06‏/11‏/2024

سرابيط الخادم..السحر والغموض علي أرض سيدة الفيروز في كتاب جديد..تفاصيل وصور

علاء الدين ظاهر 

سرابيط الخادم اسم يحمل كثيراً من معانى السحر والغموض, ونُسجت حوله كثير من الروايات والأساطير, هو اسم مكان منه استمدت سيناء شهرتها ولقبها (أرض الفيروز)..كثير من الأسرار التاريخية حول هذا المكان الساحر تناولها مصطفى محمد نور الدين كبير باحثين بمنطقة آثار جنوب سيناء،وذلك في كتابه الجديد بعنوان"سرابيط الخادم ومحيطها الأثري"،من إصدار المؤسسة العربية المتحدة للنشر والتوزيع.





نور الدين قال أن سرابيط الخادم هى موقع مناجم الفيروز, فكلمة سربوط هى مفرد سرابيط ومعناها الحجر القائم, أما الخادم فيعود للون الصخر الداكن بالمنطقة وهو من الحجر الرملي النوبي، ترجع أهمية المنطقة لوجود معبد حتحور وهو أقدم معبد فرعونى بسيناء وتنتشر حول المعبد أكثر من 28 مغارة لاستخراج الفيروز.




وعلى واجهات الكثير من تلك المغارات نقوش هيروغليفية توثق أعمال بعثات التعدين المصرية، وبسرابيط الخادم منطقة روض العير وتحتوي على عدد كبير من الرسوم والنقوش الصخرية المميزة، وفى محيطها توجد أهم مناطق التعدين المصرية القديمة, ومناطق أخرى بها آثار للحضارات التى مرت على أرض سيناء.



 وتقع سرابيط الخادم فى عمق جنوب سيناء وسط مواقع طبيعية خلابة تلامس جبالها السماء وتتشابك أوديتها كالشرايين ننتقل عبرها من موقع لآخر, ويعيش بها مزيج من عدة قبائل فى أمن وسلام, وزيارة سرابيط ربما تتطلب مجهوداً للصعود للمعبد ولكن الأشياء الجميلة دائما تستحق العناء, هى رحلة ثقافية وروحية وترفيهية نرى فيها بديع صنع الله فى أرضه، وعظمة الحضارة المصرية القديمة ممتزجة بالتراث السيناوى الأصيل من عادات وتقاليد ومصنوعات وفنون. 





يتكون الكتاب من 5 فصول،الأول بعنوان"أرض الفيروز" والثاني"،منطقة سرابيط الخادم،والثالث"معبد حتحور" والرابع"حول سرابيط الخادم"،والفصل الخامس"محيط سرابيط الخادم الأثري"،وقال مؤلفه أنه يهدف منه إلى فتح مقصد سياحى جديد وفريد يساهم فى زيادة الليالى السياحية بجنوب سيناء،حيث تتجه الأنظار حالياً إلى منطقة خليج العقبة لما تمتلكه من شواطئ خلابة فى شرم الشيخ ودهب ونويبع وطابا, ومناطق غوص فريدة مثل البلوهول والثرى بولز والكانيون, فأصبحت شرم الشيخ مدينة عالمية كبيرة وتميزت دهب بخصوصيتها كمنتجع فريد.



كما تفردت سانت كاترين كمدينة دينية يزورها الحجاج من كل مكان, وأقامت الدولة مشروع التجلى الأعطم لتنميتها, ولكن على الجانب الأخر بغرب سيناء فى مناطق خليج السويس توجد أفاق للتنمية المستدامة قوامها المناطق الأثرية والبيئية الفريدة, والتى من الممكن باستثمارات قليلة أن تتحول لمصدر للدخل القومى وتوفر آلاف فرص العمل دون التأثير على طبيعتها بعوامل مثل التلوث والضوضاء, ومن تلك المناطق وأهمها سرابيط الخادم والمناطق المحيطة, هنا أحاول أن أضع تجربتى فى تلك المناطق الساحرة بين يدى القارئ العاشق للهدوء والنقاء فهو مشروع لرحلة تجوب أفاق مناطق تراثية وطبيعية فريدة, وهى رحلة لشحن الطاقة الإيجابية وطرد الطاقات السلبية والتخلص من تلوث المدينة وضجيجها.  



وحتحور التى شُيد المعبد لعبادتها هى سيدة الفيروز معنى اسمها (حوت-حر) مأوى وملاذ حورس, لعبت حتحور دوراً رئيسيًا فى أسطورة إيزيس وأوزوريس، ومن صفاتها أنها عين رع التى أرسلها لتأديب البشر فأمعنت فى قتلهم حتى كادوا أن يفنوا، كما ورد فى أسطورة هلاك البشرية.




 وإعتقد المصري القديم أنه حين تشرق حتحور بجمالها وجلالها يستطيع رع أن يضئ الشمس, وحين يرى البشر إطلالتها البهية تجدهم سكارى من النشوة, كتب أحد نبلاء طيبة فى عصر الأسرة الثامنة عشرة ويدعى "ماي" على جدران مقبرته مخاطباً حتحور: (إن جمال وجهك يتألق حين تشرقين.. أقبلى فى سلام أيتها البهية.. لقد ثملت بروعة حسنك يا حتحور الذهبية) وفى قرية العمال بدير المدينة عُثر على نصوص تستحضر طاقة حتحور وجاذبيتها لرد الحبيب أو الأبن الضال.



وفى الفصل 162 من كتاب الخروج إلى النهار هناك تلاوة سحرية من قرأها على تمثال من الذهب لبقرة فانه يتمتع بجاذبية جنسية وتسرى فى جسده طاقة هائلة, فالطاقة الجنسية هى فى الأصل طاقة الحياة, وحتحور هى ربة الجاذبية الجنسية و التألق و الاشراق و الخصوبة و الحب و النشوة و تنفرد بين كل التجليات الالهية الأخرى بأنها هى التى تشعل الرغبة فى ممارسة الحب و تمنح من خلالها طاقة الحياة و النشوة الروحية ان اشراقة حتحور و بهاءها يمكن أن يتخلل كل شئ فى الطبيعة و يصل الى أعمق الأماكن وسط الجبال بل الى قلب الأرض التى تولد من رحم حتحور.





وحتحور ربة الحب والموسيقى, وآلهة الرضاعة، وربة الجمال، عُبدت فى كل العالم القديم وأدمجت مع عشتارت وأفروديت، مقر عبادتها الرئيسي فى دندرة، وتنتشر معابد حتحور فى كوم الحصن وهليوبوليس فى الدلتا, طهنا وبني حسن وأسيوط فى مصر الوسطى, وفى أبيدوس ودندرة والجبلين بالصعيد, وهنا فى سيناء وما يقع شرقها هى ربة البلاد الأجنبية، وفى سرابيط الخادم هى ربة الفيروز, فشيدوا لها معبداً فوق الجبل وسط مغارات استخراج الفيروز ليعبدوها راجين أن تنعم عليهم بكميات من الفيروز الجيد وأن تحميهم وتعيدهم لبيوتهم سالمين.



ووصف النص رقم 486 من متون التوابيت حتحور بأنها ربة الفيروز التى يتجلى حسنها حين تنفلق الصخور وحين تنفتح كهوف حتحور وبأنها الربة التى تشرق بلونها الفيروزى فى الأفق الشرقى, وحتحور سرابيط الخادم هى أحد الحتحورات السبع التى ترعى الوليد أول سبعة أيام من عمره بعدها يحتفلون ويقيمون السبوع، هنا فى سرابيط جسدت فى هيئة أنثوية برداء حابك وقرني بقرة وينتشر أسمها على كل اللوحات، وأعمدة المعبد هى الأعمدة الحتحورية التى تشكل قمتها على هيئة رأس حتحور, بجانب حتحور قُدست آلهة أخرى بسرابيط الخادم مثل سوبد, حورس وتحوت, بتاح, وبتاح سكر, وبتاح سكر أوزيريس, أتوم وجب, خنتى ختى, نيت, نمتى.



وقال مصطفي نور الدين:أكتب هذا الكتاب بطريقة علمية موثقة ومبسطة لإفادة المتخصصين وغيرهم من هواة المشى فى البرية ومحبى سيناء، لكي يكون دليلاً آثرياً للباحثين, وسياحيًا مزودًا بالحقائق الأثرية والمعلومات التاريخية، مدعما بالصور التى قمت بتصويرها بنفسى أو صورها بعض الأصدقاء المصورين ممن استضفتهم فى سرابيط الخادم وأعطونى نسخاً من صورهم أستعنت ببعضها, وهم بدون ألقاب, أيمن برايز, إسلام عبد الرحيم, وليد عليوه, هشام سمير, محمود عبد الرازق, عبد الرحمن بيومى, بسنت السلامونى, إبراهيم مصطفى, ليلى القونى, خلود شوقى ومحمد مصطفى فلهم كل الشكر والتقدير, كما اشكر المهندسة دينا فريد على تصميم الغلاف, وقد استعنت فى تحرير الكتاب بمجموعة كبيرة من الكتب والمقالات العلمية التي تتناول تاريخ جنوب سيناء وآثاره بشكل عام وسرابيط الخادم على وجه الخصوص.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق