علاء الدين ظاهر
إنه هو الذي يروي المراعي،هو المخلوق من رع إله الشمس ليغذي الماشية،وهو الذي يسقي الأرض الصحراوية البعيدة عن الماء. ماؤه هو الذي يسقط من السماء، إنه هو الذي يأتي بالقوت، وهو الذي يكثر الطعام، وهو الذي يخلق كل شيء طيب، ويمدحه الناس"هكذا جاء عن نهر النيل في بردية تورين-الاسرة 19،وهو ما يحمل خلفه تاريخا ممتدا لآلاف السنين،ونتناوله في عدة حلقات بالتعاون مع الإدارة المركزية للشئون العلمية والتدريب في الآثار،والمادة العلمية التي ننشرها في الحلقات من اعداد راندا روفائيل مدير عام الإدارة.
وكلمة النيل مشتقة من أصل مصري في اللغة المصرية القديمة"إيترو عا" بمعنى (النهر العظيم)، و"نا إيترو" والتي تعني (النهر ذو الفروع)،وتشير الأصول اللغوية لكلمة النيل إلى أنها من أصل يوناني "نيلوس"، حيث ذكر المؤرخ ديودور الصقلي أن النيل أُطلق عليه هذا الاسم تخليدا لذكرى ملك يدعى "نيلوس" اعتلى عرش البلاد وحفر الترع والقنوات فأطلق المصريون اسمه على نهرهم،بيد أن آخرين تحدثوا عن أصول فينيقية للكلمة اشتقت من الكلمة السامية "نهل" بمعنى (مجرى أو نهر).
ويتكون نهر النيل من فرعين رئيسيين يقوما بتغذيته، وهما:"النيل الأبيض"في شرق القارة، وتعتبر بحيرة فيكتوريا هى المصدر الأساسي لتغذيته،و"النيل الأزرق" في إثيوبيا وتعتبر بخيرة تانا هى المصدر الأساسي فى تغذيته.
وبعد إتحاد النيلين الأبيض والأزرق ليشكلا معا النيل، لا يتبقي لنهر النيل سوي رافدا واحدا لتغذيته بالمياه قبل دخوله مصر ألا وهو نهر عطبرة الذى ينبع أيضآ من مرتفعات أثيوبيا شمال بحيرة تانا،ويصل نهر النيل إلي أقصي الشمال المصري، ليتفرع إلي فرعين دمياط شرقا وفرع رشيد غربا، ويحصران فيما بينهما دلتا النيل.
وتشير الوثائق التاريخية إلى حدوث اتصال ما بين المصريين القدماء ومناطق تقع في جنوب مصر، بلاد "كوش" و"يام" و"بونت"، منذ عصور الدولة القديمة، الأمر الذي يرجح بعض دراية للمصريين بإقليم بحر الغزال، أحد روافد النيل في جنوب السودان.
ونظم حاكم الجنوب ويدعى "حرخوف" أربع حملات استكشافية إلى أفريقيا بناء على أوامر من الملكين "مر-إن-رع" و"بيبي الثاني" حوالي 2200 قبل الميلاد،وحرص "حرخوف" على تسجيل وقائع رحلاته في مقبرته في أسوان، كما في هذا النص:"أرسلني سيدي صاحب الجلالة مر-إن-رع، في صحبة والدي، الصديق الأوحد، والكاهن المرتل إيري إلى بلاد يام لاستكشاف دروبها، أنجزت هذه المهمة في غضون سبعة أشهر، وجلبت منها شتى أشكال (الهدايا) الجميلة منها والنادرة ونلت من أجل ذلك المديح كل المديح".
وإلي الحلقة الثانية .. يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق