02‏/10‏/2025

دراسة تكشف دور"لجنة حفظ الآثار العربية"في ترميم المدارس الجركسية بالقاهرة..كيف شكلت اللجنة مهنة الترميم؟..وما سر إزالة الحوانيت من واجهات أثرية مملوكية؟!..شاهد صور وفيديو

علاء الدين ظاهر 

ناقشت الباحثة الأثرية إسراء حميدو أبو زيد رسالتها للماجستير، بكلية الآداب قسم الآثار جامعة عين شمس والتي جاءت بعنوان: «أعمال لجنة حفظ الآثار العربية في المدارس إبان عصر المماليك الجراكسة بمدينة القاهرة من (1299م – 1372ه/ 1881م – 1953م).


شاهد الفيديو  👇🏻 👇🏻 

المماليك الجراكسة يقودون باحثة لماجستير آثار إسلامية بتقدير ممتاز في جامعة عين شمس 


حيث تكونت لجنة التحكيم والمناقشة من الدكتور أحمد عبد الرازق، الأستاذ المتفرغ بكلية الآثار جامعة عين شمس مشرفًا ومناقشًا، والدكتور محمد حسام الدين إسماعيل رحمه الله، أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة عين شمس مشرفًا، والدكتور أسامة طلعت أستاذ الآثار بجامعة القاهرة، ورئيس مجلس إدارة دار الكتب والوثائق القومية عضوًا ومحكمًا، والدكتورة أشجان أحمد متولي الأستاذ المساعد بكلية الآثار جامعة عين شمس محكمًا.




ومنحت اللجنة الباحثة تقدير امتياز،حيث تهدف الدراسة إلى توضيح جهود لجنة حفظ الآثار العربية في مدارس تلك الفترة في مدينة القاهرة، من خلال التقارير الواردة في كراسات لجنة حفظ الآثار العربية ومحاضرها التي أمدت الباحثة بالكثير من التفاصيل عن أعمالها سواء الخاصة بالناحية المعمارية أو الفنية التي نفذتها في مدارس تلك الفترة. 


كما تم الاعتماد على الملفات الخاصة بكل أثر إذ تعد استكمالًا في غاية الأهمية وسجلًا لمعرفة كافة الأعمال التي تمت في كل منشأة بدقة في وقت خلت فيه كراسات اللجنة من العديد من التفاصيل الخاصة ببعض أعمال اللجنة؛ لذا تعد أوراق الملفات بمثابة عونًا كبيرًا في الكشف عن الكثير من النقاط المبهمة الواردة في محاضر وتقارير كراسات لجنة حفظ الآثار العربية.



واعتمدت الدراسة على الصور الأرشيفية والرسومات والمساقط الهندسية التي نُفذت بواسطة أعضاء هندسة اللجنة وهي تُعد بدورها عنصراً في غاية الأهمية للوصول إلى الصورة الكاملة للأثر. ورصدت الدراسة كذلك كافة أعمال اللجنة ومدى توافق هذه الأعمال أو اختلافها عن الشكل الأصلي للمنشأة وذلك استنادًا لما جاء في وثيقة الوقف بصددها، إذ تعد معلومات الوثيقة بمثابة العامل الأول والأساسي في التعرف على حدود المنشأة وعناصرها وملحقاتها. إلى جانب اللوحات التي خلفها لنا الرحالة الأوربيين في القرنين 18-19م والتي صوروا فيها شكل المنشأة أثناء تواجدهم في القاهرة قبل قيام اللجنة بأعمالها.


واحتفظت مدينة القاهرة بالكثير من المدارس التي تعود إلى العصر المملوكي الجركسي (784 – 923ه /1382 – 1517م) إذ تضم المدينة ست وثلاثين مدرسة، وقد تم الاعتماد على النص التأسيسي في المقام الأول لتحديد طبيعة المنشأة الذي وجد بالنسبة لأربع وعشرين مدرسة، كما تم أيضًا الاعتماد على وثيقة الوقف الخاصة بالمنشأة في المقام الثاني في حالة خلو النص التأسيسي من الإشارة إلى طبيعة المبنى والذي شمل ثمان مدرسة.




خاصة أن أغلب الوثائق توضح أن المنشاة سواء كانت مسجد أو جامع أو مدرسة أو خانقاه كانت توقف كمسجد لله تعالى لإقامة الصلوات، وذلك تلبية لرغبة المنشئ وتقرباً إلى الله وعملاً بالحديث الشريف «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له». ويلاحظ أن الصدقة الجارية تتمثل هنا في احتواء الكثير من المنشآت المملوكية على السبيل وكذلك الكتاب ضمن ملحقات المبنى. أما العلم الذي ينتفع ينعكس هنا في تدريس العلوم الدينية للطلبة وإقامتهم المستمرة داخل المنشأة. أما الدعاء يتمثل هنا في الدعاء للمتوفى الذي كان عادة ما يتم دفنه داخل القبة الملحقة بالمنشأة. وكان المنشئ عادة ما يوصي بدفنه داخل منشأته للدعاء له بشكل دائم. 


نصوص تأسيسية


وتعتبر النصوص التأسيسية بجانب وثائق الوقف من العوامل الأساسية في تحديد ماهية المنشأة، مع مراعاة أنه في بعض الأحيان كانت وظيفة المنشأة تختلف مع ما ورد بالوثيقة أو مع ما جاء في النص التأسيسي الخاص بالمنشأة؛ لذا فقد تم في دراستنا هذه الاعتماد بشكل أساسي على النص التأسيسي الذي يستدل منه بشكل واضح على وظيفة المنشأة.




وفي حالة فقدان النص التأسيسي يتم الاعتماد على وثيقة الوقف الخاصة بالمنشأة، وفي حالة عدم وجود النص التأسيسي وعدم توفر وثيقة الوقف فقد تم الاعتماد على كتب المؤرخين والمصادر التاريخية للاستدلال على طبيعة المنشأة التي نحن بصددها لأن أغلب هؤلاء المؤرخون قد عاصروا إنشاء المنشأة، كما هو الحال بالنسبة لأربعة مدارس، أما بالنسبة لعدد المدارس المملوكية التي تنسب إلى عصر المماليك الجراكسة والمسجلة في فهرس دليل الآثار الإسلامية فقد شمل أربع عشرة مدرسة فقط.


جدير بالذكر أن لجنة حفظ الآثار العربية اهتمت بتسجيل وترميم المدارس الباقية بمدينة القاهرة خاصة التي تنسب إلى عصر المماليك الجراكسة نظراً لأهميتها من الناحية التاريخية والفنية، وقد كان أغلب هذه المباني في حاجة ماسة للتوثيق والصيانة، والحفاظ على عناصرها، أو إعادتها إلى ما كانت عليه من قبل. لأنه كان من مهام اللجنة الأساسية الحفاظ والصيانة، ونقل بعض العناصر أحياناً من المنشآت الأخرى بهدف حمايتها وحفظها. ولا يزال الكثير منها باقياً حتى يومنا هذا يعكس أهم أعمالها، أو بعضها الذي اندثر لكن يمكن الإستدلال عليه من خلال ما وُرد في كراسات وملفات اللجنة بالإضافة إلى الصور والمساقط الهندسية التي خلقتها لنا. 


سلامة الأثر


واستعرضت الدراسة أعمال لجنة حفظ الآثار العربية في مدارس مدينة القاهرة خلال عصر المماليك الجراكسة للتعرف على مراحل الترميم المختلفة التي شهدتها كل منشأة أثرية على حدة، واعتمدت الدراسة أيضًا على وصف بعض المنشآت الأثرية كما جاءت في وثائق الوقف المتوفرة وذلك في محاولة للتعرف على مدى نجاح اللجنة في إعادة المبنى الأثري إلى صورته الأولى وقت الإنشاء. وقد تبين من خلال الدراسة أنه على الرغم من عدم اعتماد اللجنة دائماً على وثيقة الوقف الخاصة بأغلب مدارس هذا العصر.





إلا إنها نجحت في نهاية الأمر بشكل عام في إعادة بعض المدارس إلى صورتها الأولى وقت الإنشاء في كثير من الأحيان، لكنها أخفقت في نجاحها في بعض الحالات، وقد تجلت أبرز جهود اللجنة في الحفاظ على أغلب المدارس الجركسية إصدارها قانون عام 1918م لحفظ المباني الأثرية وقيامها بالعمل على ضرورة حماية هذه المباني التي تمتاز بعراقتها وطابعها المميز؛ إذ كان من أهم مواده فرض عقوبات على من يقوم بهدم أو تشويه أو سرقة أو استعمال أثراً من الآثار أو رسم أو كتابة أي نقش على الآثار، هذا فضلاً عن قيامها بتعيين مفتشين كانت مهمتهم تنحصر في التفتيش من وقت إلى آخر بصورة دورية للتأكد من سلامة الأثر.


وقد كشفت الدراسة أن مهمة اللجنة الأولى تمثلت في الحفاظ على الأثر وأن دورها الأساسي انحصر في اتباع منهجية الحفظ والصيانة بالنسبة لأغلب المنشآت الأثرية موضوع الدراسة. رغبة منها في إستعادة مدينة القاهرة القديمة؛ لذا تمسكت اللجنة بالحفاظ على منشآت المدينة التاريخية، ورفضت للتحول إلى الحداثة الأمر الذي تعارض مثلًا مع أفكار علي مبارك وأحد أعضاء اللجنة الذي حاول فرض أسلوب الحداثة وقام بهدم بعض المنشآت القديمة لإفساح المجال لكل ما هو جديد، وهو أمر أفضى في النهاية إلى إستقالته من عضوية اللجنة بسبب تمسكه برأيه، وتعارض هذا الرأي مع رأي بقية أعضاء اللجنة. 


وأوضحت الدراسة أن موضوع الميزانية كان له تأثراً كبيراً على الأعمال المطلوب تنفيذها، حيث تخلت اللجنة عن أعمال ومشاريع عديدة بالنسبة لبعض مدارس عصر المماليك الجراكسة تمثلت في، الأعمال الزخرفية، والتجديد، وإعادة البناء، مع إنها قامت بمثل هذه الأعمال في بعض المدارس الأخرى التي تنسب إل نفس العصر. 


وسجلت الدراسة كذلك عن قيام اللجنة بإعداد دراسات علمية وتقارير قام بها مهندسو اللجنة على أكمل وجه وأن كراسات اللجنة قامت بتسجيلها والإشارة إليها، أو التي تم حفظها في أرشيف خاص بكل مدرسة ضم العديد من الرسومات والمساقط الهندسية والصور القديمة التي أوضحت ما قامت به من أعمال في بعض المدارس الجركسية، كما كشفت عن حالة حالة بعض المدارس قبل وبعد أعمال الترميم فيها.



وأظهرت الدراسة أيضاً مدى حرص اللجنة على إظهار الأثر في حالة جيدة والتخلص من أي عمليات قد تشوه لمظهره العام ولا يتفق مع الطراز العام له فقامت مثلًا، بإزالة الحوانيت الملاصقة لواجهات بعض المدارس التي كانت سبباً في سوء تهوية الجدران وحرصاً منها على عدم تدمير الجدران مع مرور الوقت نظراً لزيادة نسبة الرطوبة فيها، هذا بالإضافة إلى إزالة الطلاءات التي أدت إلى إخفاء جمال تلك الواجهات نتيجة لطلائها وقت افتتاح قناة السويس عام 1869م، كما قامت بوضع حدود لكل أثر عن طريق تخصيص حرم له لمنع حدوث أية تعديات قد تعود عليه بالضرر.



الحرف اليدوية


وأكدت الدراسة كذلك على اعتماد اللجنة على الصناع والحرفيين المهرة، الذين قدمت لهم الدعم الكامل، بل وسعت لإنشاء مدرسة الفنون العليا التي كانت تهدف إلى تدريب أصحاب الحرف بدرحة عالية من الإتقان رغبة في الاستفادة من خبرتهم في عمليات ترميم المباني الأثرية، ولا يخفي أيضاً قيام اللجنة في بعض الأحيان بإستخدام أسلوب الحزم أو العقاب إذا تهاون أحدهم في تنفيذ الأعمال المكلف بها أو تكاسل عن أداء عمله.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق