أسامة الكسباني
باحث أثري ومفتش أثار بمنطقة السلطان حسن والرفاعي
https://www.facebook.com/osama.elksabany
إرتبط تناول الباحثين والمتخصصين فى مجالات الفنون والآثار الإسلاميه عن مسجد الرفاعى أنه مبنى ذو تكوين معمارى فريد ، ضخم ، يتناسب مع جارته المدرسه الأعظم فى العماره الإسلاميه مدرسة السلطان الناصر حسن . ذلك المسجد الذى جاء إنشاؤه بناءاً على رغبة الملكه الأم خوشيار هانم أم الخديوى إسماعيل باشا بتاريخ ( 1286هـ / 1869م ) ، ووضع تصاميمه المعمارى حسين فهمى باشا وأدخل عليها المعمارى النمساوى الشهير ماكس هرتس باشا بعض التعديلات , ونفذ كتاباته الزخرفيه الخطاط الأشهر فى تلك الفتره عبد الله زهدى وأكملها الشيخ مصطفى الحريرى
تشير الوثائق والمصادر التاريخيه الى مدى إهتمام خوشيار هانم البالغ فى تنفيذ فى أبهى الصور على الرغم مما كانت تعانيه مصر من ضائقه ماليه فى تلك الفتره وهى الضائقه التى كانت سبباً فى تأخر إفتتاح المسجد الى عام ( 1329هـ / 1911م ) , ويبدو أن ذلك الإهتمام البالغ هدفه الرغبه فى أن يكون المكان فى أبهى صوره خاصة لأنه المكان الذى سيحتوى مقابر نسل إبراهيم باشا القائد الأعظم فى أسرة محمد على متمثلة فى الخديو إسماعيل المجدد لمجد والده وجده ، ومن هنا نجد التجلى فى تنفيذ الزخارف على كافة الخامات كالرخام والخشب والجص والمعادن و الأحجار
أحد أهم مميزات المسجد زخرفياً هى الأشغال الرخاميه والتى تنوعت ما بين تكسيات للجدران ومحاريب وأعمده وتراكيب رخاميه لأفراد أسرة إسماعيل وزوجاته غاية فى الروعة والجمال , ونجد تنوع مصادر الرخام فى المسجد حيث إستخدم الرخام الإيطالى والبلجيكى والمصرى المجلوب من محاجر بنى سويف , بالإضافه إلى المرمر التركى، وتعد الأطباق الرخاميه أو بالتعبير الآثرى السرر والجامات الموزعه أسفل الدعامات الحامله لسقف المسجد أهم ما يميز العناصر الزخرفيه بالمسجد ، فهذه الأطباق عددها إثنى وسبعون طبقاً لم تتشابه أياً منها إطلاقاً ، بل على العكس إستطاع الفنان إبراز التنوع بين العناصر الزخرفيه النباتيه والهندسيه وكذلك دمج تلك العناصر فى تداخل وتناغم لينجح فى إبراز مزيداً من الثراء والغنى الذى يميز الفنون الإسلاميه وعناصرها الزخرفيه
تلك الأطباق جاء بها عدد سبع وأربعون طبقاً تحمل الزخارف النباتيه والتى تعد توثيقا لأغلب العناصر الزخرفيه المستخدمه فى الفنون الإسلاميه على مر العصور فظهرت أوراق العنب والأوراق الكأسيه والرمحيه وأوراق الساز وزهزر القرنفل بتنويعاتها المختلفه وكذلك المراوح النخيليه وغيرها من الزخارف النباتيه فى تداخل وتناغم لا نهائى ميز بلا شك الفنون اللإسلاميه , وهو التنوع الذى ظهر كذلك فى غيرها من الأطباق التى حملت زخارف هندسيه خالصه وجاء عددها ستة أطباق , أو أطباق تداخلت فيها العناصر الهندسيه مع العناصر النباتيه وعددها تسعة عشر
إستخدم الفنان الحفر البارزكأسلوب لتنفيذ الزخارف , ومما يدلل على براعة الفنان هو تنفيذ الحفر على أرضيه محدبه وليس مسطحه وهى مهاره بالغه فى تنفيذ هذا النوع من الزخارف . تلك العناصر الزخرفيه تعد خلاصه لفن إسلامى مستمر ومستمد من حضاره إسلاميه تسبقه بإثنى عشر قرناً وصلت إلى القرن التاسع عشر وبرزت فى أبهى صورها على الرغم من كون تلك الفتره إشتهرت بغلبة النماذج الأوروبيه فى العماره والفنون فى مصر
وربما يكون تسليط الضوء على تلك النماذج من الفنون المرتبطه بالتراث الفنى المصرى هو دعوه للمهتمين والباحثين والمبدعين فى تبنى تلك الفنون وإعادة إنتاجها و إستنباط إبداعات فنيه منها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق