11‏/11‏/2020

خسارة..متحف النسيج كان هنا..أنا شايف كده 1


منذ أن دخلت بقدمي وكامل إرادتي إلي عالم الصحافة وأصبحت مسئولا عن ملف الآثار قبل عشرات السنين وقد همت في حب شارع المعز،وذهبت إليه عشرات المرات سيرا علي الاقدام من مقر عملي في روز اليوسف بشارع القصر العيني وحتي مسجد الحاكم بأمر الله الذي يقع في آخر المعز.


وقد كان منذ اللحظة الأولى متحف النسيج أحد أسباب حبي للشارع،حيث يمثل بما يضمه من كنوز مصدر جذب كالمغناطيس،وكيف لا وهو يضم مجموعة من أروع وأندر كنوز النسيج،مما جعله من المتاحف النوعية المعدودة علي مستوي العالم.


وكم زرت هذا المتحف كثيرا وشاهدت فعالياته المختلفة،وجهود فريق العمل هناك الذي يقوده الدكتور أشرف أبو اليزيد المدير العام،حتي جعلوا المتحف مشاركا بقوة وتميز في مختلف المناسبات،ويستحقون لقب أطلقه عليهم ابو اليزيد وهو"فريق الأحلام".


وبقدر سعادتي وانا اكتب هذا الكلام بقدر ما حزنت عندما وصلت لمسامعي وحواسي المعلوماتية منذ فترة أنباءا عن نقل متحف النسيج من مكانه الحالي في شارع المعز،وهذه الأنباء اصبحت حقيقة بعد ما تم إغلاق المتحف بالفعل مؤخراً وتم نقل عدد كبير من محتوياته،حيث أنه موجود في سبيل محمد علي الأثري،وربما لا يصل الحزن الي درجة الالم إذا كان النقل مؤقتاً،لكنه سينقل بشكل دائم في المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط.


فكرة نقل المتحف لا خلاف عليها خاصةً إذا كان السبب وجود مشاكل ومخاطر إنشائية في السبيل الذي يمثل مقر المتحف،لكن لا يمكن أن يكون الحل هو نقل محتويات متحف النسيج إلي المتحف القومي للحضارة بشكل دائم وليس مؤقتاً لحين تأهيل مكان آخر ليكون متحفاً مستقلا للنسيج،لانه ومهما كانت المبررات سيصبح النسيج جزءًا من كل بعد أن كان هو كل في حد ذاته.


موقع متحف النسيج كان مميزاً،والمنطقة التي يقع فيها تمتلئ بعشرات الأماكن الأثرية التي تصلح لأن تكون متحفاً،وبالتالي كان يمكن البحث عن أفضلها ويصلح لهذا الغرض ويتم نقل متحف النسيج إليه،ولا شك أن عدم وجود متحف نسيج في منطقة شارع المعز سيفقدها ميزة كانت بالفعل تستحقها 


ولو فكرنا في سبب يتردد في الكواليس عن أن متحف النسيج بجانب المشاكل الإنشائية فيه،لا يجلب دخلا ماديا كثيراً،لوجدنا أنفسنا نسأل بناءا علي ذلك ولماذا إذا نفتتح متاحف جديدة نعرف جيداً أنها قد لا تحقق دخلا ماديا كبيراً علي الأقل حالياً؟.


إذا افتتاح متاحف جديدة في الوقت الحالي قد يكون دافعه الأساسي المكسب المعنوي متمثلا في التأكيد علي قدرة الدولة ومؤسساتها علي العمل والنجاح في جميع الاتجاهات والملفات،وهذا المعني مهم جدا حالياً وسط ما تمر به مصر والدول المحيطة من ظروف نعلمها جميعا.


وبناءا علي ما سبق،كيف نتخلي عن شيء كان يميز مصر عالمياً..نعم عالميا..حيث أن متحف النسيج من المتاحف المماثلة التي تعد علي الاصابع في العالم كله،كما أنه يتفرد بمحتوياته المنتمية لمختلف العصور التاريخية التي مرت علي مصر،بل أنه يحتوي علي كنوز نادرة ولا مثيل لها في العالم.


مشكلة أخري لا يمكن إغفالها تتمثل في فريق العمل بالمتحف من أثريين ومرممين وإداريين،هل تم البحث عن حل لوضعهم وكيف سيتم التعامل معهم بعد نقل المتحف الي الحضارة؟،هل سينقلون إليه مع نقل الآثار كونهم باتوا يمتلكون الخبرة الكافية للتعامل معه وكنوزه من النسيج؟،أم سيتم توزيعهم علي متاحف وأماكن أخري؟،وهل لو تم توزيعهم ستتم مراعاة الأبعاد والظروف الإنسانية والاجتماعية الخاصة بهم؟،وهل وهل وهل؟،ولو تركنا باب الأسئلة مفتوحاً ستظل منهمرة بلا توقف.


نقطة أخيرة مهمة،اذا كان الخطأ من البداية اختيار منشأة مائية لإقامة متحف فيها،فلا يمكن اصلاح هذا الخطأ إذا إعتبرنا النقل كذلك،بنقل المتحف ودمجه في كيان أكبر،ومهما كانت المبررات فإنه سيظل في النهاية جزءا وليس متحفا مستقلا


علاء الدين ظاهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق