23‏/05‏/2021

لا تسجيل ولا ترميم..مسجد سيدي خميس ضحية الإهمال بين الآثار والأوقاف والسقف أكلته الفئران..القصة كاملة بالصور

علاء الدين ظاهر 

هل باتت الآثار الإسلامية مستباحة الي هذا الحد؟،سؤال جال في رأسي عندما تلقيت معلومات من مصادري الخاصة في الآثار عن مسجد سيدي خميس في قرية ساحل الجوابر بالمنوفية،والذي لا نتمني له مصيرا مشابها لما حدث لطابية قلعة فتح العسكرية في أسوان وهي من الآثار الإسلامية المهمة،وقد هدمها بلدوزر مؤخرا وكان الرد أن ذلك حدث بالخطأ!!!!!.



عندما تتبعت المعلومات التي وصلتني عن المسجد توالت المفاجآت،وكان أولها أن المسجد رغم قيمته الأثرية والتاريخية فإنه غير مسجل!!،حيث أن وزارة السياحة والآثار ترفض تسجيله كما قالت المصادر،ولأول وهلة تعجبت ثم زال العجب بعد لحظة عندما تذكرت أن الآثار تصمت عن هدم الآثار المسجلة مثل طابية أسوان،وبالتالي لن تسجل أثرا غير مسجل رغم أنه يستحق.



ثاني المفاجآت أن وزارة الأوقاف المالكة رسميا للآثار الإسلامية خاصة المساجد بحكم طبيعة مهمتها،الاوقاف كما قالت المصادر ترفض ترميم المسجد ولا تحمل نفقات ترميمه،رغم أن المسجد الأثري الغير مسجل مهمل منذ سنوات طويلة،وهذا الإهمال الذي إجتمع مع سقوط المسجد من حسابات مسئولي الآثار أدي لتدهور حالته مما يتطلب تدخلا عاجلا.



خاصة أن المسجد كما قال أحد الأهالي هناك"باظ خالص والجدران شققت والسقف نصه وقع وتأكل بسبب الفئران والعصافير والأرض ريحت بالجدران والأعمدة"،وهو ما تطابق مع المعلومات التي امدتنا بها المصادر عن الحالة المعمارية للمسجد.



المسجد كما قالت المصادر مغلق منذ عدة سنوات،مما آثار حزن الأهالي هناك،خاصة أنهم يرتبطون به ويتمنون بشدة ترميمه وإعادة فتحه ليؤدون الصلاة فيه مرة أخرى،حيث يضم المسجد ضريحين ونص كتابي للمنشئ علي أحد الأعمدة في الداخل



وثالث المفاجآت جاءت في كما قالت المصادر فيما يتردد هناك،حيث يردد البعض أن المسجد أسفله آثار وذهب،وبالتالي عدم تسجيله ضمن الآثار سيكون فرصة لهدم المسجد وإعادة بنائه مرة أخري،وربما خلال ذلك قد يعثر البعض علي الكنز المزعوم أسفل المسجد.



وقد يسأل أحدهم:هل هناك دليل علمي يؤكد ما سبق؟.. ولأننا لا نكتب إلا حقا كما تعودنا نقول وبكل قوة وثقة نعم،فرغم ثقتنا التامة في معلومات مصادرنا،الا إننا نقدم دليلا مهما علي ما تناولناه،وهذا الدليل يتمثل في دراسة علمية مهمة جداً للدكتور معتز أحمد عبد الحميد مرعى مدرس الآثار والحضارة الإسلامية في كلية السياحة والفنادق بجامعة مدينة السادات،وقد أجراها عن المسجد ووثق فيها تاريخه وحالته وكل التفاصيل عنه،وختمها بتوصيات ومطالب في غاية الأهمية.



وطبقا لما جاء في الدراسة،يعتبر مسجد سيدي خميس"1327 ه‍ - 1909م" بقرية ساحل الجوابر من المساجد ذات القيمة التاريخية والأثرية التي شيدت بمحافظة المنوفية،وذلك خلال فترة حكم الخديو عباس حلمي،بما يحتويه من طرز معمارية وفنية متنوعة،حيث يتميز المسجد أيضا بأهميته الدينية في نفوس أهالي القرية والمناطق المحيطة بها،نظرا لإحتوائه على ضريح أحد أولياء الله وهو سيدي خميس.



وينتمي هذا المسجد لعصر الخديو عباس حلمي الثاني الذى شهد نهضة فى العمارة الدينية والاهتمام بتشييد وتجديد مساجد آل البيت والصالحين،وهو ما أصبح ظاهرة تميز هذا العصر.


يرجع السبب فى تسمية المسجد لوجود ضريح "سيدي خميس"فى المكان الذى بني فيه،وهو احد أولياء الله الصالحين الذى قدم الى القرية فى ق 13 ه‍/19م،وعاش فيها حتى وفاته ودفن فى الضريح الذى بني عليه المسجد فيما بعد،ويمتد نسب سيدى خميس الى سيدنا رسول"ص".



الدراسة كشفت أن المعمار قد تأثر أثناء تصميمه للمسجد وتشكيله لوحداته وعناصره المعمارية تأثرا كبيراً بالطرز المعمارية والفنية للعصر المملوكي، وهو ما كان يميز عصر الخديو عباس حلمي الثاني الذى اهتم بشكل خاص بإحياء طرز العمارة المملوكية.


وقد تنوعت العناصر الزخرفية بمسجد سيدي خميس ما بين زخارف نباتية وزخارف هندسية ونقوش كتابية،وجميع زخارف المسجد من الخارج منفذة بأسلوب الحفر البارز،أما زخارف المسجد من الداخل فمنفذة بأسلوب الرسم بألوان زيتية مختلفة،ما عدا زخارف المنبر التى نفذت بأسلوب الحفر البارز.


والمئذنة فى الركن الغربي من المسجد تعد من العلامات المميزة له،كما تعد من أجمل وأروع المآذن فى مركز الشهداء بل فى محافظة المنوفية كلها، وذلك لعظمة بنائها وروعة زخارف بدنها الذى زخرف بأجمل الزخارف النباتية والهندسية.



وقد بنيت على الطراز المملوكي ويبلغ ارتفاعها 12 م،وهي من أهم العناصر المعمارية الموجودة بالمسجد، حيث فاقت المئذنة في جمالها وروعتها بقية العناصر المعمارية الأخرى،لإحتوائها على مكونات معمارية عديدة تميزت بالدقة والإتقان والرشاقة في نسبها.



وكشفت الدراسة بشكل رسمي أنه على الرغم من الأهمية التاريخية والاثرية لمسجد سيدى خميس، إلى جانب أهميته الدينية فى نفوس أهالى قرية ساحل الجوابر، إلا انه يعانى من حالة اهمال شديدة أدت الى سوء حالة


عناصره المعمارية والفنية، بالاضافة الى أن المسجد مغلق نظرا لوجود نزاع ما بين وزارة الأوقاف وبين منطقة آثار المنوفية،بسبب رغبة الأوقاف فى هدم المسجد واعادة بنائه من جديد مما كان سيتسبب فى طمس معالمه الأثرية.


وبناءا علي ما سبق،انتهت الدراسة إلي التوصية بتسجيل هذا المسجد ضمن عداد الآثار الإسلامية في محافظة المنوفية،كذلك أوصت الدراسة بتوظيف المسجد سياحيا بما يتفق مع أهميته الأثرية والدينية.



هناك تعليق واحد: