23‏/12‏/2014

بالفيديو والصور..في شارع المعز تاريخ مصر منسوج علي قطعة قماش


أجري الحوار / علاء الدين ظاهر


تاريخ مصر ليس أحجار أو معادن أو أخشاب..بل أيضا نسيج..نعم النسيج الأثري جزء مهم لا يقل أهمية عن الأثار الأخري..هذه الحقيقة تأكدت منها خلال حواري مع محمد صالح  مدير عام متحف النسيج المصري والذي شاهدت فيه كنوزا ثمينة جدا..وكان لا بد من تعريف الناس بها وقيمتها في تاريخ مصر


@ حكاية نشأة المتحف وإفتتاحه

تم إفتتاح المتحف فبراير 2010,الفكرة تبلورت حينما تم ترميم المبني حيث أنه مبني أثري وهو سبيل ومدرسة محمد علي وأنشئ عام 1828,وبعد الإنتهاء تماما من ترميم السبيل ضمن مشروع القاهرة التاريخية والذي إستمر من 2000حتي2004,إكتشفنا وجود فراغات كثيرة جدا في السبيل ولا بد من إستغلالها علي الوجه الأمثل بما نصت عليه مواثيق اليونسكو الدولية خاصة فيما يتعلق بإعادة إستخدام وتوظيف الأثر بما يليق به ويحافظ عليه

وتم التفكير في إستغلاله بما يتناسب مع وقوعه في منطقة ثرية جدا بالأثار في شارع المعز,وكان أنسب حل لإعادة توظيفه أن يتحول لمتحف كي تستمر عملية الترميم والتطوير فيه بشكل دائم كونه مبني أثري,وفي 2004تم تشكيل لجنة لمعرفة أنسب الحلول لتحويله لمتحف,ولأن السبيل يقع في منطقة أثار إسلامية تم التفكير في تحويله لمتحف نسيج إسلامي,وبالفعل بدأنا في إختيار قطع النسيج الأثرية الموجودة في المتاحف الكبري

وخلال بحثنا في المتاحف الكبري إكتشفنا أنها لا تعرض النسيج الأثري بنفس قوة وعرض الأثار الأخري,ولوحدث يكون علي إستحياء وفي أماكن مظلمة,وكان ضروريا الإهتمام بالنسيج حيث أنه مادة عضوية سريعة التلف وتحتاج لفتارين عرض خاصة وحساسة جدا وهذا لم يكن موجودا في المتاحف الكبري,وكان مقترحا من البداية أن يكون متحفا للنسيج الإسلامي فقط وتم تقسيم وتوزيع فتارين العرض علي هذا الأساس طبقا للعصور والحقب الإسلامية المختلفة,وبعد تفكير إكتشفنا أنه ليست لدينا القدرة علي إقامة متاحف لكل نوع من النسيج,وهو ما جعلنا نوحد فكرة إنشاء المتحف ليكون للنسيج المصري بوجه عام لنحكي قصة النسيج المصري عبر حلقات وعصور التاريخ المختلفة

@ أقسام المتحف والقاعات الموجودة فيه

المتحف به 11 قاعة مقسمة من العصر القديم حتي العصر الحديث,وأول 3 قاعات تقع في الدور الأول تحكي قصة النسيج في الحضارة المصرية القديمة والقاعة الرابعة النسيج اليوناني الروماني مع جزء من النسيج القبطي,وفي الدور الأعلي 7 قاعات للنسيج الإسلامي بحقبه المختلفة مرورا بالأموي والعباسي والطولوني والفاطمي,وقد راعينا التسلسل الزمني للتأصيل لصناعة النسيج المصري وتتبع العناصر الزخرفية,وكم كان المصري القديم لديه إنتماء لعناصره الزخرفية خاصة أنه حافظ عليها عبر الزمن وحقبه المختلفة


@ الرسالة التي يقدمها المتحف لزواره

النسيج الإسلامي في العصور المبكرة تأثر بالنمط القبطي,وكان هدف المتحف التأصيل للحضارة المصرية وأنها نسيج واحد وأسلوب زخرفة النسيج المصري بدءا من حضارة مصر القديمة مستمر علي طول الحضارات التي مرت علي مصر حتي العصر الفاطمي حيث كانت الزخرفة المنسوجة,وأوربا في القرن ال16 تأثرت بطريقة صناعة النسيج في الحضارة المصرية وصنعت فرنسا نسيج الجوبلان والإيبسون,كما نجد الوحدات الزخرفية افي النسيج المصري القديم إستمرت في العصور المختلفة مثل البطلمي واليوناني,وقد وجدنا زهرة لوتس علي نسيج من الدولة الطولونية في القرن الثالث الهجري وال9 الميلادي


ورسالة المتحف للناس تكشف تنوع وثراء النسيج المصري وكم أبدع المصريون القدماء في صناعة الأثواب حتي وصلوا لمرحلة الإعجاز بأن يكون نسيج الكتان من الرقة لدرجة لا تستطيع معها رؤية تفاصيله إلا بالميروسكوب,وهي درجة عالية من الدقة والنعومة وكأنه حرير رغم أنهم لم يتوصلوا لصناعة الحرير وعرفوا فقط الكتان والصوف,كما وصل المصريون القدماء لطريقة جميلة جدا في الزخرفة بتقصير وإطالة المسافات بين الخطوط الطولية والعرضية في النسيج وهو مستوي كبير جدا من البراعة في الصناعة


@ وسائل تأمين المتحف بالداخل والخارج

الفتارين محكمة الغلق تماما ومخصصة ومهيئة للحفاظ علي النسيج كونه مادة عضوية سريعة التلف ولو زادت درجة الحرارة والرطوبة داخل الفاترينة تتعرض للتدمير والفناء,ولذلك عندما تقرر إنشاء المتحف تم التعاقد مع شركة متخصصة في صناعة فتارين النسيج الأثري من حيث الإضاءة تكون باردة فيها ولا تنتج عنها أي حرارة أوأشعة فوق بنفسجية وتحت الحمراء,ولذلك تم عزل المتحف تماما عن الإضاءة الطبيعية كونها تحتوي علي أشعة فوق بنفسجية وهي ضارة بالنسيج الأثري,كما تم إستخدام لمبات فلوروسنت وتركيب مرشحات أسفلها لمنع أي أشعة فوق بنفسجية حيث أن هذا النوع من الأشعة لها تأثير ضار جدا وخطير علي النسيج الأثري خاصة أنها غير مرئية وتأتي في درجة الخطورة عليه بعد الحشرات والأفات,وهناك متابعة يومية من مركز الترميم بالمتحف لدرجات الإضاءة والرطوبة وأي تغيرات تحدث فيها داخل الفتارين لسرعة التعامل معها


المتحف أقيم ضمن مشروع القاهرة التاريخية,حيث تم تأمينه تماما من حيث الإطفاء ونظام ضد الحرائق خاصة أنه يحتوي علي باب واحد فقط ولا يمكن فتح باب أخر فيه طبقا لتعليمات السلامة في حالات الحرائق,حيث أن ذلك الإجراء سيدمر جزءا لا يعوض من الأثر,وإقترحنا عمل نظام إطفاء ذاتي محكم وهو ما إستجابت له القاهرة التاريخية وتم تركيب نظام الإطفاء الذاتي لكل مكان في المتحف طبقا لطبيعة كل مكان سواء كان قاعة عرض أو مكاتب إدارية

هناك كاميرات مراقبة للمتحف كله وعددها 16كاميرا تراقب المتحف كله وحجرة مراقبة ومتابع مجهزة تماما وهناك حساسات سرقة علي كل فاترينة عرض لكشف أي محاولات للعبث بالفتارين والنسيج أو سرقته,وعلي مدخل هناك كاشف أشعة للمعادن


@ سبب عدم الإهتمام الكافي والزيارة من الناس بالمتحف

هذا راجع لعدم الوعي بعلم المتاحف وهذا لا يعاني منه متحف النسيج فقط بل كل المتاحف,حيث أن إقبال الطلبة مثلا عليها لا يكون إلا من خلال الرحلات المدرسية,ولا تجد طالبا أو رب أسرة يفكر في إصطحاب عائلته لزيارة متحف ما في الأجازات,ولو حدث تجد حالات علي إستحياء,رغم أن زيارة المتاحف والأثار يجب أن تكون سلوكا عاما للناس خاصة أننا نقدم تذكرة زيارة متحف النسيج للمصريين بجنيه واحد فقط وللأجانب بسعر 20جنيها والعرب 10جنيهات,أي أن زيارة المصريين لمتحف تكاد تكون مجانية

ولا ننكر فضل الفنان فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق علي المتحف حيث كان مهتما به ودائم دعوة الوفود الرسمية والدبلوماسية من الخارج لزيارته,كما أنه بذل جهودا لا تنكر حتي قامت هيئة تنشيط السياحة بوضع المتحف علي الخريطة السياحية في مصر,وكل هذه الجهود أثمرت عن نشاط كبير في المتحف حتي أن إيرينا بوكوفا مدير عام اليونسكو بعد توليها منصبها 2009 وفي أول زياراتها لمصر لم زارت شارع المعز وحرصت علي زيارة متحف النسيج بعد ما سمعته عنه وما يضمه من كنوز

كما أن سجل المتحف حافل بالزيارات والصور والتوقيعات من شخصيات ومسئولين ومنهم أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي والعديد من رؤساء الحكومات العرب,والمتحف كجزء من شارع المعز عاني تماما بعد الثورة كما عاني الشارع,وحاليا معدل زيارة المتحف معقول ويبلغ 500زائر أسبوعيا وهو في تزايد مستمر

@ تنمية موارد المتحف ونشاطاته

هناك خطة لإستغلال سطح المتحف وهي منطقة متميزة جدا في عمل أنشطة ثقافية وفنية متنوعة حيث أن سطح المبني يكشف شارع المعز كله ويمكن أن تكون أثاره خلفية رائعة للتصوير بأنواعه المختلفة وهو ما سيدر دخلال إضافيا للمتحف,بجانب أننا ندرس عمل تذكرة منفصلة للسطح غير تذكرة دخول المتحف خاصة للأجانب إذا ما أرادوا الصعود للسطح وتصوير شارع المعز وأثاره

وهذا المشروع لن يضر الأثر كون جدران وبنيان المبني قوي منذ أن تم ترميمه ضمن مشروع القاهرة التاريخية,كما أن النشاط الثقافي والفني الذي سيقام علي السقف لن يكون بشكل سواء في العدد أو الحجم ليضر الأثر 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق