علاء الدين ظاهر
ساعات وتتفتح مصر واحدًا من صروحها الثقافية المتفردة وهو المتحف المصرى الكبير,حيث أن فكرة المتحف كصرح ضخم وعصري هو امتداد طبيعي لتاريخ مصر العريق في بناء مشروعات عملاقة تعكس قوة الدولة المصرية وقدرتها على تحقيق إنجازات هندسية ومعمارية مذهلة عبر العصور,وهو ما أكده الدكتور أشرف أبو اليزيد رئيس الإدارة المركزية للمتاحف النوعية بوزارة السياحة والأثار.
أبو اليزيد قال ل #آثار_مصر : لقد تركت الدولة المصرية بصفتها أعرق الدول وأطولها استمرارية بصماتها في مشروعات ضخمة أثّرت في مسار التاريخ،ففي مصر القديمة تُعدّ الأهرامات، وعلى رأسها الهرم الأكبر، المثال الأكثر وضوحًا على المشروعات القومية العملاقة،فلم تكن الأهرامات مجرد مقابر ملكية، بل كانت تتويجًا لجهد تنظيمي هائل، شارك فيه عشرات الآلاف من العمال المهرة، واستغرق بناؤها عقودًا طويلة،إنها تمثل قمة التخطيط الهندسي والقدرة على حشد الموارد لتحقيق هدف واحد،وربما ليس من قبيل المصادفة أن يكون المتحف المصري الكبير والأهرامات متجاوران في منطقة واحدة،ولما لا وهما مشروعان قوميان شاهدان علي قوة وعراقة الدولة المصرية عبر التاريح.
مشروعات تتوارثها الأجيال
وتابع أبو اليزيد:كما شيدت معبد الكرنك في الأقصر،هذا المجمع الديني الهائل الذى يعد أكبر موقع ديني قديم في العالم، استمر بناؤه لأكثر من ألفي عام، فقد كان كل فرعون يضيف فيه جزءًا جديدًا ليُظهر عظمته ويجعله هذا المقياس الزمني الطويل والحجم الضخم مثالاً فريدًا على المشروعات التي تتوارثها الأجيال،كما لا يمكننا أن ننسى قناة سنوسرت الثالث التى عرفت باسم سيزوستريس كأول محاولة لربط البحرين الأحمر والأبيض عن طريق النيل،مما يعكس الرؤية المتقدمة التى كان المصريون القدماء يتمتعون بها لتسهيل حركة التجارة واستغلال موارد الدولة الطبيعية وربط مصر بالأقاليم من حولها.
وفي العصر الإسلامي أسس المصريون الجامع الأزهر في عام 970 م، الذى لم يكن مجرد مسجد، بل أصبح بعد ذلك أقدم جامعة في العالم،حيث إن مشروعًا بهذا الحجم الروحي والمعماري والتعليمي لم يهدف فقط لخدمة العبادة، بل كان صرحًا شامخًا للعلم والمعرفة أثّر في العالم الإسلامي وما يزال لأكثر من ألف عام،كما بنى صلاح الدين الأيوبي قلعة الجبل على جبل المقطم في القرن الثاني عشر الميلادى لتكون مركزًا للحكم وحصنًا منيعًا يسيطر على المدينة،إنها ليست مجرد مبنى واحد بل مجمعًا ضخمًا من القصور والمساجد والتحصينات التي خدمت كمركز لحكم مصر لأكثر من 700 عام، مما يدل على أهمية المشروع وطول عمره.
ترويض نهر النيل
وفي العصر الحديث كان حفر قناة السويس أهم ما أنجزته مصر من مشروعات في القرن التاسع عشر حيث،ربط هذا المشروع الهندسي العملاق البحر المتوسط بالبحر الأحمر،وغير مسار التجارة العالمية،خاصة أن حفر القناة كان تحديًا هائلاً يتطلب جهودًا بشرية وتكنولوجية ضخمة،وما زلنا نرى أثره الاقتصادي والسياسي قائماً حتى اليوم،كما شيدت مصر السد العالى لترويض نهر النيل في ستينيات القرن العشرين،كأحد أكبر المشروعات الهندسية في العالم،مستهدفة التحكم في فيضان النيل وتوليد الكهرباء وتوفير المياه للزراعة على مدار العام،ولقد أحدث هذا المشروع تحولًا جذريًا في حياة المصريين واقتصاد الدولة.
كما شيدت مصر صروحًا ثقافية عملاقة فى أواخر القرن التاسع عشر والقرن العشرين تمثلت فى متاحف وطنية تحفظ تراثها وكنوزها،مثل المتحف المصرى ومتحف الفن الإسلامى والمتحف القبطى والمتحف اليونانى الرومانى وغيرها،وأعادت إحياء مكتبة الإسكندرية العريقة لتعيد إشعاعها الحضارى كما كانت قديمًا،تدخل مصر القرن الواحد والعشرين والألفية الجديدة بإهداء العالم متحفين عملاقين،افتتح أولهما المتحف القومى للحضارة المصرية فى عام 2021، واليوم يقف العالم على أطراف أصابعه أمام افتتاح المتحف المصرى الكبير.
مقصد سياحي عالمي
وأضاف:المتحف المصري الكبير لن يكون مجرد متحف،بل هو مشروع حضارى وثقافى عملاق،سيكون له تأثير كبير على مصر من عدة جوانب،فمن الناحية الإعلامية يحظى المتحف حتي من قبل إفتتاحه بتغطية عالمية غير مسبوقة وستمتد لفترة مقبلة،مما يساعد فى الترويج لمصر كوجهة سياحية فريدة، ومن الناحية السياحية والإقتصادية يتوقع ان يكون المتحف مقصدًا سياحيًأ عالميا مثل المتاحف العالمية الكبرى مثل اللوفر والمتحف البريطانى ومتحف المتروبوليتان وغيرها،مما يزيد من أعداد السياح الوافدين إلى مصر بشكل كبير,وسيسهم ذلك فى زيادة إيردات السياحة وتوفير العديد من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة فى قطاعات السياحة والخدمات والنقل والمقاولات وغيرها،كما ساهم المتحف فى تطوير البنية التحتية للمنطقة المحيطة مثل توسعة الطرق ووصول مترو الأنفاق وإنشاء مطار سفنكس لخدمة المنطقة السياحية ومنطقة غرب القاهرة بشكل عام.
وجهة الباحثين والعلماء
ومن الناحية الأثرية يعرض المتحف لمجموعة توت عنخ آمون كاملة لأول مرة إلى جانب المئات من القطع الأثرية الفريدة من الحضارة المصرية القديمة،كما يوفر المتحف مركزًا للأبحاث والمكتبات المتخصصة ومركز ترميم وصيانة عالمى مما يجعله وجهة للباحثين والعلماء من شتى أنحاء العالم،كما يساهم المتحف فى تعزيز صورة مصر كدولة ذات ثقافة عريقة ووجهة سياحية رائدة كما يعد أداة للدبلوماسية الثقافية فى كونه سيكون منصة لعقد المؤتمرات والندوات العلمية والأنشطة الثقافية مما يعزز العلاقات الدولية لمصر مع العالم.
وأنهي أبو اليزيد كلامه قائلا:باختصار شديد سوف يمثل المتحف المصرى الكبير نقلة نوعية لمصر،حيث يجمع بين الأبعاد الثقافية والسياحية والإقتصادية،مما يجعله مشروعًا قوميًا مصريًا يضيف كثيرًا للهوية المصرية الحديثة مع غيره من المشروعات الثقافية المصرية الكبرى.


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق