علاء الدين ظاهر
تُعد دراسة التصوير الإسلامي من الدراسات الهامة في مجال الآثار الإسلامية،حيث تنوعت موضوعاته التي تبرز كل نواحي الحياة المعبر عن العصر الذي رسمت به من النواحي الإجتماعية والسياسية والعسكرية والدينية.
وهذا الموضوع تصدت له الباحثة آيـة إبراهيم علي أحمد،والتي أعدت دراسة متميزة تقدمت بها لكلية الآثار"قسم الآثار الإسلامية"بجامعة القاهرة،وجاءت بعنوان"المخطوطات الأدبية في مدرسة التصوير المغولية الهندية من سنة (965هـ/ 1550م) حتى (1036هـ/ 1627م) دراسة أثرية فنية في ضوء مجموعة جديدة"،وحصلت بها علي الماجستير بتقدير ممتاز.
الباحثة قالت أنها اختارت أحد موضوعات التصوير الإسلامي وهي المخطوطات الأدبية في مدرسة التصوير المغولية الهندية من سنة (965هـ/ 1550م) حتى (1036ه/ 1627م)،حيث ازدهر فن التصوير الهندي منذ فترة طويلة قبل دخول الإسلام، وظهر ذلك في الرسوم الجدارية التي تحفل بها جدران المعابد البوذية والهندوكية.
# كهوف أجانتا
وكانت الأبرز والأقدم بين تلك المصورات الجدارية القليلة الباقية هي رسوم كهوف أجانتا، ومن الواضح أن فن التصوير الهندي في مرحلة ما قبل الإسلام ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالعقائد الهندية القديمة،ومن هنا فإن الغزو المغولي للهند أدخل فن التصوير الهندي في مرحلة جديدة أكثر تطوراً وربط فن التصوير بعقيدة جديدة وهي الإسلام، وحكام جدد هم أباطرة المغول وبذلك بدأت تتوارى التقاليد الهندية شيئاً فشيئاً وبدأ فن التصوير الإسلامي في عصر دولة المغول في الهند.
# بابر
فالإمبراطور بابر واجه كثيراً من المصاعب نتيجة إهتمامه بالفتح المغولي وتأسيس الأسرة المغولية وتثبيت دعائمها في الهند، ونتيجة أنه لم يحكم طويلاً وانشغل في الفتوحات وتوطيد دعائم أسرته في الهند فإن شكل فن التصوير لم يتبلور في عصره إلا أنه ترك مذكراته مكتوبة دون توضيحها بالصور.
ومن خلال مذكراته نجد أن الفن في عهده كان إستمرار للتأثيرات الإيرانية وهذا يرجع لإعجاب بابر بالبيئة الفنية الإيرانية وتأثره بها، كما صنفت حاشيته بعض الفنانين من المصورين الإيرانيين حيث سجل نقداً لأعمال المصور الفارسي المشهور بهزاد.
# همايون
أما الإمبراطور همايون الذي خلف بابر سنة 1530م فإنه اضطر إلى ترك عرشه عام 1540م وظل منفياً في إيران إلى سنة 1555م،ولكن الشاه طهماسب أكرم وفادته وظل ضيفاً عليه طوال هذه المدة، وتعرف فيها على كثيرين من أعلام المصورين في البلاط الإيراني ولاسيما مير سيد علي وخواجة عبد الصمد الشيرازي الذين أصبحا بعد ذلك مصورين في بلاط همايون.
وقد كان الإمبراطور أكبر راعياً كبيراً للفنون ولاسيما التصوير حيث تلقى دروساً في فن التصوير على يد أساتذة التصوير مير سيد علي وعبد الصمد حين حضرا مع أبيه من إيران وهولا يزال شاباً وهذا دعم حسه الفني وأدى ذلك إلى مجالسته للنخ26بة المختارة من رجال البلاط المخلصين من حكام الأقاليم وأهل الفن على مختلف تخصصاتهم فأصبح بلاطه في فتح بورسكري شعلة متوهجة من النشاط الفني حيث أخذ يشبع رغباته ونهمه للفن برعايته للتصوير.
# جهانجير
أما في عصر جهانجير (1605 - 1627) فقد قل تصوير المخطوطات وانصرف المصورون إلى إرضاء الإمبراطور وتلبية رغباته في رسم الصور المستقلة ولاسيما ما كان منها خاصاً بحوادث حياته أوما كان يجمع رسوم الحيوان أوالنبات الذي كان يعني بدراسته.
ورغم أهمية الموضوع لكنه صعب في نفس الوقت،ولذلك كشفت الباحثة أسبـاب إختيـارها لهذا الموضوع،وعلي رأسها قلة الدراسات العلمية وخاصةً في المكتبة العربية التي تناولت المخطوطات الأدبية المغولية الهندية وتصويرها في عهد أعظم سلاطين المغول في الهند أكبر وجهانجير، كما أنها لم تتطرق بشكل مُفصل للعديد من العناصر الفنية التي مرت بها هذه المدرسة وتناولتها بشكل عام.
كما تعددت الموضوعات المصورة في هذه المدرسة وتنوعت مما أعطى ثراء فني اتضح في تصاويرها وزخم في الموضوعات نفسها،وظهرت في المدرسة المغولية الهندية في هذه الفترات عدة مؤثرات منها الموروث الفني المحلي والتأثير الخارجي، وهذا ما ستوضحه الدراسة بشكل مفصل.
كذلك برزت العديد من الأساليب الفنية لفناني هذه الفترة من تاريخ المدرسة المغولية الهندية سواء المحليين أوالوافدين من الخارج، وهذا ما سأتناوله في هذه الدراسة،و تعددت التكوينات والعناصر الفنية التي استخدمها الفنانون في تنفيذ تصاويرهم وتنوعت وهذا ما ستبرزه الدراسة.
وقالت الباحثة أنها سعت لعمل دراسة تحليلية لكافة عناصر التصوير من حيث رسوم الأشخاص وأوضاعهم ورسوم الكائنات الحية من حيوانات وطيور ورسوم المناظر الطبيعية والفنون التطبيقية،ودراسة مجموعة جديدة من التصاوير التي لم يتم تناولها في الدراسات العلمية السابقة.
ومن أبرز صعوبات الدراسـة التي واجهت الباحثة ترجمة النصوص المتعلقة بالتصاوير موضوع الرسالة من لغتها إلى اللغة العربية،ومراسلة المتاحف والمجموعات العالمية مع ما يرتبط بذلك من نفقات خاصة بشراء الصور الفوتوغرافية للتصاوير موضوع الرسالة، مع وجود صعوبة أخرى وهي عدم رد بعض المتاحف على المراسلات أوتأخر الرد.
وصعوبة الوصول إلى بعض التصاوير حيث أنها غير محفوظة في مكان واحد وأنها مفرقة على عدد كبير من المكتبات والمجموعات الفنية الخاصة والمتاحف الأمر الذي تطلب جهداً ووقتاً كبيرين من أجل الحصول عليها،كما أن لغة المصادر والمراجع إما فارسية أو أجنبية الأمر الذي أدى إلى صعوبة الوصول إلى المعلومات واستخراجها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق