علاء الدين ظاهر
صدر حديثا لباحث المصريات الدكتور محمد رأفت عباس كتاب "حروب إمبراطورية الرعامسة.. نضال مصر العسكري عبر مائة وعشرين عاما" عن دار نشر الكتاب العربي،ليشارك في فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته ال55 التي ستقام في الفترة من 24 يناير الجاري حتى 6 فبراير المقبل، بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس.
واكد الدكتور عباس في تصريح له أن الكتاب يقدم وثيقة تاريخية فريدة لأبناء الأمة المصرية التليدة عن أعظم وأمجد صفحات نضال مصر العسكري في تاريخها القديم.
وقال إنه خلال القرنين الثالث عشر والثاني عشر قبل الميلاد قدر لمصر أن تخوض أكبر الحروب والمعارك في تاريخها القديم ، وأكثرها عنفا وشراسة على الاطلاق فى تاريخ منطقة الشرق الأدني القديم خلال العصر البرونزي المتأخر ، وقد عرفت تلك الحقبة بعصر الرعامسة في تاريخ مصر القديمة .
وأضاف أن هذه الحروب الكبري التي خاضتها الدولة المصرية في سوريا وكنعان ( فلسطين ) وبلاد النوبة حددت مصير منطقة الشرق الأدني القديم لعدة قرون ، وقد اتسمت في مراحلها الأولي بكونها حروبا توسعية تهدف إلى استعادة أملاك الإمبراطورية المصرية في بلاد الشام خلال عهدي الملكين المحاربين العظيمين "سيتي الأول" و"رمسيس الثاني" ، وإلى الاصطدام بالقوة السياسية والعسكرية العظمي المنافسة لمصر في المنطقة والتي تمثلت فى الإمبراطورية الحيثية ( خيتا ) القابعة في آسيا الصغري.
واوضح أن هذه المرحلة من حروب إمبراطورية الرعامسة شهدت صراعا حربيا واستراتيجيا مريرا بين مصر وخيتا حول فرض النفوذ السياسي في سوريا ، بلغ أوجه في معركة "قادش الكبرى" التي وقعت في العام الخامس من عهد الملك "رمسيس الثاني" فى مدينة قادش السورية ، والتي اعتبرها المؤرخون" أم المعارك" في التاريخ القديم ، وانتهت هذه الحروب بنجاح الإمبراطورية المصرية في استعادة نفوذها في كنعان وسوريا الجنوبية ، وفي فرض السلام والتوازن الاستراتيجي بين القوي الكبري في المنطقة.
وتابع قائلا" أما عن المرحلة الثانية من حروب إمبراطورية الرعامسة ، والتي خاضتها مصر في عهد الملكين"مرنبتاح" و" رمسيس الثالث" ، فقد اتسمت بكونها حروبا دفاعية نتيجة للتغيرات الجيوبوليتيكية الكبري والخطيرة التي طرأت على منطقة الشرق الأدني القديم ، والتي كان أبرزها هجرات شعوب البحر المدمرة ، فكان على مصر القتال على حدودها المختلفة والتصدي لغزوات الليبيين وشعوب البحر الكاسحة .
واكد باحث المصريات أن صفحات التاريخ تذكر بكل فخر أنه بعد أن تسببت غزوات شعوب البحر المدمرة في القضاء على العديد من الممالك والمدن الكبري فى الأناضول وسوريا ، نجحت مصر فى التصدي لهذا الغزو البربري المدمر بريا وبحريا ، وتمكنت من إنقاذ حضارتها وحضارة الشرق الأدني القديم بأسره من هذا الطوفان، انتهت هذه الحروب المجيدة بأن سطرت مصر وجيوشها وملوكها الرعامسة المحاربين ملحمة تاريخية خالدة بالتصدي لغزوات الليبيين وشعوب البحر ، وأنقذت الأرض المصرية من الغزو والدمار.
والدكتور محمد رأفت عباس أكاديمي مصري ، باحث في علم المصريات ومؤرخ وكاتب ، حاصل على درجتي الماجستير ودكتوراه الفلسفة في علم المصريات شارك في العديد من المؤتمرات والمشروعات العلمية الدولية في مجال التخصص ، وقدم على مدار السنوات الماضية مجموعة متميزة من البحوث الدولية المحكمة والمنشورة عن التاريخ الحربي والإمبريالي لمصر القديمة خلال عهد الإمبراطورية من خلال دوريات وكتب علم المصريات المختلفة في أوروبا ، والتي لاقت إشادة متميزة من كبار العلماء والباحثين على مستوى العالم .
يعمل عباس على تنفيذ مشروع علمي وفكري يهدف إلى تعريف العقل الجمعي المصري بأبعاد المجد الحربي لمصر القديمة خلال عهد إمبراطوريتها ( 1550 – 1069 ق.م ) وتوعية المثقف المصري والعربي بعمق التاريخ الحربي لمصر القديمة ، وفي إطار هذا المشروع قدم للمكتبة العربية مجموعة من المؤلفات مثل كتابه « الجيش في مصر القديمة ( عصر الدولة الحديثة ) » الذي حصل على جائزة معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2017 كأفضل كتاب في مجال العلوم الانسانية ، وكتابه « من الفرات إلى الجندل الرابع » الصادر عام 2018 ، وكتابه « معجم التاريخ الحربي لمصر القديمة » الصادر عام 2020 ، بالإضافة إلى ترجمته للكتاب الشهير « تحتمس الثالث : حياة وحروب أعظم ملوك مصر المحاربين » للمؤرخ ريتشارد أ. جابرييل .
قام في عام 2021 بتنظيم أول مؤتمر دولي في تاريخ علم المصريات عن العسكرية المصرية في عهد الرعامسة في جامعة لودفيج ماكسيميليانس في ميونيخ بألمانيا ، بمشاركة نخبة من كبار علماء المصريات والأثاريين العالميين ، والذي قد حقق نجاحا باهرا في الأوساط العلمية الدولية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق