د.علي أبو دشيش خبير الآثار المصرية
مهما بحثت في قاموس الكلمات فلن ولم أجد كلمات تعبر عن هذه اللحظة، انها اللحظة التي أهداني فيها حارس الآثار المصرية والمدافع الأمين عن التاريخ المصري والمحامي الأول للهوية المصرية؛ عالم الآثار المصرية الدكتور "زاهي حواس"، كتابة "الحارس.. أيام زاهي حواس"، الصادر عن دار نهضة مصر، ويالذهولي واندهاشي حينما رأيت أن كلمة الغلاف للمفكر العظيم الدكتور مصطفى الفقي صاحب "الرِّواية.. رحلة الزمان والمكان"، فما بين "الحارس.. أيام زاهي حواس" و"الرِّواية.. رحلة الزمان والمكان" ستدرك عظمة رجال مصر من هذا الجيل الفريد المحب لوطنه.
أيها الحارس الأمين، أنا لا اعرف من أي أبواب الثناء أبدأ وبأي أبيات القصيد أعبر، وعلى كل أثر من آثار حضارتنا لمسة من أكفكم، كنت كسحابة معطاءة سقت الأرض فأخرجت كنوزها، كنت ولا زلت كالنخلة الشامخة تعطي بلا حدود، إنك ابن هذا البلد والابن البار بأجدادك، لقد عشقت ترابها واثارها وحضارتها، فصرت المرجع والمتحدث باسم الحضارة والتاريخ المصري. ولا عجب فكنت ولا زلت انت من تحمل شعلة الضياء والحق على درب حضارتنا الممتد لآلاف السنين.
أليس أنت من تصديت لبعثة اللوفر، حينما اشترى متحف اللوفر خمس لوحات مسروقة من احدى مقابر الأشراف بالبر الغربي في الأقصر عام 1980. إنك لم تكتفي بإيقاف عمل البعثة في مصر، بل أرسلت خطاب وطالبت فيه "هنري لوريت" بإعادة اللوحات، وصعدت الأمور وناديت بكل قوتك بأن لا عمل لهذه البعثة في مصر إلا بعد رجوع اللوحات، وهنا تدخل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وأثنى على ما فعلت، وبالفعل عادت اللوحات إلى مصر بعد تدخل من الرئيس الفرنسي. إن هذا الموقف العظيم ظل عالقًا في مخيلتي وساكنًا في وجداني طوال سنوات عملي مع سيادتكم، لما كنت أراه دائمًا من صدق وعزيمة على ملامحكم كلما تذكرتم ذلك.
إنّ للكلمات قوة كبيرة الأثر على النفوس، ولكن ماذا عن الأفعال والوقائع التي يحفل بها هذا الكتاب، لقد اخبرتكم بمعركة واحدة لحارس الحضارة "زاهي حواس" فماذا عن باقي المعارك التي لاحق فيها لصوص الآثار المصرية في كل مكان في العالم؟ وهنا تتجلي عظمة هذا الكتاب الذي يعتبر بمثابة حائط صد وشهادة للزمن وبوابة للتاريخ أو إن شئت فقل آلة للسفر عبر الزمن. نعم يمكنك أن تمسك بهذا الكتاب وتتخلي عن فكرة السفر بجسدك المادي، وتسافر بعقلك وروحك إلى الماضي مخترقًا حواجز الزمان والمكان، لتأخذ جولة بين آثار حضارتنا من معابد ومقابر وغيرها بمصاحبة كلمات الحارس، وستتعرف في جولتك على الكثير من الحقائق والقصص الساحرة والمشوقة حول الآثار، والأجانب الذين تركوا بلادهم وفضّلوا الاستمرار في مصر، منجذبين إلى سحر الحضارة المصرية القديمة.
ويحتوي الكتاب على 16 فصلًا يسرد خلالها "حواس" سيرته الذاتية؛ من مرحلة الطفولة ونشأته في قرية العبيدية، وحتى آخر تكريم حصل عليه من إمبراطور اليابان، والدكتوراه الفخرية من جامعة روسيا التي حصل عليها قبل طباعة الكتاب بأيام، كما يسلط الضوء على الحادثة التي غيرت حياته؛ فلم يكن يرغب بالالتحاق بكلية الآثار، إلا أن اكتشافه لتمثال أفروديت في كوم أبولو جعله شغوفًا بعلم الآثار واكتشاف المزيد.
ويتناول الكتاب عددا من الخلافات والقضايا التي خاضها "حواس" عبر سنوات طويلة مع جهات مصرية وعالمية، مستعرضًا الصعاب التي يتعرض لها من يعمل بالآثار، كما يتحدث باستفاضة عن عدد ضخم من رؤساء الجمهوريات والملوك ورجال السياسة ونجوم الفن العالميين.
لكم نحتاج لتلك الأيام العظيمة التي تأتينا من بعيد، ولمن يذكرنا بها دائمًا، ويسترجعھا معنا ويقول لنا اطمئنوا فأنا حارسكم الأمين الذي سيظل يحمل شعلة الحق والنور، انها الشعلة التي كشفت الغطاء عن كنوز حضارتنا واظهرت تراثنا أمام العالم أجمع، فكانت بمثابة حائط الصد ضد أي محاولة لتشويه أو سرقة تاريخنا.
سيادة الدكتور والعالم العظيم والقدوة.. متعكم الله بالصحة والعافية وحفظكم لمصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق