علاء الدين ظاهر
تحل اليوم 14 مارس ذكري مرور 112 عام على افتتاح المتحف القبطى،حيث يشهد إقامة معرض الهروب إلى مصر الذى يحكى رحلة العائلة المقدسة بمصر ومساراتها وحياة السيد المسيح منذ البشارة بميلاده وحتى العودة إلى فلسطين.
وفى هذا الإطار يشير خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار إلى أن واجهة المتحف القبطى هى رسالة سلام ومحبة فى حد ذاتها باعتبارها لوحة معمارية استثنائية لا مثيل لها فى العالم.
وقد قام مؤسس المتحف القبطى مرقص سميكة باشا بنسخ واجهة جامع الأقمر الفاطمى بشارع المعز لتكون واجهة المتحف القبطى حين تأسيسه لتؤكد قيم التلاحم والتعانق بين الأديان فى مصر وأن العمارة المسيحية والإسلامية فى مصر هى منظومة تواصل حضارى وتأثير وتأثر وتشابك والتحام فى نسيج واحد بخيوطه من سداه ولحمة
ويضيف الدكتور ريحان أن هذه الواجهة هى نموذج طبق الأصل من واجهة جامع الأقمر وقد أضاف إليها الفنان التشكيلى راغب عياد الرموز المسيحية وولد مرقص سميكة عام 1864 فى عائلة قبطية عريقة تضم رجال دين ورجال قضاء وعمل بالآثار القبطية حتى وفاته وكان عضوًا فى مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية والجمعية التشريعية ومجلس المعارف الأعلى والجمعية الملكية الجغرافية ومجلس أعلى دار الآثار العربية وعضو مجلس الأثريين فى لندن وعضو مجلس إدارة جمعية الآثار القبطية بالقاهرة ومن مؤلفاته دليل المتحف القبطى والكنائس الأثرية فى مجلدين باللغتين العربية والإنجليزية ووضع فهارس المخطوطات العربية والقبطية الموجودة بالمتحف القبطى
وينوه الدكتور ريحان إلى أن المتحف القبطى تأسس عام 1908 ويقع بمنطقة مصر القديمة أمام محطة مترو الأنفاق وقد أفتتح رسميًا فى 14 مارس عام 1910 وأنشئت المبانى الأولى لهذا المتحف على جزء من الأرض التابعة لأوقاف الكنيسة القبطية قدمها البابا كيرلس الخامس البطريرك 112 وقد سمح أيضًا بنقل جميع التحف والأدوات القبطية الأثرية كالمشربيات.
والأسقف والأعمدة الرخامية والنوافذ واللوحات والحشوات الخشبية المنقوشة والأبواب المطعمة والأرائك والبلاطات الخزفية التى كانت فى منازل الأقباط القديمة و ظل المتحف القبطى ملكًا للبطريركية حتى عام 1931حين قررت الحكومة ضمه إلى أملاك الدولة لأنه يمثل حقبة هامة من سلسلة حقبات الفن والتاريخ المصرى القديم وتقديرًا لمرقص سميكة باشا قامت الحكومة بعمل تمثال نصفى له على نفقة الدولة أقيم وسط الحديقة الخارجية أمام مدخل المتحف.
ولفت الدكتور ريحان إلى أن المتحف القبطى يضم حوالي 16000 قطعة أثرية مرتبة فى 12 قسم ترتيبًا تاريخيًا، ومن أهم مقتيناته شاهد قبر من الحجر الجيري يظهر التداخل بين علامتي الصليب والعنخ (نهاية القرن 4م)، قطعة نسيج عليها بعض الرموز المسيحية (القرن 6م)، نقش علي مشط من العاج يظهر بعض معجزات السيد المسيح (القرن 7م)، تاج عمود من الحجر الجيري مزين بشكل عناقيد العنب (القرن 7م)، مسرجة من البرونز لها مقبض على شكل الهلال والصليب (القرن 13م).
ويضم الجناح القديم للمتحف مجموعة من قطع الأثاث الخشبية والأبواب المطعمة والباب المصنوع من خشب الجميز الخاص بحامل أيقونات كنيسة القديسة بربارة، كما يضم لفائف نبات الأكانتس وأوراق العنب وأفاريز مزدانة بأرانب وطواويس وطيور، علاوة على مخطوطات للكتاب المقدس.
وبخصوص مسار العائلة المقدسة يشير الدكتور ريحان إلى أن الرحلة إلى مصر استغرقت ثلاث سنوات و11 شهرًا وقطعت الرحلة بمصر 2000كم ذهاب وإياب وقد جاء السيد المسيح وعمره أقل من عام أى جاء مصر طفلًا وعاد صبيًا وقد باركت العائلة المقدسة العديد من المواقع بمصر من رفح إلى الدير المحرق تضم حاليًا آثار وآبار وأشجار ومغارات ونقوش صخرية.
جاءت العائلة المقدسة عن طريق شمال سيناء ثم اتجهت إلى الدلتا ثم إلى وادى النطرون فمنطقة حصن بابليون لتأخذ طريقها فى نهر النيل إلى نهاية الرحلة بدير المحرق بالقوصية محافظة أسيوط وشملت المحطات بمسمياتها الحالية وكانت لها مسميات قديمة أثناء الرحلة رفح، الشيخ زويد، العريش، الفلوسيات، القلس، الفرما، تل بسطة، مسطرد، بلبيس، منية سمنود، سمنود، سخا، بلقاس، وادي النطرون، المطرية وعين شمس، الزيتون، وسط القاهرة حارة زويلة وكلوت بك، مصر القديمة وحصن بابليون، المعادي، منف، دير الجرنوس، البهنسا، جبل الطير، أنصنا، الأشمونين، ديروط، ملوي، كوم ماريا، تل العمارنة، القوصية، ميرة، الدير المحرّق وفى طريق العودة مرت العائلة المقدسة على جبل أسيوط الغربي "درنكة" إلى مصر القديمة ثم المطرية فالمحمة ومنها إلى سيناء.
جدير بالذكر أن مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار وافق مؤخرًا على تسجيل مبنى المتحف القبطي في عداد الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية والذي تم إنشاؤه عام 1898م وافتتاحه رسميًا عام 1910، ليصبح بذلك المتحف الأول والوحيد بالعالم المتخصص في الآثار القبطية وذلك فى اجتماعه الثلاثاء 21 ديسمبر 2021برئاسة الدكتور مصطفى وزيرى أمين عام المجلس الأعلى للآثار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق