نسمة جابر
الباحثة
بجامعة القاهرة فى الحضارة الرومانية
كان مجتمع
العمل فى مصر قائم اساسا على الرجل ،إلا أن النساء قمن ببعض الأعمال التى تدر
عليهن دخلاً خاصا بهن،ففى الريف المصرى عملت المراءة مع زوجها فى اعمال الزراعة منذ
فجر التاريخ،بل يفترض علماء الإجتماع والإنتثروبولوجيا عصراً كانت فيه المراءة هى
التى تقوم بالعمل وإعالة الاسرة ،وليس الرجل ويطلقون عليه العصر الأمومية ،إلا أنه
بإكتشاف الزراعة تغير المجتمع من مجتمع الأمومية الى مجتمع الابوبية ،حيث بدا دور
المراءة يحتجب عن ميدان العمل الخارجى الى عالم البيت وتربية الأبناء ورعاية
الزوج
إلا ان النساء ظللن يمارسن بعض الاعمال الهامشية كتربية الطيور الداجنة
،الماشية،وبيع منتاجاتها فى الأسواق ،كما قامت النساء بمهمة غزل الثياب من الصوف
والكتان،كقوله تعالى ""كالتى نقضت غزلها"" غير أن الرومان لم
يعتبروا هذه الاعمال اعمالاً بالمعنى الذى يتوجب فيه على النساء دفع ضريبة
الحرافيين .بإستثناء مهنتين تخصصت فيهم المراءة هما الرضاعة والدعارة.إذا ورد ذكر
الداعرات من بين قائمة تعريفة المغادرة الجمركية التى عثر عليها فى قفط،والتى سبق
الإشارة اليها إذ رائينا ان رسم المغادرة بالنسبة للمومس كانت مائة وثمانية
دراخمات ،بينما كان رسم المغادرة بالنسبة للزوجة الشرعية للجندى او الملاح هى
عشرون دراخما فقط لاغير
وهذا يبين مدى رواج مهنة الدعارة وما تدره من مال على
العاملات بها ،وهى أقدم مهنة مارستها المراءة منذ فجر التاريخ .ولقد راج وارتفع
أجر الداعرة فى المناطق النائية والمنعزلة فى الصحراء حيث يقيم الرجال بلا زوجات
وفى ظروف صعبة للغاية.غير أن الثراء السريع لم يكن الدافع الملح الذى يدفع بعض
النساء الى السير فى هذا الطريق ،إنما لعب الفقر المدقع ايضا دوره.فقد ثبت لنا من
خلال الوثائق دراسة متأنية ان الحاجة وشظف العيش هما الدافعان الاساسيان اللذان
يدفعان النساء الى اتباع هذه المهنة مثل الأملاق والجوع وعضه لهن بأنيابه
فمن
القرن الرابع الميلادى لدينا جزء من وقائع محاكمة فتى طائش وفاسق وثرى من ابناء
وجهاء الاسكندرية اسمه ديموديموس،اتهم بقتل ساقطة كان يتردد عليها بدلا من ان تسعى
امها لادانة قاتل ابنتها ،وقبل ان ينطق بالحكم تقدمت والدة القتيلة بعريضة دعوى
للمحكمة تطالب بتغريم القاتل مبلغا كبيرا كتعويض لها لفقد ابنتها العائل الوحيد
لها ،ولم تهتم بادانة القاتل او براءته. أما المهنة الثانية التى تخصصت فيها
المراءة ودرت عليها ربح وفيرا توجب دفع الضرائب عليه فهى مهنة الرضاعة
والحضانة.فمنذ عصور قديمة كانت بعض النساء من بنات الاسر لا يرضعن ابناءهن وانما
يعهدن بمهمة ارضاعهم الى مرضعات تخصصن فى هذا المجال ربما لان بعض النساء كن
يعانين من نقص اللبن فى الثدى ،او تضاؤل حجمه،او حفاظا على رشاقتهن،وتفرغهن للحمل
التالى
واحيانا كن يفعلن ذلك كنوع من التباهى بالثراء ورغد العيش ،يقابل ذلك شطر
كبير من النساء اللائى يمتلاءن ثديهن بالبن خاصة اولئك اللاتى فقدن ابناءهن
الرضع،ومن ثم فقد كان اجدى لهم من الناحيتين الصحية والمالية ان يستغللن هذا اللبن
الوفير فى ارضاع الاطفال من كافة الطبقات :بداءا من اطفال نساء الطبقات العليا من
ابناء الرومان او السكندريين الاتى كن ينشفلن فى نشاطات اجتماعية تفرض عليهم
المحافظة على لياقة اجسامهن،الى اطفال الاسر المتوسطة الحال ،الذين فقدوا امهاتهم
بعد ان ولدنهم،او بسبب جفاف ثدى بعض النساء او بسبب اصابتهن بامراض تحول دون عملية
الرضاعة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق