24‏/07‏/2025

سَيْنَاء حصون وقلاع 1 .. سر إنتشار التحصينات الدفاعية علي أرضها من عصور تاريخية متعاقبة

علاء الدين ظاهر 

قادتني صدفة جميلة إلي الإطلاع علي كتاب مدهش بعنوان" سَيْنَاء..حصونها وقلاعها"ومؤلفه د.سامي صالح عبد المالك والذي يعد من أبرز الأثريين الذين عملوا في سيناء،وكتبه عنها تعد من المراجع المهمة في هذا المجال ومنها هذا الكتاب المهم الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب،ونستعرض مقتطفات منه عبر عدة حلقات.


وفي كتابه يقول د.سامي صالح عبد المالك:ارتبطت الحصون والقلاع في سيناء بالصحراء كبيئة جغرافية لها،فسيناء هي تلك الصحراء التي لم تشهد مثلها صحاري العالم عامة، أو صحاري مصر خاصة تلك الحركة والكثافة للجيوش المحتلة، والغازية، والفاتحة منذ عصور ما قبل التاريخ حتى العصر الحديث، وذلك بفضل موقعها البوابي الحاكم فهي بوابة مصر الشرقية، وأخطر مدخل لمصر على الإطلاق، وبلا منازع، وهمزة وصل الشرق بالغرب.


وعلى الرغم من أنها جغرافيا صحراء جرداء فإنها تتمتع بفراغ إستراتيجي متفرد و نادر، فمن لم يضع يده عليها، لا يمكن أن يضمن البقاء في مصر مهما أوتي من قوة، لأنها أقل صحاري مصر عزلة، فانعكس كل ذلك على وجوب تحصينها بالعديد من الحصون والقلاع التي ترجع لعصور تاريخية متعاقبة منذ عصور ما قبل التاريخ حتى العصر الحديث، حتى أن مدنها التي نشأت فيها كانت كلها مسورة ومبوبة وحصينة، فكانت عبارة عن حصون ومعسكرات.


ونظرًا لتمتع سيناء بهذا الموقع الفريد الحاكم فكان من الواجب على المحتلين والفاتحين، الاهتمام بتشييد عمائر دفاعية سواء كانت مدنا محصنة ذات بوابات وأسوار، أو حصونا وقلاعا منفردة، وأبراجا للمراقبة مفردة، أُنيط بها كلها مهمة الحفاظ على تلك البقعة العزيزة، وتأمينها باعتبارها مدخلا ، وبوابة مصر من هذه الناحية، ويهمنا هنا من كل هذه الحصون والقلاع تلك التي شيدت منذ الفتح الإسلامي حتى نهاية العصر الأيوبي خاصة تلك التي شيدت في عهد السلطان البطل صلاحالدين الأيوبي حيث كانت سيناء في عصره أرض حرب لا طريق حرب فقط كما كان في السابق، مما تطلب تغيير الخطط الدفاعية عنها.



وتابع:كان وراء اختيارى للكتابة عن سيناء حصونها وقلاعها خاصة منذ الفتحالإسلامى لها حتى عهد صلاح الدين أو نهاية العصر الأيوبى - على الرغم من علمي أنه ليس بالأمر الهين السهل - العديد من الدوافع والأسباب منها ما هو كامن في شخصي، ومنها ما هو علمي صرف، فمن الأسباب الشخصية الرئيسة أنني نشأت في سيناء، ففيها ولدت وعلى أرضها الخالدة حبوت، ومن جود خيرها تربيت.


وفي مقتبل حياتي عاصرت الأيام الأخيرة من وجود الاحتلال الإسرائيلي حتى تم دحرهم في حرب العاشر من رمضان سنة ١٣٩٣ هـ الموافق السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣ م، ثم كان الانسحاب من كامل سيناء بعد توقيع معاهدة السلام في عام ۱۹۷۹م، كل هذه الأحداث المتلاحقة ولدت في نفسي حب جغرافيتها التاريخية، وتاريخها الموغل في القدم، وعبق تراثها الخالد، فهي صحراء من ذهب.


من هنا ونظرا التخصصي في الدراسات الآثارية والمعمارية، وقيامي بالعديد من المشروعات للمسوحات والتنقيبات الآثارية، كان لزاما وواجبا علي المشاركة قدر الإمكان في كتابة فصلية، أو وضع لبنة في هذا التاريخ الشامخ لسيناء، وذلك من خلال المساهمة في توضيح جانب مهم من تاريخها العريق الممتد منذ عصور ما قبل التاريخ حتى يومنا هذا، خاصة لتوافر فرصة ثمينة لي لكتابة تاريخ سيناء الحضاري في العصر الإسلامي من خلال تكامل المنهج العلمي بين ما ورد في المصادر التاريخية، والوثائقية، والمكتشفات الآثارية التي تمت عن طريق الحفائر الآثارية التي قمت بها، أو شاركت فيها.


فالمكتشفات الآثارية تسهم بشكل جاد ومهم في تحديث المعلومات التاريخية الحضارية خاصة لو كانت نقوشا كتابية تعميرية وإنشائية، فمن الممكن إضافة منشآت لم تكن معروفة من قبل في النصوص التاريخية المختلفة، أو تكون المكتشفات تأكيدًا لما ورد في النصوص التاريخية وهي أيضا تعتبر من الدوافع والأسباب العلمية الرئيسة لاختيار موضوع هذا الكتاب، وبناءً عليه قررت منذ البداية أن يكون بحثي عن فترة مهمة وحاسمة في تاريخ وآثار سيناء خلال العصور الوسطى، وهي مدة الصراع والمواجهة بين الشرق والغرب المعروفة والشهيرة في مصادرنا بحروب الفرنج وفي مصادرهم بالحروب الصليبية، وما ترتب عليها من ازدهار نوع من العمارة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق