23‏/07‏/2021

عالم آثار يكشف..أول ثائر في التاريخ مصري قديم خلدته أغنية

علاء الدين ظاهر

قال الدكتور خالد غريب رئيس قسم الآثار اليونانية الرومانية بكلية الآثار جامعة القاهرة:تهل علينا ذكري الثالث والعشرين من يوليو بتناقض في مشاعر المصريين، منهم من يقبلها ومنهم من استفاد منها ويلعنها، ومنهم من يرفضها سمعا وطاعة لأولي أمره.



لكن لابد أن نعلم أن المصري كان أول من ثار في التاريخ، ففي نهاية الدولة القديمة ومع طول مدة حكم الملك ببي الثاني وتحكي أغنية مشهورة في حينها تعرف بأغنية العازف علي الجنك عن الظروف التي ألمت بمصر ومدي كفر قطاع كبير من الشعب بالأحوال وعدم إيمانهم بالعالم الأخر الذي كان صلب العقيدة المصرية فتقول الأغنية اضحك ارقص افعل مايحلو لك لاتصدق أن هناك جنة أو نعيم، اخبرني أن كان هناك من ذهب وعاد ثانية ابن فلان وفلان.....



 كما تتحدث بردية ليدن 48 عن رجل حكيم اسمه ايبوور تحدث مع الملك معنفا اياه قائلا: إن أصدقائك قد كذبوا عليك، لديك الحكمة والبصيرة والعدالة، ولكنك تترك الفساد ينهش في البلاد، الحقيقة انك أوصلت البلاد لهذا الدمار والحقيقة انك تتفوه الكذب.



وخرجت مصر من هذه الثورة وهي قوية حيث قام منتوحتب نب حبت رع بتوحيد البلاد، ووقف المصريون موقفا عظيما في وصول بلادهم لأعلي مكانتها في الأسرة الثامنة عشرة حتي أن الملك تحتمس الأول قال في لوحته التي جددها حفيده تحتمس الثالث أن حدودي تمتد من قرن الارض (الجندل الرابع) حتي المياه المعكوسة (نهر الفرات) 



وحتي العصر المتأخر الذي يراه البعض انهيارا لمصر لم تخبت ثورة ثورتها فقد ثاروا ضد الأشوريين، حيث ثاروا وتعاونوا مع طاهرقا، وواجهوا أشور بانيبال الذي فتك بالعديد من أعدائه ولكن مصر لم تستسلم أو تخضع، وكان الكتاب المقدس شاهدا علي عظمة مصر حين لعن نينوي عاصمة الاشوريين، حيث يذكر ناحوم( أن نينوي لن تكون اعز عند الرب من نو امون "طيبة" المستقرة بين الأنهار التي تحميها المياه، البحر حصنها، ويسورها البحر, ويدافع عنها المصريون الذين لاحصر لهم).



ثم كانت ثورات المصريين العظيمة ضد الفرس التي كسروا من خلالها حاجز الخوف وكانت نبراسا لغيرهم من الشعوب، فثاروا ضد الفرس عام 486 قبل الميلاد، وهي الثورة التي أشار هيرودوت الي أن قوتها دفعت الفرس أن ينتقموا انتقاما شديدا من الثوار.



لكن هذا الانتقام لم يوقف ثورة المصريين فقاموا بثورة عظيمة أخري عام 465 قبل الميلاد، فقام ايناروس بن بسماتيك الذي تحالف مع الأثينيين واشتري ودهم بالقمح ( الذهب المصري) ونجح الثوار المصريون في قتل الوالي الفارسي.



 ولكن خانهم حليف الأمس الإغريقي ووقع معاهدة تحالف مع الفرس عام 449 قبل الميلاد ولكن هل ماتت الثورة؟ لا استمرت عام 445 قبل الميلاد حيث قام اميرتيوس بالثورة وكان من نتيجتها أن خضع الفرس لمطالب المصريين وعينوهم في الوظائف الرئيسية في البلاد.



كان الحليف الرئيسي للفرس هم اليهود ولذا رأي الثوار المصريون أن الخطوة الأولي للقضاء علي الفرس تكمن في القضاء علي اليهود في مصر، فقام الثوار بهدم معبد اليهود في الفنتين.



كان لابد لهذه الثورات أن تنتهي باستقلال مصر وعودتها الي أيدي أبنائها وتولي حكمها الملك امون حر الثاني الذي حكم الأسرة الثامنة والعشرين ( للمرة الأولي والأخيرة يشير مانيثون الي أسرة حكمها ملك واحد فقط) 

حكمت مصر بيد أبنائها في الأسرتين التاسعة والعشرين والثلاثين، ثم عاد الفرس وخلفهم الاسكندر الذي سعي بكل ما يملك من عقلية الي كسب ود المصريين لأنه يعلم ما هي مصر ومن هم المصريين.



انتقل الحكم للبطالمة الذين حاولوا الخروج من الإسكندرية ولكنهم وهو الحكام خافوا بأس المصريين، حتي جاء بطلميوس الثالث وارضي المصريين بالكثير،  بعد ان ثاروا عليه لخروجه لحرب تاركًا المصريين يواجهون خطر الفيضان.



وهو ماجعلهم يمنحونه الثقة ويسمحون له بالبناء في الصعيد والقيام بالمشروعات العظيمة ومن ناحيته أعاد للمصريين الاثار المنهوبة من قبل الفرس، لكن حين خرج البطالمة عن جادة الصواب واساءؤا معاملة المصريين ثاروا مرة ثانية ضدهم .



واعتبروا بطلميوس الرابع شخصا غير مسئول واستقلوا بالصعيد مع عنخ ماع حور وعنخ ون نفر، بل قاموا بما هو اكبر فقاموا وللمرة الأولي في التاريخ بمحاكمة الملك مثل الأشخاص العاديين في المنظر البديع بمعبد دير المدين، ولم يكتفوا بذلك فخرجوا لمعاقبة اجاثوكليس وسوسيبيوس اللذان كانا يمثلا مركز قوي في القصر الملكي.



ثم بدأ المصريون في الجرأة أكثر وأكثر علي الحاكم الأجنبي فشكروا بطلميوس الخامس ابيفانس في مرسوم كانوب 2 (حجر رشيد) علي ماقدمه للبلاد ولكنهم أضافوا قنبلتين في النهاية:الأولي انه لم يفعل إلا مايقضي به القانون،والثاني انه لم يفعل إلا مافعله أبوه وحده من قبل

كانت ثورات المصريين ضد البطالمة إيذانا بثورات أخري عبرت عن كبريائهم ضد المستعمر.



ولم تتوقف ثورات المصريين ضدالبطالمة بل وقفوا ضد بطلميوس العاشر والحادي عشر، بل هرب من ثورتهم بطلميوس الزمار الي روما مستنجدًا بالرومان.

وبعد انهيار اسرة البطالمة وسيطرة الرومان علي البلاد بدأ المصريون المقاومة السلبية والثورة النفسية علي المستعمر فسخروا من كاليجولا الذي ساند اليهود في عام 38 ميلادية.



ثم اعتبروا فسبسيانوس فسخاني حين فرض عليهم ضريبة السمك المملح، وثاروا علي الحاكم في عهد ماركوس اوريليوس، وسخروا من كراكلا حين لم يمنحهم المواطنة الرومانية، ثاروا انتقاما لدينهم ضد دقلديانوس.



وفي العصر الإسلامي كانت ثورة البشموريين ضد العباسيين والتي انتهت بترحيل الخليفة المأمون العباسي لنحو 3000 مصري نفيا الي العراق مات معظمهم في الطريق.



ثم كانت ثورة المصريين التي خلعت خورشيد باشا وجاءت بمحمد علي كاختيار مصري، وكما ذكر الجبرتي ، فقد حضر سكان مصر القديمة نساءً ورجالاً إلى الجامع الأزهر يشكون ويستغيثون من الدالاتية وهم المرتزقة العسكر الذين جاء بهم خورشيد لحمايته من المصريين.



ثم ثار المصريون ضد الانجليز في أطول ثوراتهم (ثورة 1919) وحققت الثورة أهم أهدافها وهو كسر حاجز الخوف من الانجليز وسماع دوي كلمة الحرية لمصر 

ثم كانت ثورة الثالث والعشرين من يوليو والتي نحتفل بذكراها التاسعة والستين وقد تركت فينا الكثير وكان مكملا لها انتفاضة المصريين في الخامس والعشرين من يناير عام 2011 وماتبعه من ثورة الشعب في 30 يونيه لإيقاف فاشية تتحرك باسم الدين.



هكذا كان الشعب المصري منذ أقدم عصوره حتي الآن محافظا علي بلاده، حاميا لمقدراتها،عاش المصري ثائرا وتحيا مصر تحيا مصر تحيا مصر 

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق