21‏/08‏/2024

مناهج متنوعة في 3 مراحل..المصريون القدماء تعلموا وعلموا أولادهم في أحسن المدارس والجامعات منذ آلاف السنين..تحقيق بالصور

# أثر التعليم بشكل كبير على الحياة اليومية والتطور الاجتماعي في الحضارة المصرية القديمة


# بعض المدارس كانت ملحقة بالمعابد والدراسة تتخللها فسحة طويلة لتناول الطعام واللعب


# كان التعلم والدراسة سبيل للطالب لتحقيق مكانة مرموقة وسعادة للمتعلم في المجتمع 



تحقيق..علاء الدين ظاهر 

كان المصريون القدماء من أوائل الشعوب التي أولت اهتماماً كبيراً بالتعليم والمعرفة،حيث اعتبروا التعليم ركيزة أساسية لتقدم المجتمع وازدهاره،وكانت المعرفة مقدسة في نظرهم، فقد ارتبطت بالآلهة والحكمة الإلهية،مما يثير تساؤلات لدي كثيرين عن شكل التعليم والمواد الدراسية لدي المصريين القدماء وأشهر الجامعات المصرية القديمة،ومراحل التعليم ومسمي كل مرحلة.





الدكتور محمود حامد الحصري مدرس الآثار واللغة المصرية القديمة بجامعة الوادي الجديد قال:كان التعليم في البيت أكثر أنواع التعليم شيوعاً،فالآباء كانوا يعلمون أولادهم العناصر الأساسية لمهنتهم،وكانت المدارس تساهم في الحفاظ على الثقافة المصرية القديمة وتعليم الأجيال الجديدة،مما ساعد على استمرارية المعرفة،فالمدارس كانت من أهم المؤسسات التي ساهمت في تشكيل الثقافة والمعرفة في مصر القديمة،وقد أثر التعليم بشكل كبير على الحياة اليومية والتطور الاجتماعي في الحضارة المصرية القديمة.




* بيت الكتابة 

وتابع:الملوك عهدوا بتعليم أبنائهم وبناتهم الذين من الدم الملكي إلى مؤدبين مختصين، وأرسل الصناع والموظفين أولادهم ليتتلمذوا على يد الأساتذة،ثم جاءت المرحلة الثانية عندما جُمع عدد من التلاميذ تحت إمرة أستاذ واحد، وأرسلت عائلات النبلاء أولادها ليتعلموا في فصول مع أطفال الملوك، وكان للمصالح وإدارات الحكومة مدارسها الخاصة، كما طبق هذا النظام في المعابد.





وعن أنواع المدارس والمناهج الدراسية في مصر القديمة،قال الحصري:كانت المدرسة تُعرف عادةً باسم "بر عنخ" أي "بيت الحياة" أو "بيت الكتابة"، حيث كانت تُدرس فيه مختلف العلوم والمعارف،وكانت هذه المؤسسات تُعنى بتعليم الفتيان من الطبقات العليا أساسيات الكتابة والقراءة والرياضيات، بالإضافة إلى التعليم الديني والفلسفي.




وكانت المناهج الدراسية في المدارس المصرية القديمة عدة مواد،منها الكتابة الهيروغليفية لتعليم الطلاب كيفية استخدام الرموز الهيروغليفية لكتابة النصوص،والرياضيات حيث تدريس الأساسيات مثل الحساب والقياسات،والتاريخ لدراسة الأحداث التاريخية وأصول الحضارة المصرية،والأدب لقراءة ودراسة النصوص الأدبية والدينية،والطب للمعرفة الأساسية عن الطب والأعشاب الطبية،والفلسفة لفهم الأفكار الفلسفية والدينية في المجتمع،والفنون لتعليم الفنون التشكيلية والموسيقى،وكان يُعتبر تعليم اللغة والكتابة أمراً أساسياً لخدمة الدولة في المناصب الإدارية والدينية،حيث تشير الوثائق إلى أن المصادر التعليمية كانت تتضمن النصوص الدينية والأدبية، حيث كان يتم تحفيظ الطلاب هذه النصوص واستخدامها في التعلم.




وفيما يتعلق بمراحل التعليم في مصر القديمة،قال الحصري: كان التلميذ في مصر القديمة يسمي "سبعتي" sbaty، وكانت هناك ثلاث مراحل رئيسية للتعليم،المرحلة الأولي في التعليم تعني بتعليم الطفل القراءة والكتابة والحساب، وكانت هذه المرحلة ليصبح كاتباً صغيراً أو ليلتحق بالعمل لدى أحد الأغنياء، والمرحلة الثانية من التعليم تعرف باسم "عت-سبا" أي دار التعليم ويقصد بها المدرسة أو قاعدة الدرس، وبعض تلك المدارس كانت ملحقة بالمعابد،وكانت الدراسة بها تستمر طوال اليوم وتتخللها فسحة طويلة تسمح بتناول الطعام واللعب في المنطقة المحيطة بالمدرسة،والمرحلة الثالثة تم الاهتمام فيها بتعليم الطالب لإعداده للناحية العملية لكي يتقن وظيفة معينة،وكان يُعهد بهذه إلى دواوين الحكومة.




* جامعة هليوبوليس 

وقال الحصري أنه كان في مصر القديمة عدد من أشهر الجامعات والمراكز التعليمية،حيث عرفت بداية ظهور المدارس أو بيت الحياة في مصر القديمة خلال الدولة الوسطى،وكان الذكور أكثر حظاً من الإناث في التعليم، إذ لم تذهب الإناث للمدارس، إلا أن الأمر لم يخلو من وجود بعض الإناث اللاتي عرفن القراءة والكتابة وشاركن في الثقافة، حيث توجد وثائق تشير إلى مراسلات بين إناث من الطبقة المتوسطة، وذكرت المصادر اليونانية والمصادر المصرية القديمة العديد من المراكز الثقافية المصرية، هذا إلى جانب إشادتها بمكتباتها التي كانت تحوى ذخائر ونفائس المخطوطات، كما ظلت مصر لدى معظم من زارها أو من كتب عنها من الكتاب الإغريق مهد الحضارة والرقى الإنساني، فقد ذكرها "هوميروس" في ملحمته الرائعة الأوديسا بأنها بلد الأطباء أحكم أهل العالم، وكانت هناك العديد والعديد من المراكز التعليمية في مصر القديمة.





وقد تركزت المدارس في مناطق عين شمس ومنف وطيبة، وكانت أهم المدارس هي البيت (المنزل)، لذا حرص الآباء على تلقين أبنائهم خلاصة تجاربهم وخبراتهم،وكان الطفل يذهب إلى المدرسة وهو في حوالي العاشرة من عمره ويبقى فيها أربع سنوات تقريباً،وهذا وفقاً لما ذكره "باك-إن-خنسو" على جدران قبره، وكان النظام المدرسي طويلاً إذ غالباً ما تنتهي الدراسة في منتصف النهار، وكان المعتاد أن تذهب الأم بطعام ولدها إلى المدرسة،ومن أشهر الجامعات المصرية القديمة كانت في مدينة طيبة،وكانت في معبد الكرنك الذي كان مركزاً لدراسة الدين والفلك والطب والهندسة،ومدينة هليوبوليس التي كان بها معبدا عظيماً للشمس كان مركزًا للدراسات الدينية والفلكية،ومدينة منف وكانت تضم مدرسة للطب والهندسة المعمارية والفنون الجميلة،ومدينة أخميم التي كانت تشتهر بمعاهد الكتابة والفنون والآداب.





* التعليم الفني 

الدكتور ممدوح فاروق مدير متحف إيمحتب قال أن مصر القديمة عرفت التعليم الفني والمهني،حيث طوع الإنسان المصري موارد الطبيعة ليشكل هويته كصانع محترف ثم كمعلم،وكانت بداية تعليم الأطفال من سن ٥ حتي ۱۲ عاماً في مدرسة «بر عنخ» او «عت سبا»،مشيرا إلي أن الصغار كانوا يكتسبون المهارة من الكبار سواء الوالدين أو الأقارب،وكانت الكتابة أهم مهنة حث عليها المصري القديم لتعلمها للتغلب علي الحواجز الإجتماعية (تعاليم خيتي).





 وتابع الدكتور ممدوح فاروق:كان التعليم المهني الشاق يختص غالباً بالذكور، أما الإناث تم تعليمهن النسيج، الإنشاد الديني والرقص،وكان تعليم الأطفال يتم احيانا في المنازل، حيث اعتمد التعليم علي النسخ والحفظ وتعلم الرياضيات والجغرافية،وذلك داخل المؤسسات التعليمية في القصور والمعابد،وكانت المدن العمالية مثل دير المدينة والكاهون يهتمون بتعليم الصغار والكبار للمشاركة في المشاريع القومية.





وأشار مدير متحف إيمحتب إلي أن المصادر الرئيسة للتعرف علي نظام التعليم الفني في مصر القديمة هي الأوستراكا"قطع الفخار"ومناظر الحرف والصناعات والحكم والتعاليم في الأدب المصري القديم،حيث كانت الورش الفنية هي مدارس لتعلم الحرف وتوارثها عبر الأجيال،وكان الصبي الذي كان يتعلم الحرفة يأخذ لقب «غري عا»،وقد انتشرت فكرة المعلم أو الأب لتعليم الصغار، وكان يأخذ لقب «نب» السيد/«إيت» الأب.




* الآداب والنصائح 

ويعد عالم الآثار الراحل أستاذ دكتور عبد العزيز صالح من أبرز العلماء الذين تناولوا موضوع التربية والتعليم والمدارس فى مصر القديمة،وخصص لذلك كتاب صدر منذ عدة سنوات عن هيئة الكتاب،والذي كشف عن كثير من الجوانب المهمة فيما يتعلق بالتعليم لدي المصريين القدماء وأهمية التعليم في حياتهم،حيث كان التعلم والدراسة سبيل لتحقيق مكانة مرموقة وسعادة للمتعلم،وقد كان للأسرة دور كبير في تعليم أبنائهم من خلال الآداب والتعاليم والنصائح،هذا بخلاف المدارس التي كانوا يتلقون فيها التعليم علي يد معلمين،وكانت المناهج تتنوع ما بين اللغة المصرية القديمة والتاريخ والرياضيات والآداب وغيرها.





وهناك أيضا الدكتور سعيد إسماعيل علي أستاذ فلسفة التربية والسياسات التعليمية بجامعة عين شمس،والذي قام بدراسات متعمقة فيما يتعلق بالتعليم ومكوناته في الحضارة المصرية القديمة،حيث تناولها بشكل علمي وتاريخي دقيق في أحد كتبه،وأكد فيه علي إعتبار المصري القديم العلم والتعليم مقياساً لحضاراته وسط الحضارات الأخري،مما جعله يقوم بتعليم صغاره منذ حداثتهم،وذلك حسب ما كان متوفراً من مناهج ومواد تعليمية في ذلك الحين،حيث إكتشف المصري القديم أهمية التعليم وقيمته كمؤشر علي التقدم والرقي،مما دفع المصري القديم لإنشاء المدارس والمؤسسات التعليمية المتنوعة،والتي كانت تتوفر بها أدوات الكتابة والتعليم المختلفة.




وكشف الدكتور سعيد إسماعيل عن 3 مراحل للتعليم في مصر القديمة،وتبدأ بالتعليم العام من سن 4 - 10 أعوام،ومن سن 10-15 عام تكون المرحلة الثانية وهي النسخ،أما المرحلة الثالثة والأخيرة تبدأ بعد سن 15 سنة وهي مرحلة التعليم العالي وتتضمن عدة علوم ومعارف،موضحا أن المناهج التعليمية إختلفت حسب كل مرحلة دراسية،حيث يتعلم الطفل في البداية اللغة وكيفية نطقها وكتابتها.


ثم في مرحلة تالية يتم تدريبه علي ممارسة اللغة وكتابتها وتعلم معلومات من بعض العلوم بشكل مبسط،وفي آخر مرحلة تعليمية يتلقي الطالب تعاليم دينية ومهنية وعلوم مثل الطب والرياضيات والفلك،وكانت هناك مدارس مثل قصور كبار القوم والملوك لتعليم أبنائهم،ثم تطور الأمر لإنشاء مدارس عامة ومهنية،كما تم إنشاء بعض المدارس العسكرية لتعليم الطلاب فنون الحرب والقتال،هذا غير المدارس الدينية التي كانت ملحقة بالمعابد.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق