علاء الدين ظاهر
أعلن الدكتور محمد الكحلاوى رئيس المجلس العربى للاتحاد العام للآثاريين العرب عن فوز الدكتور مصطفى عبد اللطيف عصفور دكتوراه في التاريخ والحضارة الإسلامية بجائزة المغفور له بإذن الله جميل عبد العاطى الرفاعى الشريف وقدرها (أربعة آلاف جنيه مصري) خصصت لأفضل بحث في مجال الدراسات الآثارية والحضارية عن مكة المكرمة
وصرح الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير المكتب الإعلامى للمجلس بأن البحث الفائز عنوانه "مكة المكرمة والشرعية السياسية فى مصر فى العصر المملوكى" ويتناول مفهوم الشرعية السياسية كأحد أبرز الأدوات السياسية التى حرصت عليها السلطة المملوكية.
فقد تمحور جزء كبير فى الفكر المملوكى أن الدعم للحجاز ولمكة المكرمة تحديدًا هى أداة بالغة الأهمية فى وجود صورة دينية ناصعة تدعم الشعبية السياسية للحكم المملوكى،و لقد جاء دعم المماليك للحجاز ليؤكدوا زعامتهم على العالم الإسلامي عندما تكون لهم السيادة على مكة والمدينة المنورة
وأضاف الدكتور ريحان أن المماليك حاولوا أن يرتبطوا بمكة المكرمة بشكل كبير وأن تكون هذه الصورة هى الصورة المعروفة فى العالم الإسلامى فعلى سبيل المثال كانت العديد من الوفود تأتى إلى مصر فى العصر المملوكى لتبليغ السلطان المملوكي اعتناق بعض الملوك الإسلام لما لسلاطين المماليك من زعامة خاصة وأنهم المسئولين على الحرمين الشريفين ولوجود الخلافة العباسية بالقاهرة.
فحرص الملوك الذين اعتنقوا الإسلام على الحصول على الصبغة الشرعية لحكمهم، ففي سنة 661هـ/ 1262م أرسل بركة خان مغول القفجاق بسفارة إلى السلطان الظاهر بيبرس يعلمه بإسلامه ورسالة بأسماء من أسلم من المغول.
وقد أوضح بركة خان مدى عمق إسلامه حينما قال " فليعلم السلطان أني حاربت هولاكو الذي من لحمي ودمي لإعلاء كلمة الله العليا" وفرح السلطان بيبرس بإسلام بركة خان وأمر بالدعاء له وأرسل له هدية قيمة .
وأشار الدكتور ريحان إلى أن السلطة المملوكية كانت حريصة على مراقبة الوضع الإقتصادى فى مكة المكرمة ففي سنة (837هـ/1433م) كُتب إلى مكة بأن لا يُؤخذ من التجار الهنود الواردين إلى جدة سوى العشر فقط.
وأن يُؤخذ من التجار المسلمين والشامين إذا وردوا ببضائع اليمن عشران، وأن من قدم من التجار اليمنيين إلى جدة ببضائع تُؤخذ بأكملها من غير ثمن وكان الظاهر بيبرس أول سلاطين دولة المماليك بمصر قدم الامتيازات للحجاز.
فكان يرسل في كل سنة إلى مكة عشرة آلاف أردب من القمح وكانت توزع على الفقراء والمساكين من أجل تحسين مستوي معيشتهم، وكذلك صار علي نهجه كل من تولي الحكم من الأمراء المماليك ليضفوا الشرعية الدينية لحكمهم لما لمكة من مكانة عالية في قلوب المسلمين في جميع أنحاء المعمورة.
وكذلك كانت للنساء دور كبير فى هذا فقد قامت السيدة زينب، بوكالة زوجها الأمير جقمق المحمدي وحجة وقفها (سنة 887 هـ/1482م)، وتضمنت أوجه صرفها، تحديد عشرة دنانير من الذهب الأشرفي الظاهري في كل سنة، تُصرف لقارئين حافظين لكتاب الله يقرآن ما تيسر لهما من قراءته من القرآن الكريم، على أن يكون لكل منهما خمسة دنانير.
وقد حددت الواقفة في هذه الحجة شراء مصحفين يبتاعهما الناظر على هذا الوقف بما يراه من الثمن، ويخصص الأول لمكة المكرمة، والثاني للمدينة المنورة، وبالتالى فإن مكة المكرمة شكلت رابطة عقد السياسة المملوكية وحجر زاويتها لما لها من مكانة مقدسة فى نفوس المسلمين.
ولذلك حاول السلاطين أن يستمدوا شرعيتهم السياسية والروحية من علاقتهم بها وتعويض النظرة الدونية التى نظر لهم بها معظم المسلمين كونهم يرجعون لأصول غير حرة فرمموا شرعيتهم واستمدوا قوتهم وحضورهم السياسى والروحى فى العالم الإسلامى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق