23‏/06‏/2021

"آثار مصر"عند قناطر إبن طولون..إهمال أدي لما يفوق الوصف..إقرأوا وشاهدوا حجم الكارثة

علاء الدين ظاهر

سيطرت حالة من الغضب الأيام الماضية علي عشاق ومحبي تراث وآثار هذا الوطن الغالي علينا جميعا،وذلك بعد تداول صور أظهرت الحالة المزرية التي وصلت إليها قناطر أحمد بن طولون،والتي تعد أحد أقدم وأندر الآثار الإسلامية في مصر قاطبة.



القناطر التي يرجع تاريخ إنشائها لعام 259 هـ أي أنها تمتلك 1182 عامًا من التاريخ،هذه القناطر عبر سنوات كثيرة ماضية تعرضت لإهمال شديد ادي لتدهور حالتها وتهدم الكثير منها وأصبحت علي وشك الفناء بعدما صارت مجرد أطلال من التاريخ.




ولأن الأثر غالي قررنا كعادتنا في بوابة آثار مصر مع قرائنا الذهاب إلي هناك لرؤية الأمر علي أرض الواقع،ونوثق حال هذه القناطر الأثرية المهمة،وهي لنقل المياه وقد بنيت من الآجر "الطوب المحروق" واستخدم المعماري فيها آلية معينة كي تنتقل فوقها المياه بسلاسة إلى مقصدها.


وهناك كانت صدمتنا،حيث أن الصور التي انتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي وأظهرت تهدم بعض العقود من هذا الأثر النادر،وقمنا بجولة في القناطر للوقوف على الحقيقة الكاملة،حيث وثقنا بمجموعة صور خاصة وفيديو حصري للسور الأثري للقناطر وقد تم التعدي على جميع أجزاؤه بصور مختلفة.




فقد استباح البعض لنفسه إستغلال منطقة مجاورة للسور وحولها إلي مخزن رخام خاص بأحد المصانع هناك، كما أن أصحاب السيارات اتخذوا من مسافة طويلة علي مسار السور مكان وحولوه إلي ما يشبه الجراج لانتظار السيارات وبعضها ظهر من الأتربة عليه بما لا يدع مجالاً للشك أنها مركونة في المكان منذ فترة طويلة.



كما أن سقالات ومهمات البناء المستخدمة في تشييد أحد الكباري هناك والذي يمر من فوق القناطر الأثرية قد ارتكزت على أحد أجزائها الأثرية،كما وجدنا في مواضع أخري أجزاء من القناطر، وقد تهدمت تمامًا، وبعض عقودها وهي توشك على السقوط، وعقود أخرى وفوقها قطع خشبية ما، وعقود تم سدها بقطع من الصاج.




وارتفعت العديد من الأصوات التي تطالب بالاعتناء بقناطر أحمد بن طولون والعناية بها وسرعة إنقاذ المتبقي منها، حيث أنها تُعد من الآثار الهامة في التأريخ لمرحلة مهمة من مراحل التاريخ المصري ألا وهي الدولة الطولونية أول الدول المستقلة في العصر الإسلامي.


من جانبه قال حسام زيدان الباحث الأثري وعضو مؤسس فريق سراديب للوعي الأثري:عمر هذه القناطر يبلغ ما يقرب من 1182 عامًا، أقامها أحمد بن طولون عام 259 هـ/ 872م، وتروي المصادر قصة سبب البناء، عن أنه خرج ذات يوم سائرًا حتى وصل إلى تلك المنطقة، ووصل حتى مسجد يقال له مسجد الأقدام، وقابل خياطًا فطلب منه ماءً وقد بلغ منه العطش مبلغه، فقدم له إناء به بعض الماء وأوصاه بالاقتصاد في الشرب، وفهم ابن طولون منه أن الماء هنا عزيزًا للغاية.



ولما رجع ابن طولون إلى قصره أمر ببناء هذه القناطر، حيث تم حفر بئر في منطقة تسمى العفصة الكبرى وبنوا فوقها القناطر وقالت المصادر إن مهندسها كان مسيحيًا، ونقل لنا البلوي أن تكلفة تلك القناطر بلغت 140 ألف دينارًا، ونقل لنا المقريزي أن تكلفتها بلغت 40 ألف دينارًا، واعتبرت من عجائب الأبنية حتى نُسب بنائها إلى الجن وقيلت فيها الأشعار. 



والباحث المدقق يصعب عليه تصديق الرواية السابقة، حيث أن ابن طولون لن يتكبد هذه التكاليف العالية في سبيل إيصال المياه لمنطقة مقفرة من القرافة لا يسكنها سوى النذر اليسير من الناس.



وأرجع الكثير من الباحثين السبب الرئيسي لإنشاء هذه القناطر هو حمل الماء إلى قصر ابن طولون المترامي الأطراف، والبساتين الملحقة به، إضافة إلى منطقة المعافر.



والقناطر كانت تقع على حدود بركة الحبش جنوب الفسطاط، وتمتد من البساتين حيث يوجد برج المأخذ وتنتهي عند قبر القاضي بكار "قبل هدمه" وكان يقع أمام  مشهد آل طباطبا "280هجرية، واستمدت مياهها مباشرة من النيل، ويفهم من المصادر وكانت هذه القناطر غاية في البناء والإحكام، وكان الجميع يحتاج إليها، فأمر ابن طولون أن تظل مفتوحة طيلة النهار لكل من له غلام أو جارية، وفي الليل تخصص للفقراء والمستورين.




وحاليًا تُعرف هذه القناطر بمجرى الإمام، وهي عبارة عن بئر للمأخذ مبنى بالآجر، وينقسم البئر إلى قسمين ويسحب الماء منه بواسطة ساقيتين ترفعان الماء إلى المجرى فوق ظهر البرج، ثم يسير منه في مجري وضع فوق القناطر، التي تخرج من البرج، وتنحرف بزوايا معينة وتميل للأسفل لتسهل اندفاع المياه للأمام، ثم تمتد في خط مستقيم ناحية مئذنة شاهين أغا الخلوتي، وعقود هذه القناطر تهدم أغلبها، وهي تشبه عقود الجامع الطولوني أي أنها عقود مدببة ذات مركزين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق