علاء الدين ظاهر
كشف الدكتور معاذ علام من تفتيش الآثار الإسلامية والقبطية بالقليوبية كيف تم وضع حجر الأساس لبناء قناطر محمد على بالقناطر الخيرية،وقال: بدأ العمل عام (1249هـ/ 1833م) وأمر محمد على بإرسال تلاميذه مدرسة المهندسخانة مع أساتذتهم إلى المحل المزمع إنشاء قناطر به وتطبيق العلم على العمل.
وكان العمل يسير ببطء إلى أن حدث طاعون سنة (1251هـ/ 1835م) وتفشى هذا الطاعون بين العمال، فأوقف العمل لمدة أربعة أشهر، وإنتهز لينان فيها الفرصة وجهز رسوم القناطر ومقايساتها وقدمها لمحمد علي في منتصف سنة (1251هـ/ 1835م).
وبالرغم من أن الطاعون قد إنتهى غير أن الدسائس كانت تحاك ضد مشروع لينان، فطلب محمد على فحص مشروع لينان الذى جهزه فى فترة إيقاف العمل، وأمر بتشكيل لجنة من 16 عضوا بينهم مهندس يدعى يوسف أغا،وأوضحت اللجنة الفوائد التى ستعود على مصر من بناء القناطر.
وبالرغم من إقتناع محمد على بقرار اللجنة إلا أن العمل أوقف بالقناطر،وفى سنة (1252هـ/1836م) بدأ فى وضع أساس القناطر الخيرية ووضع محمد على الحجر الأول بيده ووكل إلى موجيل بك الفرنسى، وبهجت بك ومظهر بك بالإشراف على العمل،وما لبثت أن أهملت الفكرة سنة (1253هـ/1837م) ونقلت المعدات والأدوات إلى أماكن أخرى للإستفادة منها.
وعاد محمد على إلى تعميق الترع بأنفار العونة إلى درجة سمحت بدخول مياه التحاريق بها، وظل العمل متوقفاً إلى أن إستغل موجيل بك فرصة وجود محمد على باشا بسراى رأس التين بالإسكندرية، وفاتحه فى أمر بناء القناطر مرة أخرى على أساس يخالف مشروع لينان، ووافقه محمد على وكلف لينان أن يتعاون مع موجيل ويعطيه كل البيانات التى لديه وذلك فى عام (1258هـ/ 1842م) وقد سلم لينان إلى موجيل المشروع كله.
ويذكر كلوت بك فى كتابه"لمحة عامة إلى مصر-ج2" أن محمد على أرسل هنرى إلى طولون لبحث النظام المتبع فى الموانى الفرنسية، وأعطته الحكومة الفرنسية التسهيلات اللازمة لذلك، وأوفدت إليه موجيل بك (1254هـ/ 1838م) وبدأ العمل فى بناء الحوض، وأشترك مع موجيل بك فى بناء الحوض المهندسان المصريان مصطفى بك ومظهر بك ولم يتم بناء الحوض إلا فى سنة (1260هـ/ 1844م).
وفى عام 1259هـ/1843م قدم موجيل مشروع القناطر الخيرية إلى مجلس الطرق والكبارى بباريس، فأقره الأغلبية فأمر محمد على بتنفيذ المشروع، وكان فى العدول عن مشروع لينان دى بلفون خسارة كبيرة لا يمكن تقديرها، ليس فقط من تكاليف إصلاح القناطر بل وإنشاء قناطر أخرى جديدة.
وفى سنة (1260هـ/1844م) صدر أمر من محمد على إلى ديوان البحرية بتوفير الآلات اللازمة لموجيل بك فى مشروع القناطر الخيرية وذلك من ترسانة الإسكندرية، وفى سنة(1261هـ/1844م) صدر أمر آخر لديوان البحرية بأنه سيصير البدء فى بناء القناطر الخيرية ويجب توفير الآلات والمهمات والأخشاب اللازمة لذلك.
وفى ربيع الثانى سنة (1263هـ/ يونيه 1847م) قام محمد على بوضع حجر الأساس للقناطر الخيرية، وتقرر أن يكون إسمها القناطر المجيدية، وكان ذلك فى إحتفال ضخم ضم كبار رجال دولته وأعضاء من أسرته،حيث أمر بأن تصنع ميدالية ذهبية مكتوبة باللغة التركية، وتوضع فى صندوق من الخشب داخل صندوق من المعدن صنع بدقة وإحكام.
وكان العمل قد بدأ بالفعل بقناطر دمياط ولم تصادفه صعوبات فكان الأساس جيداً وسليماً،وفي 1264هـ/1847م أمر محمد على ببناء ألف متر مكعب من الخرسانة كل يوم، وقد أطاع موجيل بك الأمر تفادياً لغضب محمد على، وكان ذلك على حساب أساس قناطر رشيد، حيث وجدت صعوبات كبيرة فى وضع الفرش لا سيما أن مجرى فرع رشيد كان به نحر عميق يبلغ عمقه أكثر من عشرة أمتار من جانبه الشرقى.
وترتب على هذه السرعة أن جاء فرش قناطر رشيد ضعيفا جدا وهذه هى العلة التى تشكو منها القناطر منذ ذلك الوقت، وحتى يومنا هذا حيث إستمر العمل فوق الفرش دون علاجه،وقد أصاب العمل بالقناطر بطئ شديد فى أواخر أيام محمد على وذلك لمرضه وظل هذا البطء مستمرا حتى بعد وفاته عام (1265هـ/1849م).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق