علاء الدين ظاهر
هناك حلقة مفقودة في واقعة إسورة المتحف المصري بالتحرير..هذه الحقيقة باتت راسخة في أذهان الكثيرين منذ أن تم إكتشاف الواقعة،والتي كان يتم توصيفها في البداية علي انها إختفاء أملا في العثور عليها داخل المتحف ربما هنا أو هناك،حتي قامت الأجهزة المعنية القانونية والأمنية بدورها علي أحسن ما يكون،ليتغير توصيف الواقعة من إختفاء إلي سرقة،وهي الجريمة التي قامت بها أخصائية ترميم في المتحف،وقد تم إلقاء القبض عليها وجاري التحقيق معها حالياً.
جهة معنية
رواية وزارة الداخلية لا يمكن التشكيك فيها أبدا كما حاول البعض أن يفعل،وذلك لأنها صادرة عن جهة معنية بمثل هذه الأمور،وقد حققت نجاحات كبيرة الفترة الماضية في ضبط الجرائم والتعامل مع ما ينشر عنها علي وسائل التواصل الإجتماعي،وهو ما شهد وأشاد به الجميع،وبالتالي في واقعة إسورة المتحف المصري بالتحرير حرصت الداخلية مع النيابة علي كشف الملابسات الأولية للواقعة،كونها متعلقة بكنز أثري لا يقدر بمال من كنوز الحضارة المصرية القديمة،وذلك مع إستمرار البحث والتحقيقات التي ربما تكشف عن مفاجآت أخري الفترة المقبلة.
أمر مريب
ولأن الواقعة منذ تم كشفها وحتي الآن سببت صدمة للجميع،فقد تنامي مع الوقت شعور بأنه ليس هذا كل ما حدث وربما بل وبالتأكيد هناك تفاصيل وحلقات مفقودة لم تظهر أو يتم كشفها بعد،فمثلا رغم أن الواقعة فردية قامت بها أخصائية الترميم وتتحمل هي نتيجتها وعقابها عليها طبقا للقانون،إلا أن البعض دفع الأمر بالهجوم علي العاملين في الآثار وخاصة المرممين،وهو أمر مريب كونه ببساطة يتعارض مع المنطق،فأغلب العاملين في الآثار بمختلف تخصصاتهم يتعاملون يومياً مع كنوز أثرية كثيرة وخاصة المرممين،ولو أراد أحدهم فعل ذلك لقام به منذ وقت طويل،لكنهم يومياً يتعاونون مع الأثريين والعمال والحراس في سبيل حماية الآثار وصيانتها،ولو فعلها فرد واحد لا يعني ذلك أن الجميع متهمون،مما يؤكد أن محاولة البعض"وللأسف منهم عاملين في الآثار"الهجوم علي كل العاملين في الآثار هو أمر مريب.
حلقة غامضة
ورغم أننا كلنا بشر الا أن صدمة العاملين بالآثار كانت كبيرة،كون زميلة لهم أخصائية ترميم هي التي فعلتها،ومن صعوبة الصدمة ربما يرفض كثيرون منهم تصديق ما حدث ويشعرون بالفعل أنه هناك تفاصيل لم تعلن بعد،وإذا تأملنا الملابسات المحيطة بها سنجد أنه بالفعل هناك حلقة مفقودة وربما غامضة حتي الآن،وهي متعلقة بأحد ما دفع أخصائية الترميم لفعلها مستغلاً مرورها بظروف ما وهذا لا يعفيها أبدا من المسئولية والعقاب المستحق.
وسيلة ضغط
وهنا لدينا إحتمالين،إما أن يكون هذا الشخص علي دراية بالعمل الأثري والأثريين وخاصة من هم داخل المتحف وظروفهم وليس بالضرورة أن يكون من العاملين بالآثار،وهنا قام بإنتقاء أخصائية الترميم بعد ما تيقن أنها تقريباً الأنسب لهذا الأمر بسبب ظروفها التي ستكون وسيلة ضغط مناسبة كما تصور هذا الشخص المجهول،ودفعها لسرقة الإسورة ونقلها من داخل المتحف لخارجه،والإحتمال الآخر أن يكون هذا الشخص من خارج العمل الأثري لكنه في نفس الوقت أيضاً يعرف ظروفها،وقام بإستغلال ذلك ودفعها لسرقة الإسورة.
بلا ملامح
وإذا ما تأملنا القطعة التي تمت سرقتها جيداً سنجد أمامنا إحتمالات منطقية جدا،فالإسورة لم تكن منقوشة أو عليها أية كتابات،وهو ما يؤكد فرضية أن أخصائية الترميم أو من دفعها لم تخطط لسرقة قطعة بعينها،وبالتالي تم إختيار قطعة بلا ملامح أو كتابات بحيث تسهل سرقتها وعدم تتبعها أو كشفها خارج المتحف،مما يؤكد أن من دفعها للسرقة لم يطلب منها قطعة بعينها وإنما طلب منها أي قطعة أثرية،علي إفتراض أن كل الكنوز داخل المتحف بالتأكيد ثمينة،وبالتالي كانت الإسورة من وجهة نظر أخصائية الترميم ومن دفعها"ولنتعامل علي أنه بالفعل هناك هذا الشخص المجهول"هي الأنسب لسرقتها بسهولة،خاصة أنها خفيفية وصغيرة إلي حد ما،كما أنها بلا أي نقوش ولا كتابات،وإلا كان الصائغ الذي إشتراها قد لاحظ ذلك،وربما كان ذلك قد أفسد عملية البيع وسبب ربما خلافاً بين الجميع،خاصة أن من باع الإسورة ليست أخصائية الترميم مباشرةً بل شخص آخر أعطتها هي له.
حجر اللازورد
اللغز الآخر هو حجر اللازورد الذي كان في الإسورة،والذي قيل أنه تم تدميره أو سحقه،وهذا غير منطقي خاصة أن من قالته أخصائية الترميم في الاعترافات التي قالتها ضمن تحقيقات الجهات القضائية،فالإسورة بكل مكوناتها ثمينة وأخصائية الترميم والشخص التالي مباشرةً الذي أخذ منها الإسورة بالتأكيد يعرف ذلك،وهناك إحتمالين في هذا الأمر،إما أن تكون أخصائية الترميم قامت بإزالة حجر اللازورد قبل بيع الإسورة،وهنا قد تكون تخلصت منه"وإن كنت أنا شخصياً لا أصدق ذلك"،أو أعطته لأحد ما لبيعه،والإحتمال الثاني أن تكون تركته في الإسورة التي وصلت ليد تاجر الذهب خالية من هذا الحجر كما رأينا في الفيديو الذي أذاعته وزارة الداخلية في بيان رسمي،وهنا فإن الشخص الذي ظهر وهو يبيع الإسورة للتاجر ربما يكون هو من ازال حجر اللازورد من الإسورة،وربما يكون هذا الحجر موجود في مكان ما حتي الآن ولم يتم سحقه ونتمنى جميعاً ذلك.
غموض الواقعة يجعل الإحتمالات كثيرة وأغلبها يجد له مساحة كبيرة من المنطق والتصديق،وربما بعد إحالة الواقعة بكل من فيها من متهمين للمحكمة،قد تتكشف كثيراً من الأمور التي ستساهم بالتأكيد في حل هذا اللغز المحير بالفعل حتي الآن.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق