علاء الدين ظاهر
رصدت دراسة أثرية للدكتورة إيمان محمد العابد دكتوراهة في الأثار والفنون الإسلامية والقبطية مفتشة آثار بوزارة السياحة والآثار المعالم المعمارية والفنية لقصر السكاكيني أشهر قصور القاهرة التاريخية قرب منطقة غمرة وحي الظاهر الذى يُعد شاهد عيان على كثير من الفترات التاريخية التي مر بها وعاصرها موقعه.
وتشير الدكتورة إيمان محمد العابد إلى أن أول من درس هذا القصر بشكل متكامل هو الدكتور عبد المنصف سالم فى رسالته التي حصل عنها على درجة الماجستير في الآثار والفنون الإسلامية والقبطية عام 1996 م بعنوان } قصر السكاكيني ... دراسة معمارية أثرية { وينسب القصر إلى السيد " حبيب جبرائيل انطوان إلياس حنا " ينحدر من أسرة شامية ذات أصول لبنانية سورية ، تعود جذورها إلى القرن الـ 15م ، وكانت هذه الأسرة قد اشتهرت منذ القدم بصناعة السيوف والسكاكين لذا عرفت باسم "سكاكيني" الذى شيد القصر في عام 1880م كما يتضح من اللوحة التأسيسية التي تعلو المدخل الغربي وأقام فيه حتى وفاته.
وتضيف الدكتورة إيمان محمد العابد بأن مساحة القصر نحو 2689 م2 وقد أقيم على الطراز الإيطالي ، إذ يُعد نموذجًا لفن "الروكوكو"، وهو فن منبثق من المحارة غير المنتظمة، وقد كانت بداية ظهور هذا الفن في فرنسا إبان القرن الـ18 الميلادى حيث أقامته شركة إيطالية ليكون نسخة من قصر إيطالي سبق وأن رأه حبيب السكاكيني وأراد تقليده أو عمل نسخة منه في القاهرة.
ويتكون القصر من 5 طوابق؛ الطابق الأول من 4 غرف، الثاني من 3 قاعات و4 صالات وغرفتين، وتبلغ مساحة الصالة الرئيسية نحو 600 م2 ، وتحتوي على 6 أبواب تؤدي إلى قاعات القصر، ومجموع غرف القصر تبلغ 50 غرفة ، ويحتوي على أكثر من 400 نافذة وباب، 300 تمثال منهم تمثال نصفي لحبيب باشا السكاكيني بأعلى المدخل الرئيسي للقصر، وللقصر مصعد ويطل على شرفة بها قبة مستديرة تؤدي إلى غرفة الإعاشة الصيفية.
ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار الضوء على هذه الدراسة مبرزًا لمظاهر الجمال والإبداع المعمارى والفنى للقصر الذى تزينه أربع واجهات تطل على "ميدان السكاكيني" ، وبه أربع بوابات ؛ ثلاث منها في الجهة الجنوبية الغربية ، أما البوابة الرابعة فتوجد في الجهة الشمالية الشرقية.
وتقع الواجهة الرئيسية في الناحية الجنوبية الغربية ، يتوسطها مدخل رئيسي يتقدمه سلم رخامي يؤدي إلى ردهة مستطيلة، على جانبيها غرفتان صغيرتان للحراسة ويتصدر الردهة مدخل قوامه فتحة باتساع الشرفة التي تعلوه يعلوها عقد نصف دائري تزينه لوحة زيتية وتمتد الواجهة على يمين الداخل حتى تنتهي بالبرج الجنوبي الغربي.
بينما تقع الواجهة الثانية في الناحية الشمالية الشرقية يحيط بها في الركنين الشمالي الشرقي والشمالي الغربي برجان أخران يتوسطهما مدخل فرعي قوامه كتلة بارزة ترتكز على عمودين حجريين بينهما فتحة تغلق عليها ضلف زجاجية يتقدمها قاعدة تأخذ شكل مزهرية كبيرة يعلوها عمود صغير يتوجه تمثال نصفي للسكاكيني باشا.
أمّا الواجهة الثالثة فتوجد في الجهة الجنوبية الشرقية ، التي تنقسم إلى قسمين يحيط بأولهما البرجان الشمالي الشرقي والجنوبي الشرقي ويتكون هذا القسم الأول من طابقين ، يتقدم الأرضي منهما شرفة مستطيلة ترتفع فوق أربع دعامات مستطيلة ويحيط بالشرفة درابزين تزينه زخارف نباتية وتفتح بهذه الواجهة ثلاثة شبابيك خاصة بحجرات النوم ، تعلو أوسطها قمة الواجهة ، وتأخذ شكل عقد نصف دائري تتخلله زخارف من أوراق نباتية وسعف النخيل وأشكال طيور.
ويتابع الدكتور ريحان بأن القصر تتوسطه حديقة بها سور حديدي به ثلاثة أبواب، وتنقسم هذه الحديقة إلى أحواض يتقدم الرئيسي منها أمام المدخل الجانبي في الجهة الشمالية تمثال من الرخام لأسد رابض يشبه تمثال أبي الهول.
أمّا الشرفة الشرقية فبها فسقية رخامية على هيئة حوض مربع على جانبيه أسدان متقابلان من الرخام جالسان تتوسطها فوارة زخامية يزينها نحت لأسماك تفتح أفواهها رؤوسها للأسفل وذيولها للأعلى وكأنها في وضعية سابحة مع انسياب المياه المتدفقة من الفوراة التي تتوجها مزهرية صغيرة يتوسطها الصنبور الذي تخرج منه الماء.
والقصر من الداخل يتكون من بدروم وطابقين تتوجهما قبة مركزية ويتم الوصول إلى الطابق الأرضي عبرالمدخل الرئيسي في الجهة الجنوبية الغربية حيث يؤدي السلم الصاعد إلى الطابق الأول إلى ردهة مستطيلة ذات أرضية رخامية وسقف خشبي تتوسطه فخارية تزينها زخارف نباتية ومحارية.
وتتصدر هذه الردهة دخلة معقودة بعقد نصف دائري تتوسطها فتحة باب من مصراعين من الخشب تزينهما زخارف نباتية بارزة ، يعلوهما عقد نصف دائري يشتمل على زخارف نباتية مفرغة من الخشب ، وعلى جانبي هذه الدخلة توجد مرآتان كبيرتان من البللور.
ونصل إلى قاعة الاستقبال عن طريق البابين الكائنين بالردهة المستطيلة وهي قاعة أرضيتها من خشب الباركيه وسقفها مقسم إلى ثلاث مناطق مربعة ، زين كل منها بمنظر تصويري ذا تأثير مسيحي تشبه تصاوير عصر النهضة قوامها رسوم ملائكية وتماثيل آدمية وبها حجرة المدفأة ذات مصاريع خشبية تزينها زخارف بارزة لألات موسيقية،وعلى يسارها فتحة شباك تؤدي إلى الشرفة.
ويشير ريحان من خلال الدراسة إلى قاعة الطعام التى تزينها زخارف بارزة لطيور وأسماك ونباتات وفواكه أمّا الطابق الثالث فنصل إليه عن طريق السلم الخشبي الحلزوني الصاعد من الطابق الثاني ، حيث يؤدي هذا السلم إلى ممر مستطيل ذا أرضية رخامية وسقف خشبي تتوسطه صرة بيضاوية تزينها زخارف نباتية ، تتصدره فتحة باب من مصراعين من الخشب تؤدي إلى حجرة مربعة يتوسطها سلم حلزوني ـ مروحي ـ ينتهي إلى القبة المركزية .
وتنقسم القبة المركزية لهذا القصر من الخارج إلى ثلاثة طوابق أولها وثانيها مربعان ، بالجهة الجنوبية لكل منهما ثلاث نوافذ مستطيلة تعلوها ثلاث نوافذ أخرى معقودة بعقود نصف دائرية يلي ذلك الطابق الثالث للقبة ويأخذ شكل شرفة مثمنة تتوجها خوذة ذات قطاع مدبب تزينها زخارف نباتية بطراز الأرابيسك يعلوها مؤشر لمعرفة اتجاه الرياح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق