علاء الدين ظاهر
"فى ذمة الله ياعمر .. الأمة تودعك يا أمير الإسكندرية"هكذا هتفت الجماهير في وداع الأمير عمر طوسون ، عند وصول الموكب إلى ضريح العائلة الملكى، فى شارع النبي دانيال،وذلك قبل 77 عاما،حيث توفي في 26 يناير 1944م،وأوصي أن تبدأ جنازته من الميدان المواجه لمحطة مصر للقطارات بالإسكندرية.
والسبب كما يقول أحمد عبادة الباحث المتخصص في التراث والتاريخ:حتى لا يضطر المعزون للسير مسافات طويلة،وقد نفذ له الملك فاروق وصيته ، مقتصرا على تشييع الجثمان الذي شارك فيه الوزراء والأمراء وكبار رجال الدولة ، كما تم لف نعشه بالعلم المصري ، الذى حمله ضباط فى البحرية المصرية، وأحاط ضباط الجيش المصرى بالموكب واصطف أهالى الاسكندرية فى الشوارع، وتجمعوا فوق الأسطح و فى الشرفات، ليودعوا أميرهم المحبوب للمرة الأخيرة .
عبادة قال:الامير عمر طوسون عُرف بالتواضع والبساطة ، وعرف الامير بالكرم و مساعدة الفقراء وكان من أكثر الشخصيات السكندرية شعبية فى النصف الأول من القرن العشرين، وكان محبوبا من اهلها ، الذين كانوا دائما ما يطلبون منه خدمات ، كانت تُلبي فورا ، مما جعل الصحف والعامة يطلقون عليه لقب "أمير الفقراء" و "أمير الاسكندرية"،وهو الابن الثانى للأمير طوسون بن محمد سعيد بن محمد علي، مؤسس مصر الحديثة.
وقد ولد الأمير عمر فى الإسكندرية 8 سبتمبر 1872م،وأجاد الأمير العديد من اللغات منها العربية والتركية والإنجليزية والفرنسية ، وبعد تخرجه تنقل بين عدة بلدان أوروبية، مثل فرنسا وإنجلترا، و أكمل علومه، ثم عاد إلى مصر،وتزوج من الأميرة بهيجة حسن، حفيدة الخديو إسماعيل ، وأنجب منها النبيل سعيد طوسون و النبيل حسن طوسون و النبيلة أمينة طوسون و النبيلة عصمت .
و الأمير عمر طوسون هو أحد أهم رواد الإصلاح و النهضة في مصر بدايات القرن العشرين ، له العديد من الإسهامات في المجال العلمي والعملي ، وله العديد من الكتب والخرائط باللغة العربية وباللغة الفرنسية ، حيث استطاع أن يؤرخ لكثير من الأحداث التاريخية،وقد إهتم الأمير بالقضايا الوطنية،ووقف إلى جانب ثورة عام 1919م، وكان قصره في الإسكندرية مركزا للعمل الوطني تصدر منه البيانات المؤيدة لحقوق الأمة.
واهتم طوسون بقضايا أُخرى أهمها قضية السودان وعلاقتها بمصر بل باتحاد السودان ومصر، فأعطى هذه القضية الكثير من وقته وأمواله وكتاباته الاجتماعية والسياسية. ولم يأتِ ذلك من فراغ وذلك لإيمانه بأن بقاء الوحدة بين مصر والسودان فيه ضمانة حقيقية لمستقبل مصر الاستراتيجي السياسي والعسكري والاقتصادي،كما أدرك خطورة انفصال السودان وأنه سيؤدي إلى نقصان حصة مصر من مياه النيل.
وفي المجال الأثري كانت للأمير «عمر طوسون» الريادة، حيث استطاع أن يكتشف ٥٢ ديرًا أثريًّا، وأن يعثر على رأس تمثال الإسكندر الأكبر بخليج العقبة، وينتشلها من الماء بمساعدة الصيادين والغواصين، كما اكتشف بقايا مدينة مغمورة بالماء على عمق خمسة أمتار بأبي قير سنة ١٩٣٣م، إلى جانب تقديمه للعديد من الدراسات الرائدة في مجالي التاريخ والآثار .
و كان الأمير «عمر طوسون» ، من أكثر من ساهموا في الأعمال الخيرية،و كان له دور بارز في الجانب الإصلاحي و الديني، فقد كان للأمير عمر دور هام في تحريم الخمر في مصر في عهد الملكية ، من خلال رعاية جمعية تسمى "جمعية منع المُسكرات" .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق