علاء الدين ظاهر
أطلق عدد كبير من محبي الآثار والتراث والمهتمين بالحفاظ عليه عشرات النداءات خلال الأيام الماضية،لوقف بيع قصر وحديقة الأمير يوسف كمال في المرايسة بأرمنت الاقصر،وذلك فى جلسة مزاد ستقام بعد أيام قليلة وتحديداً يوم 31 يناير الحالي،والمزاد سيقام بقاعة النادى المصري القاهرة أمام مرور عين الصيرة،وذلك فى تمام الساعة الثانية عشرة ظهرا طبقا لإعلان المزاد.
هذا الإعلان أطلق موجة إستياء بين المهتمين بالتراث والآثار،مطالبين بوقف هذا البيع وحماية القصر،ليس إستنادا علي قيمته ومكانة وتاريخ صاحبه الأمير يوسف كمال مؤسس مدرسة الفنون الجميلة في مصر،بل إستنادا أيضا إلي مفاجأة ظهرت خلال الساعات الماضية،وهي أن أرض القصر هي أرض وقف،ونسل وأحفاد صاحب القصر علي قيد الحياة،وبالتالي لا يجوز بيع الأرض ولا الإستراحة أو القصر مهما كانت تسمية المبني.
وهنا يبرز سؤال مهم:ما هو موقف الجهات المسئولة عن الآثار والتراث من ما يحدث؟،حيث أن القصر غير مسجل ضمن الآثار رغم أن قصر آخر لنفس الشخص وهو الأمير يوسف كمال مسجل ضمن الآثار في نجع حمادي في حين قصر المريس غير مسجل،رغم أنه لنفس الأمير ونفس تاريخ الإنشاء الخاص بقصر نجع حمادي،في حين تم نقل آثار ومقتنيات قصره من الأقصر المريس وتم وضعها
بقصره بنجع حمادى،أي أنه تم إعتبار مقتنيات القصر من الآثار ولم يتم ضم القصر إلى وزارة الآثار؟!.
وإذا قالت الآثار أنه ليس مسجلا فلا علاقة لنا به،فلماذا لم يتم تسجيله خاصة أنه يستحق التسجيل طبقا لآراء كثير من المتخصصين في الآثار الإسلامية،خاصة أن مصدر مطلع في الآثار كشف لنا مفاجأة تمثلت في أن اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية رفضت تسجيله من قبل،رغم تقديم ملف للقصر يؤكد استحقاقه للتسجيل بما له ولصاحبه من تاريخ،خاصة أن الجهاز القومي للتنسيق الحضري هو الآخر لم يسجل القصر لديه،وبالتالي أصبح في مرمي أي تعامل عليه سواء بالهدم أو البيع،طالما أن أهم جهتين مسئولتين عم الآثار والتراث تخلتا عن القصر.
ومع كل ما سبق قد نجد من يقول متسائلاً:وما الذي يؤكد أن هذا القصر قيم ويجب تسجيله؟،وهنا لن نناقشه كثيراً بل نحيله الي رأي أ.د.منصور النوبي عميد كلية أثار الاقصر السابق والمستشار الثقافى المصرى السابق باليمن،حيث قال:منذ اكثر من أربعين سنة وأنا أطالب بضم القصر وحديقته إلي وزارة الآثار وذلك نظرا للقيمة التاريخية لهذا المكان.
وعندما استجابت هيئة الآثار لمطلبي ارسلت لجنة لمعاينة المكان، إلا أن اللجنة ولسبب غير مفهوم توجهت إلي قصر الامير يوسف كمال الكائن بمدينة نجع حمادي،وتركوا القصر الآخر تحت إدارة الميكنة الزراعية بأرمنت،وها نحن نقرأ كما قرأ غيرنا خبر بيع القصر ومشتملاته في مزاد علني.
ويكمل أ.د.منصور النوبي قائلاً:نيابة عن كل الغيورين علي تاربخ مصر القديم والحديث أناشد الدولة ممثلة في كافة مسؤليها وقف هذا المزاد، حماية لموروثنا الثقافي والحضاري وتحويل هذا المكان إلي مزار ومكتبة تحوي كل ما أبدعه الأمير من انتاج علمي وضعه علي قمة المستنيرين في العصر الحديث.
وحتي يقضي الله أمرا كان مفعولاً،بقي أن نعرف من هو صاحب القصر؟،هو الأمير يوسف كمال هو يوسف كمال باشا بن أحمد كمال بن أحمد رفعت بن إبراهيم باشا بن محمد علي باشا،وهو رحالة و جغرافى مصري زمؤسس مدرسة الفنون الجميلة 1905 وجمعية محبي الفنون الجميلة 1924 وشارك في تأسيس الأكاديمية المصرية للفنون بروما.
وعرف عنه حبه الشديد جدا لإصطياد الوحوش المفترسة وغامر لذلك في أفريقيا والهند،واحتفظ بالكثير محنطات الحيوانات التي كان يصطادها ووضعها كمقتنيات في قصوره التي انتشرت في عدد من المحافظات
كما كان له مجهود ثقافي وعلمي كبير،حيث كان مغرماً بالجغرافيا والتاريخ،وأنفق من ماله الخاص علي ترجمة عدد من الكتب في هذا المجال من اللغات خاصة الفرنسية إلي اللغة العربية،ومنها كتاب"وثائق تاريخية وجغرافية وتجارية عن إفريقيا الشرقية من تأليف مسيو جيان"،و"المجموعة الكمالية في جغرافية مصر والقارة (13مجلداً)بالعربية والفرنسية"،و"رحلة سياحة في بلاد الهند والتبت الغربية وكشمير1915م".
ومن المفاجآت المثيرة التي تكتشف مكانة هذا الرجل وقدره،أنه كان ثالث رئيس لجامعة القاهرة،كما أهدى الآلاف من الكتب عن الطيور والحيوانات لدار الكتب المصرية وجامعة فؤاد الأول"جامعة القاهرة"وموجودة حالياً في المكتبة المركزية بالجامعة،هذا غير مساهماته الكثيرة جدا بمقتنياته الموجودة حالياً في المتحف الاسلامي ومتحف الصيد بقصر المنيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق