علاء الدين ظاهر
في إطار خطة منطقة آثار جنوب سيناء للآثار الإسلامية والقبطية للنهوض بالبحث العلمى والدراسات الأثرية قام أحمد الحشاش مدير مناطق آثار جنوب سيناء ود.عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء بتفقد مدينة رأس راية الأثرية.
وذلك في جولة حفتها مخاطر،حيث تحوى المنطقة الأثرية ثعابين وطريشة وكانت لا تعمل البعثة اليابانية في أعمال حفائرها هناك قبل تطهيرها تمامًا من ذلك، والدافع هو الحب الشديد لآثار سيناء حيث أعاد الجيل الرائد بسيناء كتابة تاريخها برؤية علمية أكدت هويتها المصرية ووثقت آثارها منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى عصر أسرة محمد على وسط كل هذه المخاطر
وأوضح الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء أن تسمية مدينة طور سيناء الحالية جاءت نسبة إلى جبل طور سيناء بعد أن كانت معروفة باسم رايثو المدينة المسيحية ملجأ المتوحدين الأوائل بسيناء منذ القرن الرابع الميلادى حتى القرن الخامس عشر الميلادى .
وقد ذكرت فى رواية الراهب أمونيوس فى القرن الرابع الميلادى ولكن مع عدم الدقة فى تحديد الموقع الحقيقى لرايثو وعدم الدقة فى الروايات المرتبطة بها والذى أكد الدكتور ريحان عدم صحتها أثريًا وعلميًا في دراسة خاصة كما ذكرت رايثو فى القرن الثالث عشر الميلادى وتحديدًا عام1203م حين كان سمعان الأول مطرانًا لدير سانت كاترين وزار كريت فأصدر البابا هونوريوس الثالث لائحة بمنح المطران سمعان ملكيات وأرض زراعية فى جبل موسى ورايثو.
ويضيف الدكتور ريحان بأن المؤرخين اختلفوا فى دقة تحديد مكان رايثو وحدث اللبث بينها وبين موقع رأس راية الحالى المشرف على خليج السويس (10كم جنوب مدينة طور سيناء) وقد أطلق عليها رأس راية نسبة لأحد شيوخ المنطقة وهو الشيخ راية وله مقام بها ولا علاقة لها باسم رايثو ونجد كثير من أسماء الأماكن بسيناء ارتبط بمقبرة لأحد شيوخ المنطقة مثل منطقة الشيخ محسن قرب كاترين بل أن تسمية أشهر الأودية بسيناء بوادى الشيخ نسبة إلى الشيخ صالح المدفون على جانبه الأيمن وله مقام معروف خطأ باسم مقام النبى صالح يبعد 7كم عن دير سانت كاترين
ويؤكد الدكتور ريحان على استحالة أن تكون منطقة رأس راية الحالية هى رايثو المدينة المسيحية القديمة لأن الرهبان يفضلون العزلة والأماكن الداخلية خصوصًا فى هذا الوقت الذى يتحدث عنه أمونيوس فى القرن الرابع الميلادى حيث كان الاضطهاد الرومانى على أشده فمن المنطقى أن تتركز المجتمعات الرهبانية بعيدًا عن الساحل كما أثبتت الحفائر التى قامت بها منطقة جنوب سيناء للآثار الإسلامية والقبطية أن المجتمعات الرهبانية تتركز فى المناطق الداخلية متمثلة فى المنطقة التى أكتشف فيها دير الوادى بطور سيناء بقرية الوادى والمنطقة التى أكتشف فيها آثار مسيحية بوادى الأعوج القريب منها كما أن منطقة رأس راية الحالية لا تتوفر فيها مصادر المياه الصالحة للشرب واللازمة لإنشاء مجتمع رهبانى فى حين أن منطقة الوادى ووادى الأعوج تتميز بوفرة من المياه الصالحة للشرب والضرورية لحياة الرهبان فى هذه المنطقة
وبهذه الحقائق الأثرية يؤكد الدكتور ريحان على أن منطقة رايثو القديمة هى المنطقة التى تجمع فيها الرهبان منذ القرن الثالث الميلادى وكشفت الحفائر بها عن دير وآثار مسيحية تمثل مراحل الرهبنة الثلاث المعروفة وتشمل منطقة وادى الحمام (قرية الوادى الحالية 6كم شمال مدينة الطور) المكتشف بها دير الوادى ومنطقة وادى الأعوج 5كم شمال شرق دير وادى الطور
وأن مدينة رايثو شهدت التطور التاريخى والمعمارى لمراحل الرهبنة الثلاث وهى مرحلة الفرد المنقطع للعبادة وهو الراهب الذى يتخذ صومعة خاصة به يغلق عليه باب إما بمفتاح أو بواسطة حجر وكانت الصوامع قريبة من بعضها ومن يدخل على المنقطع يعلن قدومه بالنقر على الباب عدة مرات ووجدت العديد من هذه الصوامع المنفردة بجنوب سيناء فى أماكن عديدة حول منطقة الجبل المقدس وبين طور سيناء ومنطقة الجبل المقدس وبمنطقة رايثو وظهرت منذ القرن الثالث الميلادى وأصبح للراهب مدلول واضح بأنه المنسحب من الدنيا والمنقطع عن العالم وقد كشفت الحفائر عن صومعتين بوادى الأعوج أحداهما مبنية والأخرى منحوتة فى الصخر
ويوضح أن المرحلة الثانية هى مرحلة الكينوبيون وهى مرحلة التوحد الجماعى والتى تعتبر تطورًا طبيعيًا لمرحلة التوحد ومقدمة حتمية للمرحلة الثالثة وهى الدير المتكامل حيث يقيم عددًا من النساك فى منشآت فردية ثم يجتمعوا أيام الأعياد ويومى السبت والأحد فى مكان عام للخدمات والطعام وتم الكشف عن عمارة المرحلة الثانية بوادى الأعوج عبارة عن مبنى مستطيل بالطوب اللبن يشمل كنيسة وقاعات للطعام والخدمات والمرحلة الثالثة وهى مرحلة الدير المتكامل المكون من قلايا وقاعة طعام وكنائس ومنطقة خدمات والمتمثل فى دير الوادى بقرية الوادى بطور سيناء والذى تفقده آثارى طور سيناء بالأمس
وبخصوص حصن رأس راية ينوه الدكتور ريحان أنه من الآثار الهامة المكتشفة بطور سيناء ويقع فى النهاية الشمالية لمدخل بوغاز صغير، وأرضية الموقع مستوية وترتفع قليلًا فى الجزء الشمالى الشرقى من خط الساحل، ويقع الحصن على بعد 200م من خط الساحل و يرتفع 10 م فوق مستوى سطح البحر، وهو حصن مربع مبنى بالحجر الرملى والمرجاني والمبانى الداخلية بالطوب اللبن وقد كشف به عن لقى أثرية تعود إلى القرنين الثانى والثالث الهجريين، الثامن والتاسع الميلاديين وحتى العصر الفاطمى
وتم كشف البوابة الرئيسية فى الجدار الشرقى وتؤدى إلى شارع أوسط وشوارع جانبية، ولهذا الحصن بابين الأول باب سقاطة كما يتضح من العضاضتين على جانبى المدخل، والثانى باب يفتح إلى داخل الحصن، وبين البابين مساحة مستطيلة على جانبيها مقاعد لجلوس الحراس، كما تم كشف مسجد وصهريج مياه بالحصن وكشف عن ذلك بعثة آثار مصرية يابانية مشتركة
وداخل الحصن جامع يقع فى الجزء الجنوبى الشرقى، ومن المرجح أن يكون بناء الجامع فى العصر الفاطمى، وذلك بسبب العثور على لقى أثرية ترجع إلى العصر الفاطمى بهذه الطبقة الأثرية.
وبالتالي فيكون هو المقصود بالمنارة التى بحصن الساحل المذكورة فى نص كرسى الشمعدان بالجامع الفاطمى، والذى أنشأه أبو المنصور أنوشتكين الآمري فى عهد الخليفة الفاطمى الآمر بأحكام الله 500هـ، 1106م داخل دير سانت كاترين والموجود على النص الكتابى على كرسى الشمعدان داخل جامع الوادى المقدس طوى داخل دير سانت كاترين.
وأردف الدكتور ريحان بأن مدينة رأس راية قبل العصر الإسلامي كانت مدينة بيزنطية محصّنة لأغراض تجارية ارتبطت بالميناء في المنطقة ضمن خطة الإمبراطور جستنيان في القرن السادس الميلادى لخدمة التجارة البيزنطية ومواجهة احتكار الفرس لتجارة التحرير، ومن المعروف أن الحرير ذو أهمية خاصة فى المنشئات الدينية المسيحية لاستخدامه فى الستائر المزركشة وكان الكثير منها مطرز بالذهب والفضة، كما أن الحرير صار يستخدم أكفان للموتى ، وفى السنوات الأولى بعد تأسيس القسطنطينية كان بها خمس نقابات لا تتعامل إلا فى الحرير كصناعة وتجارة، وكان يحتكر تجارة الحرير الفرس
وكان للبيزنطيين نشاط تجارى كبير فى القرن السادس الميلادى واستوردوا الحرير من الهند وأثيوبيا وخشب الصندل من الصين والزجاج والقماش المطرز من سوريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق