبال من ليف النخيل، ولم تكن المسامير معروفة بل استخدمت عيدان النخيل لتحل محلها.


ولم تستخدم المسامير إلا في القرن الخامس عشر، ويرجع ذلك لعدة أسباب،منها تعرض المسامير المصنوعة من الحديد للصدأ والتلف والتآكل بسبب مياه البحر.


وانتشار الشعب المرجانية في البحر الأحمر يعرض السفن للإصطدام بها ، فكانت السفن التي أُستخدم الحبال والليف في شد أجزائها أكثر متانة من تلك التي أُستخدم بها المسامير.


ولنا أن نعرف أن المصري القديم بعبقريته تفادى تلك الأخطار أثناء صناعته للسفن، حيث عرف نظام العاشق والمعشوق في الخشب أو تبديلها وتثبيتها بالخوابير الخشبية التي تعمل عمل المسامير بل تعد أقوى في كثير من الأحيان .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق