04‏/08‏/2024

منارة بورسعيد الأثرية مثال..حكاية عيون السفن التي تخترق ظلام البحار للنجاة من الأخطار..صور

علاء الدين ظاهر 

كشف د.أحمد رجب مفتش اثار بمنطقة اثار بورسعيد للاثار الاسلامية تاريخ المنارة البحرية الملاحية،وقال أنها عبارة عن برج مرتفع يكون مثبت وظاهر علي السواحل البحرية عند الموانئ والمرافئ وأشباه الجزر والصخور المنعزلة،وتكون المنارات ذو ضوء قوي جداً،حيث تثبت في أعلاها النيران او توضع فيها المصابيح،ليتمكن البحارة من رؤيتها كأداة لإرشادهم في تحديد مواقعهم ودليل للسفن بأن اليابسة أو الميناء أصبحت قريبة،كذا إرشادها لتفادى الإصطدام بالصخور أو الجنوح على الشاطئ عند دخولها الموانئ،كذلك المناطق الخطرة التي تكثر بها الشعاب الصخرية المرجانية ، إضافة إلى التحذير من قدوم سفن الأعداء أوقات الحروب. 



وقد إستخدمت المنارات كأداة هامة للإرشاد و تسهيل الملاحة و تيسير سير السفن ليلاّ و نهاراّ عبر العصور المختلفة، إلا أن أهميتها قد تراجعت منذ نهايات القرن العشرين و ذلك بسبب التطور الكبير لوسائل الملاحة الالكترونية الحديثة،ومنها علي سبيل المثال Global Positioning System ، Radar،ومعظم المنارات الملاحية عبارة عن أبراج بسيطة مبنية إما من الحجر او الخشب أو الفولاذ في حين أن بعضها مشيد من الهياكل المعدنية ، كما تطلى المنارات بألوان زاهية لتكون لافتة للنظر.



و الجدير بالذكر ان البعض يخلط بين كلمة منارة و فنار.... لغوياّ المنارة (Lighthouse) لغة موضع النور، و يطلق الاسم على المسرجة و المئذنة، و يقصد بها هنا بناء برجي مرتفع يصدر نوراّ لإرشاد السفن و البحارة إلى البر و المَرافِئُ ، أما الفنار (Beacon) فهو فانوس أو ضَّوَّايَة او مصباح قوي الضوء يُنصب علي البرج المرتفع لإرشاد السفن في البحار.


ومن المرجح أن المصريين القدماء هم أول الشعوب التي استخدمت الإنارة لإرشاد السفن، فقد كانوا يضرمون النيران على قمم التلال أثناء الليل وفيما بعد بنوا المنارات الملاحية التي استخدمت فيها النار مصدراً للإضاءة.



وخلال حكم بطليموس الثاني شيدت منارة الإسكندرية "أول منارة معروفة شيدها الإنسان من الحجر"، في عام 280/279 قبل الميلاد علي يد المهندس سوسترانوس من أربعة طوابق الاول منها مربع الشكل يبلغ ارتفاعه 60 متراّ و الطابق الثاني مثمن الشكل ارتفاعه تقريباّ 30 متراّ و الثالث مستدير يعلوه مصباح اقيم علي ثمانية أعمدة تحمل قبة فوقها تمثال كبير ( يرجح أنه لإله البحار بوسيدون).



أما بالنسبة لمنارة بورسعيد الإثارية تقع علي الضفة الغربية لمجري قناة السويس بشارع السلطان حسين " شارع فلسطين حالياّ"، شُيدت في صفر 1286هـ/ يونيه 1869 م، و كما جاء بالوقائع المصرية كان بداية عملها في13 شعبان 1286هـ/ 17 نوفمبر 1869م أثناء الاحتفال بافتتاح القناة للملاحة.




وأشرف على بنائها المهندس الفرنسي فرنسوا كونيه "François Coignet"، وذلك ليحل محل المنارة الخشب القديمة التي بُنيت عام 1275هـ/ 1859م، و لم تعد تفي بالغرض المطلوب منها في ذلك الوقت،وتم بناء برج المنارة من خرسانة كونيه " نسبة إلي فرنسوا كونيه"، و كانت اول مرة يتم استعمالها في هذا النوع من المباني " المنائر".



ويبلغ ارتفاع المنارة الخرسانية 56 متراّ تقريباّ، و هو عبارة عن بناء مثمن الأضلاع، تم طلاء أضلاعه جهة البحر بشكل رأسي باللونين الأبيض و الأسود بالتبادل، حتى يسهل رؤيتها أثناء النهار للسفن على مسافة قدرها 20 ميل بحرى، اما أثناء الليل فيمكن رؤية مرمى ضوئه من مسافة 15 ميلاّ في البحر أي 27.78 كم تقريباّ ، و مدة استضاءته كل 3 ثوان.


 و مثبت أعلي المنارة عمود مرتفع تعلوه كرة جوفاء سودا اللون ترتفع الساعة 7:55 صباحاّ و تنخفض الساعة الثامنة، و كذلك الساعة 11:55 و تنخفض الساعة 12، و كذا الساعة 3:55 مساء و تنخفض الساعة 4 أي انها تمكث مرتفعة 5 دقائق و ذلك لا يكون الا عقب وصول الاشارة الآتية من القلعة بالقاهرة لإدارة مصلحة الفنارات لمعرفة الوقت.




و الجدير بالذكر أنه تم تسجيل منارة بورسعيد في عداد الآثار الإسلامية و القبطية بوزارة السياحة و الآثار ، بناء علي موافقة اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية و القبطية بجلستها المنعقدة في21 محرم 1432هـ/ 27 ديسمبر 2010م، و موافقة وزير الآثار في ذلك الوقت بتاريخ 6 ربيع الثاني 1433هـ/ 28 فبراير 2012م .



و تعد منارة بورسعيد أحد اهم المعالم التراثية و السياحية بالمدينة، كما انها في حاجة ضرورية لبعض اعمال الترميم لإعادة توظيفها و استغلالها الاستغلال الامثل لتكون منطقة جذب سياحي مما يكون له أثر إيجابي علي الدخل القومي.


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق