25‏/02‏/2024

لغز خنجر أثري 1 .. ضجيج السوشيال ميديا وكذبة الصعود إلي الفضاء هل نصدقها يوما؟!!!

د.مدين حامد

الخبير والمحاضر الدولي في دراسات ترميم وتزييف وتزوير الآثار والوثائق والمخطوطات

------------–-------------


لا شك أن آثار مصر وتراثها العظيم تمثل حجر الزاوية في شتي دراسات حضارات الشعوب القديمة،  وقِبلةً لعلماء المصريات والتاريخ وعلوم الطب والفلك والكيمياء والعمارة والرياضيات والموسيقي والجغرافيا والأنثروبولچي والصيدلة وعلوم المواد والصناعات المختلفة لما تمتلكه بلادنا الحبيبة من تراث حمل معارف وعلوم وثقافات وأحداث يصعب حصرها أو توفرها في تراث وآثار خلفتها أية أمة زامنتها أو تلتها علي وجه الأرض وبين العالمين، ولم لا؟.




وهي صاحبة أول أبجدية حقيقية متكاملة عرفها العالم علي غير السائد بين اختصاصي التاريخ والمؤرخين وعلماء الآثار باعتبار الكتابات السومرية أول الأبجديات والتي لم تصبح مسمارية ويعتمدها الآكاديون والأشوريون لغة ببلاد الرافدين إلا بحلول العام 2800 ق. م، في حين أن قدماء المصريين قد مارسوا الكتابة وورسخوا لمبادئ أبجديتهم مطلع العام 3100 قبل ميلاد السيد المسيح عليه وعلي نبينا السلام.




ودلالة الطرح ما اكتشف بمنطقة أبو الجعاب بأبيدوس بمحافظة سوهاج بصعيد مصر من بطاقات كتبت بالحبر أو نقشت وحمل بعضها إسم الملك العقرب فيما يعرف ببطاقات أبيدوس، ليس هذا فحسب بل وكان لمصر القديمة أول مساهمة لوضع لبنات كل العلوم والمعارف في شتي الاختصاصات مما لا يتسع المجال لحصره، ولسنا بصدد تناول ملامحه ودلالته الدامغة، ويكفي القول أن جل ذلك قد دون علي بردياتها، ونقش علي مقابرها ومعابدها، ويعلمه القاصي والداني في شتي ربوع الأرض.



ولعل آثار ومقتنيات الملك الشاب (نب-خبرو-رع) أو توت عنخ آمون التي فاق عددها وتجاوز ال5000 قطعة قد حظيت باهتمام عظيم من قبل علماء الآثار والباحثين وغيرهم في جميع أنحاء العالم لصغر سن الملك عند توليه مقاليد الحكم وعند موته، ومقبرته التي اكتشفها الإنجليزي "هيوارد كارتر"  بوادي الملوك بالبر الغربي بمدينة الأقصر عام 1922م بمساعدة أحد عمال الحفر من أولاد عبد الرسول،  والتي حوت- رغم صغر حجمها- هذا العدد الهائل من المقتنيات وشمولها عدداً غير طبيعي من المواد والمعادن والحلي والأحجار الكريمة وغيرها مما استخدم لصياغتها وتشكيلها ونحتها وصناعتها من توابيت وعجلات حربية وتماثيل وأواني كانوبية وتماثيل الأوشابتي والأسرة والثياب والحلي وكرسي العرش والقناع الشهير.




وما صاحب سيرته من غموض بشأن سبب موته ونسبته إلي أم بعينها، بيد أنه في الآونة الأخيرة قد شغلت بعض مقتنياته الرأي العام والأوساط العلمية، لا سيما ما شكل منها من الحديد

كالأزاميل ومسند الرأس

ونصل خنجره الشهير الذي اكتشف عام 1925م تحت الغلاف المحيط بالفخذ الأيمن لمومياء الملك،  والذي يعود للقرن 14 ق. م،  ومثل أساساً لعدد من الدراسات التي نشرت تفاصيلها بمجلات دولية مرموقة، بين مؤيد ومعارض لنتائجها وتعدد نظرياتها حول طبيعة وأصل وتكوين نَصل أو شِفرة الخنجر Dagger blade هذا.




وهو لب المقال ومقصده بتناول يختلف نسبياً عما ورد بحيثيات ونتائج تلك الدراسات ترسيخاً لحقائق ومستجدات تدعم بعضاً مما ورد بمفرداتها وتصحح ما أخطأت فيه وغفلته وما آلت إليه وافتقدته،  دونما تحيز يذكر أو جحد لحق لكشف النقاب عن الحقيقة التي ألهبت العقول وشحذت الهمم نحو تلك المأدبة العظيمة تقرباً وإثارة وتشويقاً وجلباً للنفع وتحقيقاً للصيت والشهرة، خاصة وأن الأمر يختص بأحد أشهر ملوك العالم القديم وسيرته الغامضة لحياته وبعد مماته.



ففي الآونة الأخيرة، تناولت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، لا سيما القنوات الوثائقية الشهيرة وتطبيقات التيك توك والقصص واليوتيوب ومجموعات ترميم الآثار والحضارة والتاريخ علي فيسبوك وإنستجرام ومنصة تويتر أو X و تطبيق LinkedIN وغيرها نتائج دراسة وحيدة، وسلطت الضوء عليها دون غيرها رغم استنساخها من دراسات سبقتها وتكرار نتائجها، ووصفها بالإعجاز العلمي كأول دراسة في العالم أنهت الجدل المثار حول نصل الخنجر المشكل من حديد نيزكي Meteoric Iron حسب وصفها،  واصفة إياها ومعقبة عليها أن قدماء المصريين ربما قد صعدوا للفضاء وجلبوا حديد النصل، اعتماداً علي نظرة القدماء للحديد كهدية من السماء وعدم وجود الحديد علي الأرض.



ودعم النظرية بآي الذكر الحكيم وقوله تعالي في سورة الحديد" وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25)، دون معرفة تفسيرها الرئيس، والذي فيه تحذير وحث، فأما التحذير فالحديد أي السيوف وغيرها والأمر بالقتال والردع لمن خالف القرآن ومن أبي عن الحق، والحث علي منافعه من الحلي والآنية والبناء... وغير ذلك، ونهاية منهم بنفي وجود عنصر الحديد علي الأرض وقت تشكيل هذا النصل، بل وتكون في الأرض بعد هذا التاريخ، والتي خلقت قبل ذلك بملايين السنين مفتقدة لأحد عناصرها الرئيسة كالحديد، وغير ذلك مما سيتم تأصيله بتتمة المقال ومفرداته ضمن عدة محاور مرتبة لإماطة اللثام عن تلك القضية.

***************

ونكمل في الحلقة القادمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق