علاء الدين ظاهر
تمتلك مصر تراثاً قبطيا غنيا ومتنوعا بشكل كبير،الا أنه يواجه عدد من التحديات والمخاطر المختلفة،وهو ما رصدته هاجر سعد الدين مصطفى سعد وهي باحثة بالمكتب الفني لرئيس جامعة النهضة وحاصلة علي ماجستير في اللغة القبطية من كلية آثار جامعة الفيوم،وماجستير في حفظ التراث وإدارة المواقع من جامعتي حلواه وبراندنبرج بألمانيا.
الدراسة جاءت بعنوان"التحديات التي تواجه سياحة التراث القبطي في مصر..دراسة حالة عن منطقة أديرة وادي النطرون"،وأكدت فيها الباحثة أنه لا يمكن تقدير التراث القبطي أو دراسته بشكل كامل دون إنشاء قسم للدراسات القبطية في الجامعات المصرية،وهذا أحد التحديات بجانب ندرة عدد مرممي الأثار القبطية في مصر،وارتفاع مستويات الرطوبة في المواقع القبطية وعدم الصيانة الدورية.
وشددت الدراسة علي أن انتشار التوسع العمراني وسوء استخدام هذه المواقع التراثية القبطية وإدارتها يعرضها للخطر،والحفاظ على مواقع التراث القبطي وحمايتها لن يكون ممكنًا بدون موارد مالية كافية لتلبية احتياجاتهم، والسبب الرئيسي للمشاكل المتعلقة بمواقع التراث القبطي هو عدم وجود خطة إدارة مناسبة،كما تشكل الحالة الهشة الضعيفة للرسومات الجدارية التي تزين الجدران من الطوب اللبن والجص بالمواقع القبطية عائقًا آخر يتطلب تطوير دورات تدريبية جديدة في الترميم.
ورصدت الدراسة عددا من التحديات الإدارية،حيث لا يتم النظر في أنشطة الحماية والمحافظة بشكل متكرر في مواقع التراث القبطي،ولا تهتم المحليات بإشراك المواطنين المحليين في إدارة منطقة وادي النطرون، كما تشكل الخدمات والمرافق السياحية غير الكافية وغير المؤهلة عائقًا رئيسيًاتفاقمت المشكلة بسبب عدم التنسيق والتعاون بين مختلف الجهات المهتمة بالتراث القبطي، وإنتشاره في الصحاري المصرية يؤدي إلى صعوبات في الوصول إليه،حيث الطرق غير الملائمة وعدم كفاية وسائل النقل،وهناك غياب غير مبرر لأقسام الدراسات القبطية في الجامعات المصرية.
وكشفت الدراسة عن تحديات مالية،حيث يمكن ملاحظة أن الميزانية الموجهة إلى كل من أعمال الحفر والترميم غير كافية تمامًا،والمفتشون لديهم ميزانية غير كافية للنفقات،حتى الأشياء الصغيرة مثل كاميرا وفيلم أبيض وأسود وعداد والورق وأقلام الرصاص غير متوفرة.
وأشارت الدراسة إلي أن دور القطاع العام والخاص في الحفاظ على التراث القبطي بمنطقة وادي النطرون ضعيف وغير فعال ، ويحتاج إلى مزيد من التطوير،ورغم أن تسويق التراث ضروري في خلق وصيانة وتعزيز جاذبية التراث للسائحين،الا أن جهود التسويق للقطاع الحكومي المصري غير فعالة بنسبة (100٪)،وهناك عدم كفاية للموارد المالية المخصصة لتسويق هذا التراث بنسبة (80٪)،ومعظم الجهود موجهة للآثار الفرعونية بنسبة (40٪)،مما يؤكد أن جهود تسويق التراث القبطي بحاجة إلى التخطيط والتطوير.
ووضعت الباحثة في دراستها مجموعة مهمة من التوصيات،علي رأسها إنشاء مراكز بحثية للدراسات الأثرية القبطية تحت إشراف الجامعات المصرية،ويكون هناك تعاون أكبر بين الجامعات المصرية ووزارة السياحة والآثار،و هناك حاجة ملحة لإنشاء قسم للدراسات القبطية بالجامعات المصرية لتأهيل مفتشين للآثار على الأقل لقراءة اليونانية والقبطية ودراسة الآثار القبطية،وإنشاء معهد خاص لترميم وتوثيق الآثار والمواقع التراثية القبطية تحت إشراف التعليم العالي.
كما أوصت الدراسة أيضاً بضرورة التنسيق مع المنظمات الدولية لتوفير الحماية المستمرة والفعالة وترميم التراث القبطي،ورسم خريطة لجميع الأديرة والكنائس التاريخية في مصر وتحديد موقعها الجغرافي والمخاطر التي قد تتعرض لها سواء البشرية أو الطبيعية،ووضع الخطط الإدارية المناسبة مع التنفيذ الفعال لمواقع التراث القبطي، ودراسة الوضع الحالي لكل أثر على حدة مثل مستوى المياه الجوفية والتشققات في الجدران ثم البدء في عمليات الترميم والصيانة.
وتوعية الرهبان بالمحافظة على الآثار القبطية في مصر، وإعتماد الدورات التدريبية للكادر الإداري في مواقع التراث القبطي،و استخدام الأدوات الترويجية المختلفة المتعلقة بمواقع التراث القبطي، مثل (الكتب والأفلام والأقراص المدمجة والصحف والمجلات والبرامج التلفزيونية والحملات الإعلامية والإنترنت وغيرها)، وتخصيص ميزانية للحفاظ على التراث القبطي في مصر.
وفيما يتعلق بالمحليات،يجب بذل جهود كبيرة لتوعية السكان المحليين في محيط مواقع التراث القبطي بأهمية هذه المواقع،ومراعاة ثقافة المواطنين المحليين وقيمهم في إدارة وتخطيط مواقع التراث القبطي،والتأكد من نظافة هذه المواقع والمناطق المحيطة بها لجعلها أكثر جاذبية،وحراسة وتأمين مواقع التراث القبطي بشكل جيد،وتزويدها بأجهزة حريق وإنذار حديثة وموظفين مدربين تدريباً عالياً على استخدام هذه الأجهزة،وتوفير المرشدين السياحيين في مواقع التراث القبطي بلغات مختلفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق