علاء الدين ظاهر
أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار أن اكتشاف مراكب الشمس صاحبته آراء مختلفة منها اكتشافها بالصدفة منذ عهد الملك فاروق،أثناء زيارة ضيفه الملك عبدالعزيز آل سعود لهضبة الأهرام بالمركبة الملكية المقطورة بالخيول وقد اقترح جلالة الملك عبد العزيز إزالة تل الأتربة الهائل الملاصق للجانب الجنوبي من هرم خوفو.
فأصدر الملك فاروق أوامره إلى مدير عام مصلحة الآثار، بتنفيذ ذلك وتم اعتماد خمسين جنيهًا لتنفيذ عملية إزالة الأتربة التي تم خلالها إزالة ما يوازي ستين ألف متر مكعب من الأتربة على فترات متقطعة ليكتشف حفره مسقوفة بأحجار ضخمة.
ليسرع ويخبر الكاتب الصحفي كمال الملاخ ويبدأ في استخراجها ليكشف مزيدًا من الألغاز حيث لم يستخدم مسمارًا معدنيًا واحد في صناعة هذا المركب، فقد استخدم المصري القديم هنا طريقة التعشيق والحبال في تكوين أجزاء هذا المركب كبير الحجم.
ويضيف الدكتور ريحان أن هناك آراء تؤكد اكتشافها إعلاميًا بواسطة عالم الآثار المهندس كمال الملاخ فى مايو 1954 وأن اكتشافها أثريًا تم بواسطة مفتش الآثار محمد زكى نور الذى يرجع له الفضل فى اكتشاف هذه المراكب مع زملائه زكى إسكندر ومحمد صلاح عثمان وأحمد يوسف وذلك طبقًا لما ذكر فى كتاب الدكتور عالم الآثار الشهير أحمد فخرى (مصر الفرعونية) صفحة 89 حيث دلل على جهود هؤلاء المفتشين الأثريين الذين لم يأخذوا حقهم تاريخيًا من اكتشاف مراكب الشمس باسمهم
ويتابع الدكتور ريحان أنه من المعروف إعلاميًا اكتشاف مراكب الشمس عام 1954 عند قاعدة الهرم الأكبر بالجهة الجنوبية بواسطة عالم الآثار المهندس كمال الملاخ حيث اكتشف صفًا من كتل حجرية تغطي حفرة في الأرض، احتوت على سلسلة من ألواح مصنوعة من خشب الأرز مرتبة وموضوعة بعناية فضلًا عن حبال وأجزاء أخرى لازمة لإعادة بناء السفينة.
وكانت عبارة عن حفرتين مسقوفتين عند قاعدة هرم خوفو الجنوبية حيث عثر في قاع إحداهما على سفينة مفككة من خشب الأرز وهي عبارة عن مركب ملكي ذو مجاديف مصنوعة من خشب الأرز من لبنان صنعت منذ 5000 سنة وتتكون من عشة وخمسة أزواج من المجاديف واثنين من زعانف التوجيه وسقالة للرسو على الشاطيء
وينوه الدكتور ريحان إلى أن عدد قطع المركب المكتشفة حوالى 1222 قطعة ، موضوعين فى 13 طبقة مرتبين بطريقة منهجية وقد تضرر الجزء الخاص بمقدمة السفينة وأن أكبر قطعة طولها حوالي 23 متر وأصغر قطعة حوالي 10 سم وهنا تكمن الدقة بالاحتفاظ بكل قطعة من المركب ليعاد استخدامها مرة أخرى، من ضمنها خمسة أزواج من المجاديف واثنين من زعانف التوجيه ومقصورة،وتوجد أثار وبقايا لأخشاب في موقع الهرم تدل على أن مركب الشمس قد تم صناعته في ذلك الموقع .
ولفت إلى أنه لا جدال في أن حفرتى السفينتين المكتشفتين إنما صنعتا من أجل خوفو ومن الواضح أنهما لم توضعا في مكانهما ولم تغلقا حفرتاهما إلا بعد موته وأن الذى أتم هذا العمل هو الملك الذي حكم من بعده والدليل علي ذلك وجود نقش وحيد لإسم ملكي والذي تم العثور عليه بين الكتابات الموجودة في الحفرة وهو اسم الملك «رع - ددف» الذي تولي العرش بعد أبيه وكان من واجبه الإشراف علي دفن خوفو وإتمام مالم يتمه من عمائر.
وأوضح الدكتور ريحان أن طول المركب 43.4م، وأقصى عرض له 5.9م، وعمقه 1.78م، وارتفاع مقدمته ستة أمتار، وارتفاع مؤخرته سبعة أمتار، وله عشرة مجاديف خمسة على كل جانب تتراوح أطوالها مابين 6.5 و8.5م، ومقصورة رئيسية تتقدمها مقصورة الربان في مقدمة المركب، والدفة عبارة عن مجدافين كبيرين.
وتوجد حجرة كبيرة في وسط السفينة يحمل سقفها ثلاثة أعمدة من الخشب تيجانها من النوع المعروف في الفن المصري بإسم الطراز النخيلى، ويزن المركب حوالي 45 طنًا، تم استخراجها وإعادة تركيبها على يد المرمم أحمد يوسف حتى عام 1961.
وقد نجح في أن يعيد تجميع مركب خوفو المكتشفة فى عمليات الترميم لمدة ٢٠ عامًا لمعالجة الأضرار الجديدة التي لحقت به حتى تم افتتاح المتحف المخصص لعرض المركب رسميًا في 6 مارس سنة 1982 في متحف خاص بها بمنطقة آثار الهرم داخل مبنى متحف مركب خوفو.
وأشار الدكتور ريحان إلى أن اكتشاف المركب يعد المرة الأولي التي يتم العثور فيها علي أي سفينة خشبية كبيرة من أيام الدولة القديمة حيث أن السفن الوحيدة التي عثر عليها في منطقة دهشور يرجع تاريخها إلى أيام الأسرة الثانية عشر واثنتان منها معروضتان في المتحف المصري والثالثة معروضة في متحف التاريخ الطبيعي بشيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية
ومن دراسة نصوص الأهرام نجد أنه كان يوجد علي الأقل ٨ أنواع من السفن كان الملك يستخدمها في أسفاره السماوية وكان اثنتان منها لأجل عبور السماء، يركب إله الشمس إحداهما لرحلة النهار وتسمى «معنجت» و الأخري لرحلة الليل وتسمى «مسكتت» ولهذا فإن اثنتين فقط من هذه السفن يمكننا أن نطلق عليها سفن الشمس وليستا لغرض آخر، وأنه قد عثر حتي الآن علي خمس سفن للملك خوفو اثنتان منها في الجهة الجنوبية واثنتان في الجهة الشرقية وواحدة إلي جانب الطريق الصاعد
ويرجح فريق من علماء الآثار أنهما مراكب جنائزية بسبب حجمهما الكبير، إذ أن مراكب الشمس على الأرجح مراكب صغيرة رمزية، وكانت المراكب الجنائزية تُستخدم لنقل مومياء الملك لزيارة الأماكن المقدسة الخاصة بالإله أوزوريس، ومنها أبيدوس في الجنوب وبوتو في الشمال.
هذا إضافة إلى أن هذا النوع من المراكب كان يستعمل أيضًا فى نقل جثمان الملك من قصره الذى يقيم فيه إلى الجبانة حيث يوجد هرمه بينما يرجح الفريق الثاني أنهما ليستا جنائزيتين، بل هما مركبتان شمسيتان يستعملهما الإله رع -إله الشمس- مع الملك في رحلة الليل والنهار، تساعده النجوم في الإبحار والتجديف، حيث يقوم الإله في تلك الرحلة بتنظيف العالم من الأرواح الشريرة، وبالتالي يقدسه الشعب ويقدم له القرابين شكرًا وعرفانًا.
وينوه الدكتور ريحان إلى إطلاق اسم مراكب الشمس أو سفينة خوفو على المراكب المكتشفة وكانت مراكب الشمس في مصر القديمة قوارب ذات رمزية دينية يستخدمها إله الشمس "رع" في رحلة الليل والنهار، وهي رحلة تهدف بحسب الأسطورة إلى تنظيف العالم من الأرواح الشريرة.
وكانت هذه المراكب مزودة بعدد من المجاديف المسننة لقتل الحيوانات والأرواح الشريرة بحسب الديانة المصرية القديمة حيث تروي أسطورة رع أنه طفلا عن شروقه (خبري) رجلا كاملًا ظهرًا (رع) عجوزًا عند المساء (أتوم) يحيا في مركبين حسب عقيدة مصر القديمة هي مراكب رع الذي هو قرص الشمس .
وتصف النصوص شروق الشمس على الشاطئ الشرقي البعيد حيث تحييه فرقة من القردة بمجرد ظهورها من المياه فإذا ما أوقظت هذه الحيوانات ترقص طربًا لظهور الشمس بعد ذلك يركب رع سفينته النهارية التي تبحر به عبر السماء حتى المساء بعد ذلك ينتقل من سفينته النهارية إلى سفينة الليل التي تنتظر به في العالم السفلي قبل شروقه مرة أخرى.
ونسجت أساطير وقصص حول رحلة الشمس ومراكب الشمس وانتشرت عبادة الشمس على الأخص في شمال مصر في عهد الملك خوفو وبدأ الملوك الفراعنة في تسمية أنفسهم بابن رع منذ عصر خفرع عصر بناة الأهرام وظلت هذه القرابة الشمسية في الألقاب الملكية حتى نهاية التاريخ المصري القديم وفي هليوبوليس كان المقر الرئيسي لعبادة رع حيث كان يرأس التاسوع المقدس باسم أتوم وترأس رع مجموعة الآلهة الرسمية في شمال البلاد خلال الأسرة الخامسة
وعن الحفرة الثانية لمركب الشمس بمنطقة الهرم فقد فحصت في عام 1987 وتبين أنها تحوي أجزاء مركب شمس كاملة مفككة وقد أظهرت كاميرات صغيرة أدخلت في الحفرة الثانية أن هناك مركبًا آخرًا موجود ومفكك، وقد رأى عالم الآثار الألماني "هاس" أنها لمركب شراعي.
وبعد عدة سنوات من التجهيزات بدأت في عام 2009 بواسطة مجموعة من الباحثين اليابانيين من جامعة واسيدا وبالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار بفحص محتويات الحفرة الثانية وبدأ استخراج أجزاء المركب من الحفرة الثانية في يونيو 2013 .
وفي شهر يوليو الماضي انتهت البعثة الأثرية المصرية اليابانية برئاسة الدكتور ساكوجي يوشيمورا رئيس جامعة هيجاشي نيبون الدولية اليابانية والأستاذ الفخري بجامعة واسيدا من استخراج جميع القطع الأثرية لمركب خوفو الثانية، حيث تم تم استخراج ما يقرب من 1700 قطعة خشبية من 13 طبقة داخل الحفرة وتم ترميمها وتوثيقها وتسجيلها ونقل 1343 قطعة منها إلى المتحف المصري الكبير حتى الآن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق