علاء الدين ظاهر
حالة من الاستياء سادت خلال اليومين الماضيين بين أوساط محبي الآثار والحضارة،والسبب كما أكدته صور متداولة علي مواقع التواصل الاجتماعي،والتي أظهرت إقامة قاعدة خرسانية داخل أحد المواضع بالكرنك وتحديدا قرب البحيرة المقدسة،والسبب كما تردد لتكون قاعدة لإقامة احدي المسلات الأثرية عليها.
بالطبع هنا سبب الاستياء معقول،كون الكرنك من المواقع الأثرية المميزة وعلي أعلي قدر من الأهمية التاريخية ليس في مصر فقط بل العالم كله،وهو ما دعانا لأن نبحث عن السبب والمبررات لذلك،خاصة أن الجهة المسئولة عن الآثار في مصر وهي وزارة السياحة والآثار لم تكلف نفسها حتي الآن بإصدار أي بيان يوضح ذلك،خاصة بعد ما أصبح الأمر موضع نقاش ملحوظ.
وحتي لا يحدث التباس تعاملنا في بوابة آثار مصر مع اغلب وجهات النظر التي أبداها من اعترضوا علي ما يحدث في الكرنك علي أنها من منطلق الغيرة علي الآثار وحق كل مصري محب لبلده في الدفاع عنها،واغلب وجهات النظر هذه قالت أن ما يحدث إنتهاك في أهم معبد في مصر بل في العالم و هو معبد الكرنك.
وربطوا بين ذلك وما حدث لمشهد آل طباطبا الأثري الذي تم هدمه كما رأي أغلب من وصفوا ما قامت به وزارة السياحة والآثار والتي قالت أنها فككت المشهد الأثري ونقلته لتعيد بنائه مرة أخري،رغم أن الكثيرين من المتخصصين وأساتذة الآثار الإسلامية قالوا أن ما حدث لآل طبا طبا حتي لو أعادوا تركيبه فقد أفقده قيمته كونه الأثر الاخشيدي الوحيد في مصر.
ولمن لم يذهب إلي المكان من قبل،فانه يقع بجوار البحيرة المقدسة بمعبد الكرنك،وهذا الجزء من أقدم أجزاء المعبد وإن كان قد تم استخدام الخرسانة في القرن 19 والقرن 20 في بعض المواضع كقواعد هناك، فليس من المقبول بعد تحريم إستعمالها أن تستعمل في القرن ال21 وبلا داعي اطلاقاً،والبعض قال أن ذلك يمثل إعادة تصميم للمعبد من جديد.
# الرد والتوضيح
وضعنا كل ما سبق أمام مصدر مطلع ومسئول في الآثار،وردا علي ذلك قال لنا: أن المسلة الحالية بجوار البحيرة المقدسة سيتم توقيفها مرة أخرى علي بعد أمتار من مكانها الحالي،مشيرا إلي أنها المسلة الثانية للملكة حتشبسوت، والاولي الموجودة وقائمة حالياً داخل المعبد وهي تعتبر اطول مسلة قائمة في مصر وارتفاعها حوالي 30 مترا وبالتالي المسلة الثانية مفترض أن تكون بنفس الطول ومساوية لها.
وتابع المصدر:لكن الجزء المتبقي حالياً من المسلة الثانية هو آخر 10 متر منها من أعلي وبالتالي هناك 20 مترا علي مدار أزمنة وسنوات بعيدة جدا فقدت وتكسرت،وما تبقي حتي منها لا يمكن إعادة تجميعه كونه قليل، ولن يتحمل وزن الجزء المتبقي وطوله 10 متر،كذلك ليس ممكنا تركيب المسلة علي ما تبقي منها، لأننا في هذه الحالة سنحتاج الي إستكمال اجزاء كثيرة جداً منها وهو ما لا يتحمل الوزن الثقيل جدا لها وقد تنهار.
وقال المصدر:مكانها الأساسي متبقي منها من عند القاعدة حوالي 2 متر، كما أن المكان محاط بأعمدة وتماثيل والمساحات ضيقة جدا وبالتالي صعب جدا نقلها الي مكانها الأساسي ووضعها هناك،وهو ما يجعل إعادة المسلة لمكانها الأساسي مستحيل،والمسلة موجودة في مكانها الحالي منذ حوالي 100 عام،حيث وضعها الفرنسيون العاملون في الآثار حينها مائلة، لأنها كانت بطبيعة الحال واقعة علي الأرض وهم رفعوها قليلاً بنفس وضعها ووضعوها علي قاعدتين خرسانيتين،خاصة أنها انهارت في السابق وكان المعبد مردوما وكان افضل حل حينها وضعها في مكان مستوي مرفوعا عن الأرض قليلاً.
وقال:المرممون حالياً رأوا أن المسلة بوضعها الحالي علي المدي البعيد ليس في صالحها،كون وزنها ثقيل جدا ومسنودة أفقياً من الأول والآخر،مما يعرض الجزء الأكبر في المنتصف واسفله لا يوجد شيئ لأضرار مستقبلاً بسبب جسم المسلة خاصة أنه مصمم ليوضع رأسيا كتلة واحدة وليس أفقيا كما هو حاليا
وكان افضل اقتراح أن يتم توقيفها ولكن في موضع يبعد عن مكانها الحالي حوالي 4 أمتار، ولهذا سبب متعلق بوقائع تاريخية حدثت في المعبد،حيث شهد الجدار الغربي لهذا الفناء بالمعبد قيام الرومان قديما بعمل فتحة كبيرة بمساحة حوالي 15-20 متر في هذا الجدار،وذلك كي يتمكنوا من تحريك احدي مسلات الملك تحتمس الثالث إلي خارج المعبد،والتي نقلوها الي روما،حيث حركوا المسلة من شرق الكرنك واضطروا حينها لتكسير الجزء العلوي من المعبد وينتمي للأسرة 25 وعملوا هذه الفتحة لإخراج المسلة حتي النيل،والتي ذهبوا بها الي الإسكندرية ومنها الي روما
وأضاف المصدر:المسلة الحالية اخترنا لها مكاناً لإعادة توقيفها مرة أخرى أمام هذه الفتحة التي صنعها الرومان قديما،وسيتم وضعها هكذا ليعرف الناس كيف تم نقل المسلات من مصر قديما،والخرسانة التي ستقام حالياً ستكون مختفية تماما في الأرض ولن تشوه المكان ولا ستؤدي لتغيير في تصميمه،كما أن هذه الخرسانة ضرورية لتتحمل الوزن الثقيل للمسلة ما بين 80-100 طن وهو وزن ثقيل جدا جدا،وهذه القاعدة الخرسانية ستغطي بأحجار متناسبة مع طبيعة وشكل المكان،كما أن الأرض هناك ترابية ولن تسبب القاعدة الخرسانية لها أي أضرار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق