11‏/03‏/2023

الزرافة تاريخ وليست مجرد حيوان..حقائق مثيرة حولها في دراسة أثرية عن الحضارة المصرية

علاء الدين ظاهر 

وسط عدد كبير من الحيوانات التي ظهرت في الحضارة المصرية القديمة كان للزرافة مكان واضح،حيث أنها كانت من الحيوانات التي حاول المصري القديم إستئناسها، ونظر إليها على أنها حيوان جميل وكبير، سابقًا لغيره في رؤية الأشياء.



ما سبق حقائق تاريخية أكدت عليها دراسة أثرية مهمة قامت بها الباحثة برديس سمير سيد عضو إدارة التسجيل والتوثيق الأثري في المتحف المصري الكبير،والتي كشفت فيها أن المصري القديم ربط الزرافة بلفظ sr الذي كان يحمل معنيان: أحدهما الزرافة، والآخر فعل بمعنى يتنبأ، يُعلن.



ومن خلال هذه الدراسة سيُلاحظ كيف شاركت الزرافة في العديد من الطقوس والإحتفالات، وإن كان بعضها مازال غامضًا وصعب التفسير، مما يعني أن الفنان المصري القديم، لم يتغافل عن وجود حيوان ضخم حوله مثل حيوان الزرافة.




الدراسة عنوانها"الزرافة في مصر القديمة"وحصلت بها الباحثة علي الماجستير في الآثار المصرية وتاريخ الفن بتقدير ممتاز من كلية الآثار بجامعة القاهرة،وضمت لجنة الإشراف والمناقشة والحكم أ.د.مصطفي عطا الله وأ.د.ناصر مكاوي وأ.د.عائشة عبد العال وأ.د.سليمان الحويلي.



وكما جاء في الدراسة،فإنه على الرغم من ندرة المناظر الخاصة بالزرافة في الفترات التاريخية، إلا أنها تُشير أن الزرافة قد نالت مكانة عالية وإرتبطت بالملكية بشكل ملحوظ، بل وإرتبطت بعدد من الرمزيات الدينية وعددًا من المعبودات، وستُلقي الدراسة على رمزية أخرى لم تُطرح من قبل وهي إرتباط الزرافة كذلك بالمعبود مين، وذلك طبقًا لعدد من المناظر وبعض النصوص.





وتناولت الباحثة في دراستها طبيعة وبيئة حيوان الزرافة، فدراسة بيئة وحياة وسلوك الحيوان تكشف لنا العديد من التفاصيل التي نراها مصورة في بعض المناظر، بل وتعكس أهميته في الفكر الفني والديني لدى المصري القديم، الذي كان دائم التأمل في طبيعة الحياة وما فيها من حوله، لذا كان من الضروري فهم طبيعة وبيئة حيوان الزرافة، لمعرفة كيف نظر لها المصري القديم، وما لفت انتباهه في هذا الحيوان الكبير، والرمزيات التي إرتبطت بهذا الحيوان.




كما تناولت النصوص التي ورد بها ذكر كلمة الزرافة بلفظيها sr وmmy، وينقسم هذا الفصل إلى جزئين، هما الزرافة في النصوص الدنيوية، والزرافة في النصوص الدينية، من خلال بعض نصوص كتب العالم الآخر، وبعض نصوص المعابد.



وتناولت بعض أهم نقوش الزرافة، طبقًا للترتيب الزمني لها، حتى يتنسى لنا معرفة الفرق بين نقوش الزرافة ورسومها عبر إختلاف العصور بدءًا من عصور ماقبل التاريخ، وعصور ماقبل وبداية الأسرات، ومرورًا بالدولة القديمة والوسطى والحديثة، وحتى العصر البطلمي، ومدى تأثر مناظر الزرافة بما حولها من ظروفٍ مناخية أو حتى سياسية.




كذلك دراسة تحليلية لمشاهد الزرافة خلال العصور المصرية القديمة، وكانت البداية مع التحليل الفني، حيث تم ذكر اختلاف الزرافة شكلًا وموضوعًا حسبما كل فترة، أما التحليل الديني، تم ذكر الرمزية المحتملة للزرافة، وارتباطها بعدد من المعبودات




وألحقت الباحثة بالدراسة عددًا من الجداول والمقارنات، التي توضح الفروق بين مناظر الزراف في كل فترة على حدة، وتوزيع مناظر وآثار الزراف جغرافيًا على مدار التاريخ المصري القديم، بدءًا من عصور ما التاريخ وحتى العصر البطلمي، هذا بالإضافة إلى ملحق لعدد من مناظر الزراف والتي لم ترد في الدراسة وذلك لصعوبة حصرها جميعًا، وكذلك تشابه موضوعاتها. 



مزيد من التفاصيل المثيرة أشارت إليها الباحثة وذلك من التنويه عن عدد من الدراسات السابقة التي تناولت بشكل جزئي وغير متعمق دراسة حيوان الزرافة في مصر القديمة،ومنها Cannuyer, C., La girafe dans l'Égypte ancienne et le verbe sr, AOB IV, Bruxelles, 2010،وهو كتاب يُعد أحد أهم المراجع عن الزرافة في مصر القديمة، إلا أنه تناول فقط كلمة sr المرتبطة بالزرافة، ولكن كفعل يعني "يتنبأ" وأسرد جميع النصوص المتعلقة بهذا الفعل، لكنه لم يتناول سرد مشاهد الزرافة، أو إلقاء مزيد الضوء عليها فنيًا أو دينيًا.



وهناك مراجع أخري تناولت تصوير الزرافة على الآثارةالمبكرة فقط للزرافة مثل الصلايات،وأهمية الزرافة في المجتمعات الأفريقية عمومًا، ولم يتطرق للعديد من المشاهد الخاصة بالزرافة في مصر القديمة، ولم يلقِ الضوء على طبيعتها الفنية علي الأقل في مصر القديمة.



وأحدها تضمن عددًا من قطع الفخار التي تعود لفترات نقادة الأولى والثانية، والتي حمل بعضها مناظر للزرافة، إلا انه لم يتتضمن باقي القطع الفخارية التي تعود لفترات لاحقة،ودراسة أخري تناولت بعض من تمثيلات الحيوانات في عصور ماقبل الأسرات، من بينها الزرافة، وليس الزرافة بوجه خاص.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق