علاء الدين ظاهر
لم يكن يعلم محبي التاريخ وعشاق الآثار أنهم علي موعد مع فاجعة كبري حدثت فبراير الماضي وآثارها مستمرة إلي الآن،وهذه الفاجعة تمثلت في فك مشهد وضريح آل طبا طبا الأثري بطريقة أفقدته قيمته الأثرية والتاريخية بشهادة قطاع كبير من متخصصي وأساتذة الآثار والترميم.
المشهد ظل لسنوات طويلة غارقا في المياه الجوفية،وعندما فكرت وزارة الأثار في حل لم تجد إلا فكه لإعادة تركيبه مرة أخري،لكنها فعلت ذلك بطريقة ابعد ما تكون عن هدف الحفاظ على الأثر،والمحزن أن ذلك تم علي مرأي ومسمع من رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية وهو أستاذ جامعي متخصص في الآثار الإسلامية !!.
اقرأ أيضاً
ولأن التفاصيل كثيرة ومحزنة لن نعيد سردها مرة أخري لكننا سنصارح قراء ومتابعي بوابة آثار مصر وكل محبي الآثار بما توصلنا إليه من معلومات وتفاصيل جديدة وموثوق فيها عن وضع المشهد الأثري حالياً،وذلك من مصادرنا المطلعة.
مصادرنا أكدت أنه لن تتم إعادة بناء مشهد أل طبا طبا مرة أخري في متحف الحضارة كما تردد سابقاً،خاصة أن د.أحمد غنيم رئيس هيئة المتحف قال أن الضريح والمشهد الأثري لا يتبع المتحف ولسنا مسئولون عنه
وقالت المصادر أن ذلك سيتم في مكان أخر قريب من موقع المتحف والموقع الأصلي للمشهد الأثري الذي كان فيه،وهذا المكان كما رجحته المصادر في جانب من حديقة الفسطاط الجديدة خلف متحف الحضارة،وأحجار المشهد الذي تم فكها موجودة حاليا في مكان قريب من المتحف.
وكشفت مصادرنا أن مكتب الأمين العام للمجلس الأعلي للأثار بعث للوحدة الإنتاجية يسأل عن سر توقف العمل في موقع المشهد الأصلي،الذي كما قالت المصادر هناك بعض أجزاء منه موجودة حتي الأن في مكانه الذي تم فكه منه،وهذه الأجزاء أسفل الماء الموجود في المكان،وطالبهم مكتب الأمين العام بلهجة حادة أنه لا بد من إستكمال العمل هناك سواء في إستكمال الفك إو في الإعداد لإعادة البناء مرة أخري.
ولمزيد من التوضيح كشفت لنا مصادرنا تفاصيل جديدة عن المشروع منذ البداية،حيث كان سيتم طرحه من قبل وزارة الأثار ممثلة في قطاع الأثار الإسلامية،والذي كان مقررا أن يطرح مشروع فك وإعادة تركيب مشهد أل طباطبا،وقام الأمين العام للمجلس الأعلي للأثار بإسناد المشروع للوحدة الإنتاجية بالوزارة، فيما قام أحد مستشاري الوزارة بجلب شركة أخري لعمل مقايسة المشروع فك وإعادة تركيب ولاند سكيب ب 3 مليون جنيه
وقالت المصادر ان شركة المقاولون العرب كانت قد قدمت دراسة إستشارية للمشروع بتكلفة 45 مليون جنيه،وان كانت القيمة مرتفعة لكن مشروعها كان الأفضل والأنسب للاثر،حيث كان يتضمن خفض منسوب المياه الجوفية وتدعيم الأساسات وفك وإعادة تركيب المشهد الأثري في مكانه.
وكانت المياه الجوفية والتحت سطحية الموجودة بالمكان ستتم لها عملية ديب فريزنج،بحيث سيتم تجميد المياه أسفل المشهد وجدرانه وأساساته،وحينما تتجمد المياه ستصبح مثل الكتلة الحجرية وبالتالي تساهم في تحمل الوزن،كذلك لن تكون مصدرا لرطوبة الأثر،وبالتالي لا تؤدي لتلفه،وكانت ستتحمل هذه التكلفة وزارة الأوقاف
وطبقا للمصادر فإن الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار حينها أخبر الوزير أنه سينفذ المشروع بالجهود الذاتية للوزارة من خلال الوحدة الإنتاجية بتكلفة أقل،والوحدة بدورها قدمت عرضا بتكلفة 7 مليون جنيه،إلا أنه قام أحد مستشاري الوزارة بجلب شركة قدمت عرضا قدره 3 مليون جنيه.
وأحد المتخصصين في الترميم حينها حذر من ضياع الأثر،خاصة أنه لم يتم عمل جسات أسفل المشهد ولا حفائر، وسيؤدي ذلك الي طمس الأثر مما جعل الشركة تتراجع،وتم في النهاية إسناد الأمر لمقاول جديد بإشراف من قطاع الأثار الإسلامية والوحدة الإنتاجية،وكما حدث تم فك أحجار المشهد كما رأيناها وحاليا مشونة"مخزنة"
وقالت المصادر:الباقي حالياً بقايا الأساسات ويقال أنه مفروض عمل حفائر لأنه يمكن كشف كثير من الأشياء أسفل المكان،ولم توضح المصادر طبيعة هذه الأشياء التي قد توجد أسفل المشهد،وأحجار المشهد والضريح الأثري موجودة حاليا في مكان قريب من المتحف ورجحته المصادر بنسبة كبيرة أن يكون البيت الطولوني بجوار متحف الحضارة.
وطرحت المصادر بعض الأسئلة:هل تم فك أحجار المشهد بالطرق العلمية السليمة المتبعة؟،وهل تم ترقيم الأحجار لضمان إعادة تركيبها كما هي دون تغيير في طبيعة الأثر؟ وهل تم عمل معالجة كيميائية للأحجار قبل فكها وتشوينها؟،حيث أن الترقيم هذا يسهل إعادة البناء بشكل سليم،وللأسف الإجابة لا،وتم فك المشهد بأسلوب ليس علميا ولا صحيحا في حضور رئيس قطاع الأثار الإسلامية نفسه!!
وما زاد الأمر حزناً وألما أن الطريقة التي تم بها فك أحجار الأثر الإخشيدي الوحيد في مصر غيرت الطبيعة الأثرية للمكان وهويته التاريخية،وطبقا لمبادئ وأسس الترميم التي لم تتم مراعاتها في الفك،فإن الطبيعة الأثرية للضريح تغيرت بنسبة لا تقل عن 100% كما قالت المصادر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق