06‏/03‏/2021

قوموا للعمل سريعًا..فاتورة بيع أوشابتي والثمن المدفوع قبل آلاف السنين في حضور باستت وبتاح وحورس

علاء الدين ظاهر

يمتلك الدكتور رمضان بدري حسين استاذ الاثار المصرية جامعة توبنجن ومدير حفائر جامعة توبنجن بسقارة كثيرا من العلم المشوق فيما يتعلق بالآثار والحضارة المصرية القديمة،والاقتصاديات المرتبطة بالموت وعادات الجنازة والدفن في مصر القديمة،وخاصة في العصرين المتأخر واليوناني.


وفي هذا الإطار كشف بدري قصة فاتورة بيع عدد 401 تمثال أوشابتي صغير والثمن المدفوع فيهم،موضحا لمن يبدو الاسم 'أوشابتي/شوابتي' غريبًا عليه، فهي تماثيل صغيرة، بحجم كف اليد أو أقل أو أكبر، مصنوعة في الغالب من الفاينس (القيشاني).



ويُنقش على بعضها اسم المتوفي. ويحل كل تمثال محل المتوفي لمدة يوم واحد في أداء أعمال زراعية في الجنة، فيصبح عددهم 365 تمثالاً بعدد أيام السنة،وعملًا بالنظام المصري القديم في تقسيم قوة العمل بأي مشروع، يتم تقسيم الأوشابتي إلى فرق عمل من عشرة عمال، فيصبح عددهم 36 فرقة. 



يضاف لكل فرقة ريس عمال، أي 36 ريس أوشابتي، لتصبح قوة العمل 401 تمثال أوشابتي، جميعهم تجسيدًا للمتوفى. هم حقًا 401 مستنسخًا clone من المتوفى. ولقد عثرنا مع السيدة تاديحور بقبرها بالبئر الملحق بورشة التحنيط بسقارة على 401 تمثال أوشابتي.



أما فاتورة بيع تماثيل الأوشابتي، موضوعنا اليوم، فهي مكتوبة بالخط الهيراطيقي المختزل (abnormal hieratic)، ومعروفة ببردية المتحف البريطاني رقم 10800. وإليكم ترجمة عربية لنص الفاتورة:

صح


"العام 14، شهر الفيضان الثاني، اليوم الثامن. يُقِرُ صانع التمائم الرئيس بمعبد أمون، با-دي-خنسو بن نس-بان-غنخ بن حور، لمحبوب الإله، الكاهن المُطهِر، نس-بر-عنخ بن إيهافي بن إيوف-خنسو: 'أقسم بحياة أمون أنني استلمت منك ثمن (فضة) 365 أوشابتي ورؤسائهم ال 36، بإجمالي 401، وأنني راضِ،تماثيل خدم وخادمات.



 استلمت منك ثمنها فضة نقية'. يا أيها الأوشابتي، قوموا للعمل سريعًا نيابة عن الكاهن المُطهِر، إيهافي! قولوا نحن جاهزون، حين يناديكم لتؤدوا الخدمة اليومية'، فقد تسلمت منه ثمنكم، فضة.



أقرَ بذلك في حضور باستت ... وبتاح وحورس. قالها بلسانه. والشهود على هذا الإقرار هم: با-ميوو بن عنخ-با-غرد و جد-خنسو-ايوف-عنخ بن حر-با-غرد."



وإلى هنا تنتهي فاتورة البيع، ونفهم منها أن المدعو نس-بر-عنخ اشترى تماثيل أوشابتي لوالده المتوفى إيهافي من صانع التمائم با-دي-خنسو مقابل مبلغ من الفضة في حضور شهود.



والجميل أن البائع يوجه حديثه لتماثيل الأوشابتي يخبرها بأنه استلم ثمنهم وعليهم أن يقوموا بأداء الخدمة اليومية نيابة عن إيهافي، وكأن فاعلية التماثيل في العالم الآخر تتوقف على رضاء الصانع البائع عن الصفقة،نعم، لقد قام على الموت وعادات الجنازة والدفن في مصر القديمة اقتصادٌ كبيرٌ جدًا، بل وكان للدولة فيه نصيب، وهذا ما سنوضحه مستقبلًا.


+++++++++++++

الصور:

صورة البردية من مقالة Edwards, Bill of Sale for a Set of Ushabtis, JEA 57 (1971). 120-127


الصورة بالاسفل مجموعة من تماثيل الاوشابتي الخاصة بالسيدة تادي حور، مشروع مقابر العصر الصاوي بسقارة - جامعة توبنجن الالمانية.


هناك تعليق واحد:

  1. روعة المصري القديم حين يربط الفكر الديني بالحياة المجتمعية ونموذج رائع لعملية البيع والشراء وحتى الشهود وهذا يدل على رقي المصري القديم في تعاملاتة لان قلبه سيشهد علية في العالم الاخر هل قام بتطبيق الماعت في المعاملات ام لا...ايضا عند ارتحال الروح وعبورها بوابات العالم الاخر حينما تقابل الروح الحيوانات المفترسة تعبيرا عن رغبات ونوازع النفس البشرية ....فمن كانت اعمالة نقية يعبر بروحة بوابات العالم الاخر ومن كانت نوازعة ونفسة سلبية تقتات علية الحيوانات ويسقط في بحيرة النار ....
    شكرا جزيلا استاذنا

    ردحذف