علاء الدين ظاهر
أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار أن احتفال مصر والعالم بموكب الكباش يحمل بعدًا إنسانيًا يجسّد معانى الحب فى مصر القديمة.
حيث شيد معبد الأقصر للإله أمون رع والذى كان يحتفل بعيد زفافه إلى زوجته موت مرة كل عام فينتقل موكب الإله من معبد الكرنك بطريق النيل إلى معبد الأقصر وأطلق عليه طريق المواكب الكبرى حيث استخدمه ملوك مصر القديمة كطريقًا مقدسًا للمواكب الدينية كما في عيد الأوبت وهو بذلك أعظم سيناريو فى التاريخ يصوّر جماليات نهر النيل وبيئة طيبة القديمة والذى سيراه العالم لأول مرة يوم 25 نوفمبر .
وأوضح الدكتور ريحان أن جدران معبد الكرنك تحمل نقوشًا تمثل الإله آمون سيد الآلهة وزوجته موت، وهما في مشهد عناق لافت، وقد عبّر المصرى القديم عن الحب بكلمة "مر" وكان يرمز لها برمز الفأس الذى يشق الأرض كما يشق الحب القلوب.
وأن مظاهر الاحتفال مصورة بمعبد الأقصر فى عدة مناظر على الجدار الغربى من الفناء الأول لرمسيس الثانى وعلى الجدار الغربى لبهو 14 العمود الخاص بالملك أمنحتب الثالث والذى ربما أكمله الملك توت عنخ آمون ونقشه بمناظر عيد الأوبت وهناك مناظر على المقصورة الحمراء للملكة حتشبسوت بمعبد آمون رع بالكرنك ومعبد الرامسيوم الخاص برمسيس الثانى
ولفت الدكتور ريحان إلى أن العالم ينتظر يوم 25 نوفمبر أعظم أوبرا مفتوحة تجسّد أعظم قصة وسيناريو فى التاريخ فى احتفالية تربط الماضى بالحاضر وتبشر بمستقبل ونهضة سياحية غير مسبوقة تنتظرها طيبة القديمة والأقصر الحديثة فى بانوراما بصرية جديدة تشبع العين والعقل والوجدان وتنتظرها كل معالم مصر السياحية.
حيث يشهد هذا اليوم بأن مصر عادت شمسها الذهب لتشرق على العالم بثوب الزفاف الأبيض الذى جمع آمون وموت بمعبد الأقصر لتنشر بين ربوع العالم رسائل الحب والوفاء من عمق مصر قلب حضارات العالم وملتقاها.
ويضيف الدكتور ريحان أن معبد الأقصر يقع على الضفة الشرقية لنهر النيل تأسس عام 1400 قبل الميلاد لعبادة آمون رع وزوجته موت وابنهما خونسو؛ وهي الآرباب التي يطلق عليها الثالوث الطيبي (ثالوث طيبة) وشيد معبد الأقصر في عهد ملوك الأسرة الثامنة عشر التاسعة عشرة.
وأهم الأبنية القائمة بالمعبد هي تلك التي شيدها الملكان أمنحوتب الثالث (1397-1360 ق.م.) ورمسيس الثاني (1290-1223 ق.م.) الذي أضاف إلى المعبد الفناء المفتوح والصرح والمسلتين كما أقام الملك تحتمس الثالث (1490-1436 ق.م.) مقاصير لزوار ثالوث طيبة المقدس .
وقام توت عنخ آمون (1348-1337 ق.م.) باستكمال نقوش جدرانه. وقد دمرت المقصورة الثلاثية التي كانت قد شيدت من قبل في عهد الملكة حتشبسوت والملك تحتمس الثالث (من الأسرة الثامنة عشرة) ثم أعيد بناؤها في عهد الملك رمسيس الثاني وهو من أحسن المعابد المصرية حفظًا وأجملها بناءً وفيه يتجلى تخطيط المعبد المصري أوضح ما يكون.
وينوه الدكتور ريحان إلى أن الكرنك أو مجمع معابد الكرنك يمثل مجموعة من المعابد والبنايات والأعمدة، شيدت فى عصر مصر القديمة وتحديدًا ملوك الدولة الوسطي حتى العصر الرومانى على الشط الشرقى، وشيد المعبد للثالوث الإلهى أمون وموت وخونسو ولكل منهم معبد تابع لمجمع معابد الكرنك.
وسُمِى المعبد بهذا الاسم نسبة لمدينة الكرنك وهو اسم حديث محرف عن الكلمة العربية خورنق وتعني القرية المحصنة والتي أطلقت على العديد من المعابد بالمنطقة خلال هذه الفترة بينما عرف المعبد في البداية باسم «بر آمون» أي معبد آمون أو بيت آمون، وخلال عصر الدولة الوسطى أطلق عليه اسم إبت سوت والذي يعني "البقعة المختارة" وقد عثر على هذا الاسم على جدران مقصورة سنوسرت الأول في البيلون الثالث كما عرف باسم نيسوت- توا أي عرش الدولتين وإبيت إيسيت أي المقر الأروع
ولفت الدكتور ريحان إلى أهمية عيد الأوبت فى تاريخ مصر القديمة حيث أن مهرجان الأوبت أو الإبت هو احتفال مصري قديم كان يقام سنويًا في طيبة (الأقصر) في عهد الدولة الحديثة وما بعدها، وفيه كانت تصطحب تماثيل آلهة ثالوث طيبة - آمون وموت وابنهما خونسو - مخفيين عن الأنظار داخل مراكبهم المقدسة في موكب احتفالي كبير من معبد آمون في الكرنك إلى معبد الأقصر في رحلة تمتد لأكثر من 2كم وما يتم إبرازه في هذا الطقس هو لقاء أمون رع وزوجته موت وتجديد الولادة هو الموضوع الرئيسي في احتفال الإبت وعادة ما يتضمن احتفالية لإعادة تتويج الملك كذلك.
وأوضح الدكتور ريحان أن تماثيل الإله فى الاحتفالات الأولى للأوبت كانت تؤخذ عبر طريق الكباش الذي يربط بين المعبدين، وتتوقف في المعابد الصغيرة التي شيدت خصيصًا في طريقها ، وهذه المعابد الصغيرة أو الأضرحة كان يمكن أن تكون مليئة بالقرابين المهداة للآلهة أنفسهم وللكهنة الحاضرين للطقوس.
ثم تعود المراكب المقدسة إلى الكرنك، وفي الاحتفالات المتأخرة من تاريخ مصر، كان يتم نقل التماثيل من وإلى الكرنك عن طريق القوارب في النهر وليس عبر طريق الكباش البري ويُعقد احتفال إبت في الشهر الثاني من فصل أخت وهو موسم فيضان نهر النيل.
كما كان يبحر قارب ملكي كذلك مع قوارب الآلهة المقدسة، وكانت الطقوس في ما يعرف بـ "غرفة الملك الإلهي" تعيد الاحتفال بتتويج الملك وبالتالي تؤكيد أحقيته بالمُلك.
ويشير الدكتور ريحان إلى أن مدة الاحتفال كانت عشرة أيام تترك خلالها قوارب المعبودات مقاصيرها بالكرنك فى الشهر الثاني من موسم الفيضان وتذهب إلى معبد الأقصر، ثم تعود إلى الكرنك بعد عشرة أيام، وقد اختلفت عدد أيام الاحتفال بهذا العيد، ففي الأسرة 18 كان الاحتفال به لمدة 11 يوم، وفي الأسرة 19 كان 21 يوم وفي الأسرة 20 كان 27 يومًا.
وتبدأ المناظر بعيد الأوبت من الركن الشمالي الغربي من صالة الأعمدة بمعبد الكرنك وتنتهي في الركن الشمالي الشرقي، حيث نجد توت-عنخ-آمون وهو يحرق البخور ويقدم القرابين والزهور لآمون والصور المقدسة للأرباب بعدها تحمل القوارب لتخرج من الصرح أو بوابة المعبد الذى بناه أمنحتب الثالث، "هو حاليًا الصرح الثالث لمعبد الكرنك" .
حتى تصل إلى شاطئ النهر حيث توضع على متن المراكب التى تجر بالحبال فى اتجاه الجنوب حتى تصل إلى معبد الأقصر يصاحبها حملة الأعلام وكبار الموظفين والجنود والموسيقيون من عازفى الطبول والأبواق والمغنيين والراقصين النوبيين.
ويتابع الدكتور ريحان بأن قادة العجلات الحربية والجنود والراقصون والموسيقيون وحملة القرابين والجزارون الذين يذبحون الثيران المقدمة كقرابين كانوا يستقبلون هذه الموكب العظيم فى معبد الأقصر حيث يحمل الكهنة القوارب ثانية ليمروا بها بين القرابين المكرسة والرقصات الأكروباتية والموسيقيين حتى يضعوها على قواعدها في داخل مقاصيرها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق