علاء الدين ظاهر
يمتلك عالم الآثار والروائي الدكتور حسين عبد البصير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية قدرة مدهشة علي الكتابة بأسلوب يأخذك معه في رحلة ممتعة عبر التاريخ خاصة إذا كان يكتب عن الآثار والتاريخ والحضارة المصرية القديمة،وعبر النفس البشرية إذا كان يكتب رواية إنسانية،وهو ما يمكن تتبعه والتعرف عليه من خلال عدة إصدارات وروايات ممتعة،وهي صادرة عن دار النشر المتميزة أم الدنيا وستكون متوفرة في جناح الدار بمعرض القاهرة الدولي للكتاب المقبل في الشهر الحالي.
ومن المعروف أن عبد البصير عالم آثار وروائي وكاتب مصري، حصل علي ليسانس الآثار المصرية القديمة من كلية الآثار جامعة القاهرة،والماجستير والدكتوراه في الآثار المصرية القديمة وتاريخ وآثار الشرق الأدنى القديم من جامعة جونز هوبكنز بأمريكا، وله عدد كبير من الروايات والقصص والكتب والمقالات المشهورة محليًّا وعالميًّا.
# مصر القديمة
ونستعرض هنا عدداً من هذه المؤلفات،ونبدأ مع كتابه الجديد "أسرار الحياة الاجتماعية في مصر القديمة"،حيث يأخذنا عبد البصير في رحلة مثيرة ومتميزة داخل دهاليز وكواليس الحياة الاجتماعية في مصر القديمة. فندخل بسهولة واستمتاع إلى عالم أسرار الحياة الاجتماعية في مصر القديمة،ونتعرف على نعرمر وحور عحا، ونعرف قصة الصراع مع نِحسي، وحكاية تهريب الأبنوس، والصراع في إقليم واست، والصراع مع ساوت.
ونعرف من هو حور ماخت، ونِمتي نَخت، ورَع حُتب، ونحضر قضية طلاق، وقضية اعتداء قضية سرقة في محاكم مصر القديمة، ونعرف كيف كانت الأسرة وحقوق المرأة والزواج والطلاق والحرف والأرقام، والكثير غيرها، في مصر القديمة،إنها رحلة عبر سحر الحياة الاجتماعية في مصر القديمة. إنها الحياة الاجتماعية في مصر القديمة كما يجب أن يعرف الجميع.
# خنوم الغامض
وفي رواية "خنوم" يأخذنا عبد البصير في رحلة مثيرة في مصر القديمة،ويقوم أبطال الرواية برحلة في نهر النيل عكس التيار من الشمال إلى الجنوب بحثًا عن خنوم، ذلك الرب الغامض في حياة كل منهم، ولكل منهم حكاية معه. نعرف قصة رِخت وابنها رِخ، ونتعرف إلى حور الطموح، ونعيش مع قصص عَنخ، وندخل إلى دنيا سِيا، ونحب أن نكون في صحبة نفرت الجميلة. وتستمر الأحداث حتى نصل إلى النهاية المحتومة منذ البداية.
إنها رحلة البحث عن الذات في داخلها وخارجها. إنها الصراع الأبدي بين ما نبطن وما نظهر. إنها الرحلة الدائرية التي ما تلبث أن تنتهي حتى تبدأ في شكل جديد. إنها أنشودة الإنسان عبر الزمان والمكان في رحلة بحثه الأبدي عن الحب والسعادة والسلطة والثروة والخلود.
# أوشتاتا الأسطورية
أما في رواية "أوشتاتا"يقوم حسين عبد البصير بإحياء التراث المصري القديم مستفيدًا من تقنيات السرد الحديث والواقعية الشعرية الأسطورية من خلال قصة متخيلة، ونتعرف فيها إلى قرية "ِبر مُورا"، التي تدور على أرضها أغلب أحداث الرواية، والجد "آناتم"، والذي انحدر من صلبه "أونان"، سيد القرية، والبحيرة الأزلية العجوز التي تقوم عليها حياة القرية، و"الفرس الأحمر العجوز"، سيد البحيرة، والمتحكم في القرية وأهلها، والبطلة "أوشتاتا، زوجة "أونان"، وابنهما "نارام"، وغيرها من الشخصيات.
وتؤكد الرواية أزلية الصراع بين الإرادتين البشرية والإلهية إلى الأبد. وتقوم على التكثيف والإيجاز والتلميح. ولغة الرواية شعرية فائقة. والبناء الفني بسيط يدفع دائمًا الأحداث بإطراد للأمام. والرواية غنية بالتفاصيل الدقيقة التي تضفي الكثير من الأشياء على المناخ الأسطوري الذي تدور فيه أحداثها.
# كانازاوا والثلج
وفي المجموعة القصصية "كانازاوا" نقرأ من أجوائها: "مشيا ببطء على الثلج. يزداد وجهها احمرارًا مع نتف الثلج المتساقطة. يتطاير شعرها مع هبات الرياح الباردة. تبعد خصلات الشعر عن وجهها. تتحرك جيبتها القصيرة مع هبات الرياح. تستند أحيانًا بمظلتها على الأرض في المناطق التي يكثر فيها الثلج. تضع المظلة فوق رأسها كي تحمي نفسها من الثلج. عرضت عليه أن يدخل معها تحت مظلتها. سارا معًا وهو يحمل المظلة وهي إلى جواره.
وعرض عليها أن يمسك بيدها كي لا تسقط على الأرض بفعل قطع الثلج البلورية المنتشرة على الممشى. مرا عبر بوابة القصر الضخمة. صعدا معًا إلى المبنى العلوي.
ذهبا إلى منزل زوجة الساموراي الذي أسس القصر. دخلا إلى المنزل. صعدا السلم إلى الدور الثاني. شاهدا السقف المبني من اللازورد القادم من أفغانستان. تركا المنزل.
وسارا ببطء في اتجاه البحيرة البعيدة، بينما تسير هي في حضنه، وهو يحمل مظلتها الصغيرة. وكتل الثلج تتساقط على الأرض باستمرار. يلتصقان أكثر ببعضهما البعض بحثًا عن الدفء وسط ثلوج كانازاوا المتزايدة بمرور الوقت."
# دِشرت الأبطال
ويدخل عبد البصير في روايته الجديدة "دِشرت" إلى منطقة مهمة في تاريخ مصر القديمة برؤية مختلفة ومثيرة. وتدور أحداث الرواية عن الملك أحمس الأول، قاهر الهكسوس. ومن خلال عشر حكايات، نعرف قصة احتلال الهكسوس لجزء من أرض مصر بشكل جميل يمزج الأسلوب الأدبي بالعلمي، ويوضح أحدث الأبحاث العلمية والاكتشافات الأثرية عن تلك الفترة المثيرة من تاريخ مصر القديمة.
ويقدم لنا أبرز وأهم شخصيات العصر من أبطال مصر القديمة رجالاً ونساء منذ البداية وإلى أن تم تحرير مصر من محنة الاحتلال الهكسوسي البغيض على يديَّ الملك أحمس الأول العظيم. ويختم الروائي روايته بالحديث عن ذكرى الملك أحمس الأول قاهر الهكسوس في أذهان المصريين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق