21‏/06‏/2015

فانوس رمضان أصله"إغريقي"..و"نمام"في القاموس المحيط


علاء الدين ظاهر 

كشفت الدكتورة مني صبح مدير عام التنمية الثقافية والتربية المتحفية بوزارة الآثار، عن إنسان العصر الحجري الأول هو أول من أشعل النار واستعملها في الطبخ خاصة اللحوم، ومن هنا اكتشف قدرة الدهون علي الاحتراق باعتبارها نوعاً من الوقود، ولعله من هنا أدرك كيفية صنع شموع الإضاءة؛ وذلك بوجود مصدر محمول للهب في صورة مصباح دهني بإضافة إلي حفرة النار مما يعد تجهيزات جيدة لرجل الكهف لينير ظلمة الكهف والحياة، وكانت شموع الإنسان الأول في صورة نباتات مثل القصبات أو الأعشاب المغموسة في دهن الحيوان.

جاء ذلك في "بحث" للدكتورة صبح عن طرق الإضاءة في العصر الفرعوني واليوناني الروماني والقبطي حتي فانوس رمضان في العصر الاسلامي, وقالت إن الحاكم بأمر الله أهدى جامع عمرو تحفة فضية عظيمة اشتملت على 700 مصباح، بحيث اضطروا إلى هدم أحد أبواب المسجد لتركيبها, كما استخدمت الشموع في أدوات الإضاءة وازدهرت صناعة الشمع في مصر الإسلامية, كما صنعت الشماعد من النحاس منذ فجر الإسلام في مصر، ويرجح أنها كانت تستخدم في المنازل والقصور, وكان محمد بن طغج الإخشيد يخرج ليلاً ويوقد الخدام بين يديه الشموع للإنارة.

وتابعت: كان لسوق الشموع رواج عظيم في بداية رمضان في عصر الفاطميين، إقبالاً عليه لاستخدامه في الإضاءة, وزيت المصابيح يستخدم من زيت بذور الفجل واللفت، ويسمى بالزيت الحار, ولذلك غلا ثمن هذا النوع عندما أمر الحاكم بأمر الله بإضاءة جميع الدور والأزقة والحوانيت ليلاً, ومن أبدع ما أنتجه فنانو العصر المملوكي، قناديل زجاجية كان السلاطين والأمراء يأمرون بصنعها لتوضع في المساجد، حيث صنعت من الزجاج المموه بالمينا والذهب وقد تميزت بشكلها الخاص وعرفت باسم المشكاوات.

وتابعت: تعتبر المجموعة التي عثر عليها بمدرسة السلطان حسن هي الأكبر، بالإضافة إلى تطور صناعة الشماعد والتنانير النحاسية في العصر المملوكي، وضخامتها بحيث كانت تتألف من عدة دورات كان يعلق بكل دورة منها مجموعة من المصابيح الزجاجية وتربط هذه الدورات عن طريق سلاسل.

وقالت في بحثها إن الفانوس استخدم في صدر الإسلام في الإضاءة ليلاً للذهاب إلى المساجد وزيارة الأصدقاء والأقارب، أما كلمة الفانوس فهي إغريقية تشير إلى إحدى وسائل الإضاءة، وفي بعض اللغات السامية يقال للفانوس فيها 'فناس'، ويذكر الفيروزأبادي مؤلف القاموس المحيط، أن المعني الأصلي للفانوس هو "النمام" ويرجع صاحب القاموس تسميته بهذا الاسم إلي أنه يظهر حامله وسط الظلام والكلمة بهذا المعني معروفه.

وحول أصل الفانوس وبداية استخدامه، قالت يوجد عدة حكايات بهذا الشأن منها أن الخليفة الفاطمي كان دائما ما يخرج إلى الشارع في ليلة رؤية هلال رمضان لاستطلاع الهلال وكان الأطفال يخرجون معه يحمل كل منهم فانوسا ليضيئوا له الطريق وكانوا يتغنون ببعض الأغاني التي تعبر عن فرحتهم بقدوم شهر رمضان، ورواية أخرى وهي أن أحد الخلفاء الفاطميين أراد أن يجعل كل شوارع القاهرة مضيئة طوال ليالي رمضان فأمر شيوخ المساجد بتعليق فوانيس على كل مسجد وتتم إضاءتها بالشموع.

ورواية أخرى أيضا أنه لم يكن يسمح للنساء بالخروج سوى في شهر رمضان فكن يخرجن ويتقدم كل امرأة غلام يحمل فانوسا لينبه الرجال بوجود سيدة في الطريق حتى يبتعدوا مما يتيح للمرأة الاستمتاع بالخروج ولا يراها الرجال في نفس الوقت، وحتى بعدما أتيح للمرأة الخروج بعد ذلك ظلت هذه العادة متأصلة بالأطفال حيث كانوا يحملون الفوانيس ويطوفون ويغنون بها في الشوارع,وأول من عرف استخدام الفانوس في رمضان هم المصريون منذ قدوم الخليفة الفاطمي إلى القاهرة قادما من الغرب وكان ذلك في اليوم الخامس من شهر رمضان لعام 358 هجرية،حيث خرج المصريون في مواكب من رجال وأطفال ونساء حاملين الفوانيس الملونة لاستقباله,وبهذا تأصلت عادة الفانوس وأصبحت رمزا رمضانيا، ثم انتقلت هذه العادة من مصر إلى معظم الدول العربية,ليصبح فانوس رمضان جزءا أصيلا من تقاليد شهر رمضان.

ولقد تطورت صناعة الفانوس على مر العصور من حيث الشكل واللون والتركيب، حيث كان له شكل المصباح في البداية وكانت تتم إنارته بالشموع ثم أصبح يضاء باللمبات الصغيرة ثم بدأ يتطور حتى أخذ الشكل التقليدي المعروف لنا جميعا وبعد ذلك أصبح الفانوس يأخذ أشكالا تحاكي مجريات الأحداث والشخصيات الكرتونية المختلفة المشهورة في الوقت الحاضر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق