علاء الدين ظاهر
كان الملك تحتمس الرابع هو ابن أمنحوتب الثاني والملكة تى-عا، الملك الثامن في الأسرة الثامنة عشر، وقد حكم من الفترة 1401 إلى 1391 ق.م،ويشير خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار إلى أن الملك تحتمس الرابع تزوج من نفرتاري التي كانت ملكة الأسرة الثامنة عشرة وأول زوجة ملكية عظيمة للملك والملكة موت إم ويا والتي يعنى اسمها الإلهة موت في السفينة المقدسة، وهي زوجة ثانوية للملك، وأم الملك أمنحتب الثالث وأنجب تحتمس الرابع بالإضافة إلى خليفته أمنحوتب الثالث ثلاثة ذكور هم تحتمس وأمنمأبت وأمنمحات، وتسعة من الأناث.
ويوضح الدكتور ريحان أن شهرة هذا الملك ارتبطت بما يسمى لوحة الحلم أو لوحة أبي الهول القائمة بين ذراعي أبي الهول وهى ذات شكل مستطيل حافته العليا مقوسة ، ارتفاعها 144 سم وعرضها 40 سم وسمكها 70 سم ويرى في جزئها العلوي شكلان منحوتان للفرعون تحتمس الرابع إلى اليمين وإلى اليسار يقدم قرابين إلى أبي الهول.
وهي لوحة تذكارية أمر بوضعها الملك تحتمس الرابع بين اليدين الممتدتين لتمثال أبو الهول في الجيزة، تخليدًا لحلم حلم به هذا الملك قبل أن يعتلي عرش مصر في عام 1401 قبل الميلاد، حيث كان الملك تحتمس الرابع أميرًا شابًا في عصر الدولة الحديثة وكان يقوم ذات يوم بالصيد على هضبة الجيزة .
وعندما أصابه التعب لجأ إلى أبي الهول الذي كانت قد غطته رمال الصحراء ولا يظهر منه سوى رأسه، وخلد الأمير إلى النوم فراوده حلم بأن ظهر له أبو الهول في المنام وبشره بأنه سوف يتبؤ عرش مصر، وطلب منه أن يزيل فيما بعد ما تراكم عليه من رمال.
ويتابع الدكتور ريحان بأنه بعد عدة سنوات حدث بالفعل أن اعتلى الأمير تحتمس الرابع عرش مصر، وأمر خلال السنة الأولى من حكمه بتسجيل هذا الحلم على لوحة كبيرة، توضع بين يدي أبي الهول الممتدتين بعد إزالة الرمال عن أبي الهول أي كان ذلك بعد مضي نحو 1300 سنة من تشييد أبي الهول .
حيث يرجع إنشاء أبي الهول إلى عصر الملك خوفو أو عصر الملك خفرع إبنه نحو 2600 -2700 قبل الميلاد، وكان من عادة فراعنة الدولة الحديثة أن يؤكدوا على أهليتهم في حكم مصر من قبل الآلهة
ويعتبر بعض المؤرخين أن هذه اللوحة تعتبر دليل على أن تحتمس الرابع لم يكن الوريث الحقيقى لعرش مصر وأن أخوته كانوا عقبه في سبيل توليه العرش مما جعله يختلق قصة الرؤيا كنوع من التحايل للاستيلاء على العرش بدون حق شرعى، وقد أزال بالفعل الرمال عن أبو الهول وأقام حوله سورًا بناه من اللبن.
وجاء فى نص اللوحة " الآن قد بان تمثال "خبري" العظيم أبو الهول القائم في هذا المكان، شائع الصيت، المقدس المحترن، يلقي عليه رع الظلال. ممفيس وكل مدينة على جانبيها قد أتت إليه، ترفع أيديها تبجيلًا له، وتقدم القرابين الغنية ل كا تبعه (لروحه). إذ حدث ذات يوم أن مر الأمير تحتمس أثناء الظهيرة واستراح تحت ظل هذا الإله العظيم. نام وحلم وكانت الشمس في وسط السماء.
ورآي صاحب الجلالة هذا الإله النبيل يتحدث إليه بفمه مثلما يحدث أب ابنه قائلًا أنظر إلي، وتمعنني يا بني تحتمس. إنني أباك "حوريم" أخت خبري رع. سوف أعطيك عرش البلاد والعائشين.... وتذكر، فحالي هذا كحال من أصابه المرض، وقد (تآكلت كل أطرافي). وأصبحت الرمال التي أنا واقف عليها عادة (الآن) تهددني، من أجل أن تقوم أنت بعمل ما يجول في قلبي في انتظار طويل"
وقد قام علماء الآثار الأجانب بعمل قوالب للوحة من الجبس لترجمتها وتفسير ما عليها من كتابة هيروغليفية ورسومات، وتوجد إحدى تلك اللوحات التي تشبه الأصل إلى أبعد الحدود في متحف لندن.
وينوه الدكتور ريحان إلى حملة تحتمس الرابع على شمالي بلاد سوريا (نهرين) والذى انتصر فيها وأخمد جميع الثورات التي قامت فيها وعاد من هذه الحملة بالغنائم الكثيرة، وعاد عن طريق لبنان التي أخذ منها كم هائل من أخشاب الأرز لبناء سفينة آمون المقدسة وذكرت قصة الأخشاب على مسلة توجد في روما.
وشهدت علاقاته مع سوريا تغيرات كبيرة نتجت عن التحالف السلمى بين المصريين والميتانى والذي توج بالزواج الملكى بين تحتمس الرابع وابنة ارتاتاما الأول ملك ميتانى، كما قام بحملة ثانية على بلاد كوش بالنوبة حيث قامت ثورة في بلاد واوات، واستطاع هزيمة أعداءه وعاد بأسرى وأسلاب كثيرة.
ولفت الدكتور ريحان إلى آثار الملك تحتمس الرابع منها نقش مناظر أضيفت للبوابة الرابعة بمعابد الكرنك ونقش القرابين التي كان قدمها لآمون بعد عودته من حملته الأولى ببلاد آسيا، وعثر له على تماثيل في الكرنك كما قام بتشييد مسلة في معبد الكرنك كانت قد تم قطعها في عهد تحتمس الثالث .
وهى من الجرانيت الأحمر طولها 32 م وتعتبر أطول مسلة في العالم، وعندما قام الرومان بغزو مصر في القرن الأول قبل الميلاد حملوها معهم إلى روما حيث توجد الآن في ميدان سانت بيتر في الفاتيكان، وله آثار بمعبد دندرة ومنف وفي الكاب وجد معبد صغير وفي الفيوم
ودفن تحتمس الرابع في مقبرته التي أعدها لنفسه في وادي الملوك وهى المقبرة رقم43 وقد اكتشفها ثيدور ديفيز في عام 1908 وقد تعرضت للنهب ووجدت بها قطع أثاث وعربة حربية وقد نقلت مومياؤه إلى المقبرة الملكية لأمنحتب الثاني المقبرة رقم 35 في عهد الفوضى التي حدثت في نهب قبور الملوك للبحث عن الكنوز.
واكتشفت مومياؤه بواسطة فيكتور لورت عام 1898، وتدل مومياؤه على أنه توفى في الثلاثين من عمره ويعتقد أنه كان يعانى من مرض أدى إلى وفاته حيث كان جسده نحيل جدًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق