كشف صلاح عادل الباحث في الأثار الإسلامية عن شكل الحياة اليومية في القاهرة زمان..ويقول تبتدئ حركة الأعمال في القاهرة منذ الساعة السادسة من الصباح وتنتهي عند اشتداد القيظ في ساعة الزوال فيسود السكون ويظل سائداً حتى الساعة الثالثة بعد الظهر
ولقد أجمع الرحالة الذين كتبوا عن مصر على غرابة ما تقع عليه الأنظار من المرائي في الشوارع والأسواق والميادين لاختلاط الأهلين على تعدد أجناسهم وتباين لباسهم وذكر كل منهم ما شاء أن يذكر من متناقضات تلك المناظر الغريبة فوصف الغني صاحب الجاه بملابسة الفاخرة المزركشة بالذهب إلى جانب الفقير ذي الثياب الرثة والأطمار البالية وصاحب العمل ماراً بخطوات سريعة أمام المتعبد الزاهد الذي يتمطى بلا اكتراث في الطريق فتأتي إليه النساء اللائي امتلأت رؤوسهن بالخرافات وباطل المعتقدات ليلمسنه ويربتنه للتبرك به اعتقاداً منهن أن هذا الفعل لسوف يذهب بأمراضهن
كما وصف أولئك الناس من الأمم العديدة والأديان المتخالفة والمذاهب والشيع المتباينة بالأوصاف الجثمانية والملابس الغريبة يتخلل هذا الجمع النساء اللائي يشبهن الطيف المبهم والسر الغامض وقد تغطين بأرديتهن وأخفين ملامح وجوههن إلا ما كان من عيونهن كي يهتدين بها إلى السبيل. دع ما هنالك من اختلاط الحمير بهذا الجمع الكثيف تشق زحامه بدافع من استفزاز السائق الشاب النشيط المتحمس إياها بالضرب تارة والوخز أخرى، إلى جوارها الجمل البطيء النهضة الذي يشعر ثقل مشيته بشيء من الوقار، وعلى مقربة منه جواد السرى مطهماً بأحسن ما تطهم به الدواب ومحلى بأجمل ما تحلى به من مظاهر الأبهة والجلال، إلى جانبه البغلة الهادئة تحمل الوقار مجسماً في شخص الفقيه البصير بعلوم الشريعة تسير الهوينا بخطوات منضبطة القياس لا تزيد على ما يرده الراكب ولا تنقص عنه
إلى جانب ذلك كله الحواة والمشعوذين يدخلون على المارة السرور والدهشة بغريب ألعابهم وحيلهم، والقصاصون متصدرين في القهوات لرواية القصص والحوادث على مسامع المختلفين إليها من ذوي البطالة والمغرمين بالتدخين، ينضاف إلى هذه الغرائب ما يتركه في النفس من الأثر المنظر الخاص الذي تطبعه القاهرة فيها بشكل بيوتها ذات السطوح المنبسطة وشوارعها الملتوية تلوي الثعبان في انسيابه وما لا حصر له من منارات المساجد. فإذا مثلت لخاطرك هذه المناظر مجتمعة كان لك أن تتخيل صورة هذه المدينة وتعتقد أن لا مدينة سواها على وجه الأرض تشبهها في طابعها العربي الخاص إلا ما كان من المدائن التي ورد وصفها في حكايات ألف ليلة وليلة
أما بلدة بولاق فإلى الشمال من مدينة القاهرة يفصلها عنها سهل ضيق وموقعها على ضفة النيل وهي تقوم للقاهرة في علائقها التجارية مع الوجه البحري مقام المرفأ وبها معامل لصنع الجوخ وغزل القطن ونسج الأقمشة ومسبك لصهر الحديد وورشة لبناء السفن النيلية ووكائل ومخازن ومستودعات كثيرة للتجارة وكذا قصر لإسماعيل باشا توجد به الآن مدرسة الهندسة. وبمصر العتيقة مستودعات للحبوب يعرفها العامة باسم شون يوسف وهي عبارة عن سبعة أفنية مربعة مبنية الأسوار بالآجر. وفي هذه الأفنية أكداس شاهقة من القمح والعدس والفول وغيرها من الحبوب 1.
-------------------------------------
1 : أ. ب. كلوت بك، لمحة عامة إلى مصر، الجزء الأول، ترجمة محمد مسعود، القاهرة: وزارة الداخلية، د. ت.، ص 442- 445.
تعرف على اثار مصر عن قرب ، بزيارة سياحية من خلال الاقامة فى فندق سميراميس القاهرة المجاور للمعالم التاريخية بمصر
ردحذف00201009228491
http://grandmagiceg.com/hotel/intercontinental-cairo-semiramis/